في عالم اليوم، حيث تتحكم التكنولوجيا العسكرية في توازنات القوى العالمية، لم تعد صفقات السلاح مجرد دفاعات عادية، بل أصبحت رسائل سياسية واضحة تعيد رسم الخريطة الاستراتيجية للمنطقة والعالم. في هذا الإطار، تبرز المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة كلاعبَين أساسيين في سباق التسلّح المشتعل بالشرق الأوسط. حديث مقاتلات F-35 وF-47 في الأجواء الخليجية أصبح حديث الساعة، ويجذب أنظار العواصم الكبرى من موسكو إلى بروكسل.
تطور العلاقات الدفاعية بين السعودية والإمارات وأمريكا
شهدت العلاقات العسكرية بين دول الخليج، وتحديداً السعودية والإمارات، والولايات المتحدة تطورًا ملحوظًا خلال العقدين الماضيين. فقد أبرمت الدولتان صفقات تسليح ضخمة تقدر بتريليونات الدولارات، وشملت هذه الصفقات تحديث وتطوير القوات الجوية والبحرية، بالإضافة إلى أنظمة الدفاع الصاروخي المتطورة. ومع ذلك، لم يتم إدراج مقاتلات F-35 بشكل رسمي ضمن هذه العقود حتى الآن، ويعود السبب في ذلك إلى السياسة الأمريكية التي تهدف للحفاظ على “التفوق العسكري النوعي” لدولة إسرائيل في المنطقة.
لماذا تتأخر مقاتلات F-35 وF-47 عن الوصول للخليج؟
يشير العديد من المحللين العسكريين إلى أن الولايات المتحدة تتعمد تأجيل تصدير الطائرات الحربية الأكثر تطورًا، مثل مقاتلات F-35 وF-47، إلى دول الخليج العربي. هذا التأجيل نابع من مخاوف أمريكية تتعلق بإحداث أي خلل في التوازنات الإقليمية الحساسة. وتذكر التقارير أن هناك احتمالاً لتسليم نسخ معدلة “أقل حساسية” من طائرات F-35 بحلول عام 2030. أما مقاتلة F-47، فتبقى حتى هذه اللحظة طرازًا مخصصًا وحصريًا لإسرائيل.
بدائل مقاتلات F-35 وF-47: خيارات السعودية والإمارات خارج أمريكا
مع استمرار التعقيدات والقيود الأمريكية، بدأت كل من الرياض وأبوظبي في البحث عن بدائل لتنويع مصادر تسليحهما. من أبرز هذه الخيارات والبدائل المطروحة نذكر:
- مقاتلة “قآن” التركية: أثارت هذه المقاتلة اهتماماً واسعاً بفضل كفاءتها العالية وتكلفتها التنافسية.
- التحالفات الدفاعية مع كوريا الجنوبية وتركيا: تهدف هذه الشراكات إلى تصنيع مقاتلات من الجيل الخامس والسادس محليًا.
- التعاون البحثي لتطوير طرازات جديدة مثل F-55: يُتوقع أن تُنتج هذه الطرازات لأغراض التصدير، مع الحرص على عدم اختراق الالتزامات الأمريكية تجاه إسرائيل.
المستقبل الجوي للخليج: هل تحقق السعودية والإمارات تفوقًا مستقلاً؟
على الرغم من القيود التي تواجهها والتأجيلات المتكررة، تمضي المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات بخطوات ثابتة نحو بناء منظومة دفاع جوي متكاملة. تعتمد هذه المنظومة على دمج التكنولوجيا من مصادر متعددة، وتوفير التدريب المستمر للكوادر، بالإضافة إلى إقامة شراكات صناعية جديدة. هذا التوجه يمنح الدولتين قوة ردع قوية وفعالة، ويزيد من قدرتهما على التأثير في المنطقة، خاصة في ظل التحولات الأمنية المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط.