من جامعة الملك سعود.. خبراء إعلام يضعون خارطة طريق للتقارب الثقافي بين الرياض وبكين

يُعد الاتصال الثقافي بين السعودية والصين نموذجًا فريدًا للعلاقات الدولية التي تنمو على أسس من الاحترام المتبادل والتفاهم العميق، فمنذ لقاء كروي تاريخي وصولًا إلى شراكات استراتيجية، بنى البلدان جسورًا متينة تتجاوز الاقتصاد والسياسة لتمس جوهر الهوية والقيم المشتركة، وهو ما تم تسليط الضوء عليه في جلسة حوارية مهمة نظمها قسم الإعلام ممثلًا بلجنة النشاط والشراكة المجتمعية احتفاءً بالعام الثقافي السعودي الصيني 2025.

محطات تاريخية عززت الاتصال الثقافي بين السعودية والصين

في إطار فعاليات العام الثقافي السعودي الصيني، استضاف قسم الإعلام جلسة حوارية بعنوان “الاتصال الثقافي بين السعودية والصين: نظرة مستقبلية”، شارك فيها المهندس فهد عريشي، الكاتب الصحفي بوكالة الأنباء الصينية “شينخوا” وصحيفة الوطن والباحث المتخصص في الشأن الصيني، وقد أدار الحوار الدكتور أحمد معيدي، عضو هيئة التدريس بالقسم، بحضور لافت شمل رئيس قسم الإعلام الدكتور فيصل العقيل وأعضاء هيئة التدريس والطلاب والمهتمين، حيث استعرض عريشي المحطات الرئيسية التي شكلت وعي الشعبين ببعضهما البعض؛ مشيرًا إلى أن اللقاء الكروي الذي جمع المنتخب السعودي والصيني عام 1984م كان بمثابة الشرارة الأولى التي أضاءت فضول السعوديين والصينيين للتعرف على ثقافة الآخر، ومنذ تلك اللحظة الفارقة، بدأت وتيرة التواصل الرسمي تتصاعد بشكل إيجابي ومستمر، لتتحول العلاقة تدريجيًا إلى شراكة استراتيجية مزدهرة قائمة على زيارات متبادلة بين قيادات البلدين، مما أكد الأهمية القصوى التي يوليها الطرفان لتعميق الروابط في كافة المجالات.

اقرأ أيضًا: عاجل طقس اليوم في السعودية الأرصاد تحذر من غبار وأتربة

أبرز قنوات الاتصال الثقافي بين السعودية والصين وتأثيرها الممتد

أوضح المهندس عريشي أن المفتاح الحقيقي لنجاح أي علاقة بين الشعوب يكمن في التواصل الفعّال، وهو ما ينطبق تمامًا على مسار **الاتصال الثقافي بين السعودية والصين**، حيث اعتمد البلدان على قنوات متعددة لبناء جسور تفاهم راسخة، وقد كان للتعليم دور ريادي في هذا المسار، ففي عام 1998، أطلقت شركة أرامكو السعودية أولى مبادراتها بإرسال دفعة من طلابها للدراسة الجامعية في الصين، لتتبعها وزارة التعليم بأول بعثة رسمية في عام 2008، وفي خطوة أكاديمية فارقة، كانت جامعة الملك سعود أول جامعة سعودية تدرج اللغة الصينية ضمن برامجها رسميًا في عام 2009، مما أسس لقاعدة أكاديمية متينة لتعليم اللغة والثقافة الصينية في المملكة، وقد أثمر هذا النهج عن تعزيز التفاهم بين الأجيال الجديدة.
إلى جانب التعليم، برزت الثقافة والفنون كقناة حيوية لتعميق العلاقات، حيث شهد عام 2017 افتتاح مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في جامعة بكين لتكون منارة حضارية تربط الذاكرة العربية العريقة بالحضارة الصينية الممتدة، كما جاءت جائزة الأمير محمد بن سلمان للتبادل الثقافي بين السعودية والصين في عام 2022 لتتوج هذه الجهود، إذ تهدف إلى تكريم الأكاديميين والمترجمين والأدباء من كلا البلدين الذين ساهموا في تعزيز الحوار وتشجيع الدراسات البحثية المشتركة التي تسبر أغوار الثقافتين، وتعتبر هذه المبادرات أساسًا لتقوية الاتصال الثقافي بين السعودية والصين على المستوى النخبوي والشعبي، وتجسد القنوات الرئيسية التي اعتمدها البلدان في بناء جسور التواصل ما يلي:

  • التعليم والابتعاث: حيث شكل إرسال الطلاب السعوديين إلى الصين، بدءًا من مبادرة أرامكو عام 1998 ومرورًا بالبعثات الرسمية، حجر الزاوية في بناء الفهم الأكاديمي المتبادل.
  • الثقافة والفنون: التي تجسدت في إنشاء صروح معرفية مثل مكتبة الملك عبدالعزيز بجامعة بكين، وإطلاق جوائز مرموقة كجائزة الأمير محمد بن سلمان للتبادل الثقافي.
  • الإعلام والتعاون الإخباري: من خلال الشراكة بين وكالة الأنباء السعودية (واس) ووكالة شينخوا الصينية لتبادل المحتوى الإعلامي الذي يصحح الصور النمطية ويعزز التقارب.

وقد مثّل الإعلام القناة الثالثة الأساسية في هذه المنظومة من خلال التعاون الوثيق بين وكالة الأنباء السعودية “واس” ونظيرتها الصينية “شينخوا”، حيث ساهم تبادل الأخبار والتقارير والبرامج الإعلامية في تقريب الصورة الذهنية لدى الشعبين وتعزيز الفهم المتبادل بعيدًا عن القوالب الجاهزة.

اقرأ أيضًا: عبارات تهنئة باليوم الوطني السعودي الـ95.. «دمت دار عز يا مملكة الخير»

آفاق مستقبلية ورؤى استراتيجية في الاتصال الثقافي بين السعودية والصين

ركز اللقاء في جزئه الأخير على استشراف المستقبل ورسم ملامح التعاون القادم في مجال **الاتصال الثقافي بين السعودية والصين**، مع تحليل نقاط التقارب والاختلاف بين الثقافتين وكيفية توظيفها لخدمة الأهداف المشتركة، وفي هذا السياق، وجه المهندس عريشي رسالة مباشرة للشباب السعودي المهتم بالثقافة الصينية أو الذي يخطط لزيارتها، مؤكدًا على أهمية بناء علاقات ثقة جيدة ومستدامة تقوم على احترام القيم الثقافية للطرف الآخر، فمن خلال هذه العلاقات يصبح كل فرد سفيرًا لبلاده، قادرًا على نقل صورة إيجابية ومشرقة عن الثقافة السعودية الأصيلة، وهذا التفاعل الإنساني المباشر هو الذي يضمن استمرارية ونجاح **الاتصال الثقافي بين السعودية والصين** على المدى الطويل.
وفي نهاية الجلسة الحوارية، قام الدكتور فيصل العقيل، رئيس قسم الإعلام، بتكريم الضيف المهندس فهد عريشي وتقديم درع تذكاري له تقديرًا لمشاركته القيّمة وإسهاماته في إثراء النقاش حول مستقبل العلاقات الثقافية بين البلدين.

اقرأ أيضًا: مبادرات تعليمية مبتكرة.. هكذا تميّز جناح تعليم مكة في مهرجان الرياضيات والعلوم