خلف الجدران المنهارة.. جيل يمني كامل يخسر معركته من أجل التعليم

تتجسد أزمة التعليم في اليمن في صورة قاتمة لمستقبل جيل بأكمله، حيث يجد ملايين الأطفال أنفسهم محبوسين في قفص الصراع الدائر الذي استنزف آخر ما تبقى من أمل في الحصول على مقعد دراسي، فهذه الكارثة لم تعد مجرد أرقام إحصائية بل أصبحت واقعًا ملموسًا يهدد بنية المجتمع اليمني بالكامل.

الصراع الدائر لم يكتفِ بإشعال فتيل الحرب بل امتد ليحرق أحلام الأطفال، حيث تشير تقديرات منظمة اليونيسف إلى أن ما يقرب من خمسة ملايين طفل يمني قد تسربوا من التعليم، وهو رقم مفزع يعكس حجم الكارثة الإنسانية والتعليمية التي تتفاقم يومًا بعد يوم، فهؤلاء الأطفال لم يفقدوا فقط حقهم في التعلم؛ بل فقدوا أيضًا بيئتهم الآمنة التي تحميهم من مخاطر الشارع والاستغلال، ما يجعل أزمة التعليم في اليمن بوابة لمشاكل اجتماعية أعمق وأكثر تعقيدًا.

اقرأ أيضًا: 3 مليارات ريال.. بدء إيداع الدفعة 95 من حساب المواطن للمستفيدين رسميًا

معاناة الطلاب في قلب أزمة التعليم في اليمن

تتكشف فصول هذه المأساة بوضوح في المحافظات التي تقع على خطوط التماس والنزوح مثل محافظة لحج، ففي تلك المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة، لم يعد أمام الطلاب خيار سوى اللجوء إلى خيام مهترئة أو كرفانات متهالكة لتكون فصولهم الدراسية، وهذه البيئات التعليمية البديلة لا تفتقر فقط لأبسط مقومات الأمان والسلامة؛ بل تستنزف أيضًا آخر ما تبقى من شغف للتعلم لدى الأطفال والمعلمين على حد سواء، حيث يعاني المعلمون المتطوعون من ظروف قاسية تحت وطأة درجات الحرارة المرتفعة ونقص الإمكانيات، ما يدفع العديد من الأسر إلى التفكير في العودة إلى مناطق الخطر في محاولة يائسة لإنقاذ مستقبل أبنائهم من الضياع التام.

انهيار الكادر التدريسي وتفاقم أزمة رواتب المعلمين في اليمن

لا تتوقف العقبات عند تدهور البنية التحتية، بل تصل إلى جوهر العملية التعليمية المتمثل في المعلم الذي يمثل العمود الفقري لأي نظام تعليمي ناجح، ففي ظل استمرار أزمة التعليم في اليمن، يواجه المعلمون أعباءً متزايدة تترافق مع أزمة حادة في الرواتب، ووفقًا لمصدر تربوي في صنعاء، فإن المبالغ التي تُصرف لهم لا تتعدى كونها دفعات ضئيلة من مستحقاتهم المتأخرة لسنوات طويلة، بينما حُرم عشرات الآلاف منهم من رواتبهم بالكامل، هذا الوضع المأساوي أجبر الكثيرين على هجر مهنة التدريس للبحث عن مصادر رزق بديلة، كما حدث مع المعلم عبد فارع الذي ترك مهنته بعد 28 عامًا من العطاء، الأمر الذي ينذر بانهيار وشيك للجهاز التعليمي الذي يعتمد عليه مستقبل أكثر من 40 مليون نسمة.

اقرأ أيضًا: كشف مفاجئ بالتواريخ.. عبدالعزيز الحصيني يحدد موعد عودة البرد الفعلي

تدمير البنية التحتية التعليمية وجهود إنقاذ مستقبل اليمن

يواجه قطاع التعليم اليمني تحديًا وجوديًا يتمثل في التدمير الممنهج للمنشآت التعليمية، فالحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي لم تقتصر على الاضطرابات الموسمية بل تحولت إلى استهداف مباشر للمدارس، حيث تشير التقديرات إلى تدمير أو تحويل ما يقارب 4,000 مدرسة إلى مناطق خطرة، مما جعلها غير صالحة للاستخدام التعليمي وأصبحت تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة الأطفال. لقد تحولت هذه المدارس إلى:

  • حقول ألغام تهدد حياة الطلاب.
  • ثكنات عسكرية للمقاتلين.
  • مناطق محظورة يُمنع الأطفال من الاقتراب منها.

في خضم هذا المشهد المظلم، تظهر بعض المبادرات الدولية والإقليمية كمحاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من النظام التعليمي المنهار، حيث تبنى البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن خلال السنوات الأخيرة عددًا من المشاريع الحيوية التي تهدف إلى إعادة عجلة التعليم للدوران، وقد شملت هذه الجهود إعادة تأهيل وتجهيز 130 مدرسة، إلى جانب تنفيذ خطط شاملة لتدريب المعلمات في المناطق النائية، وهي خطوة استراتيجية تستهدف إنقاذ الفتيات من خطر التسرب وضمان إلحاقهن بالركب التعليمي.

اقرأ أيضًا: في 4 خطوات.. الاستعلام عن تفاصيل الاعتراضات | إليك طريقة معرفة حالتك الآن

إن هذه الجهود، رغم أهميتها، تظل بحاجة إلى دعم دولي مستمر ومستدام لإعادة بناء الثقة في نظام تعليمي مدمر وإطلاق سراحه من القفص الذي وضعته فيه الحرب، ليعود الأمل من جديد إلى ملايين الطلاب الذين ينتظرون فرصة لاستكمال تعليمهم.

اقرأ أيضًا: مسابقة القرآن الكريم في تبوك تفتح أبوابها لجميع الطلاب والطالبات