العلماء يعيدون تعريف مرض الزهايمر: لم يعد مرضاً للشيخوخة بل نوع ثالث من السكري.

تُظهر الأبحاث الحديثة أن علاقة ارتفاع سكر الدم بمرض الزهايمر أعمق مما كنا نتصور، حيث لم يعد يُنظر إلى الزهايمر كمرض شيخوخة منعزل، بل كاضطراب أيضي دماغي معقد، وقد دفع هذا الارتباط الوثيق العلماء إلى صياغة مصطلح جديد هو “السكري من النوع الثالث”، مما يفتح آفاقًا جديدة لفهم كيفية تأثير الجلوكوز بشكل مباشر على شيخوخة الدماغ والإصابة بالخرف.

يعتبر الدماغ العضو الأكثر استهلاكًا للطاقة في الجسم البشري، معتمدًا بشكل أساسي على الجلوكوز كوقود لتشغيل وظائفه المعقدة، وعندما تبقى مستويات سكر الدم ضمن معدلاتها الطبيعية، تحصل خلايا الدماغ على تغذية كافية تضمن عملها بكفاءة مثالية، لكن المشكلة الحقيقية تبدأ عند استمرار ارتفاع السكر لفترات طويلة، حيث يتسبب ذلك في سلسلة من الأضرار التي تصيب الخلايا العصبية والأوعية الدموية الدقيقة، ومع مرور الوقت، تزداد عرضة الدماغ للضمور أو ما يُعرف بانكماش الدماغ، وهي إحدى السمات الفارقة لمرض الزهايمر، وتوضح الدراسات أن هذا الارتفاع المزمن يؤدي إلى نتائج وخيمة.

اقرأ أيضًا: عاجل.. تردد قناة ثمانية على نايل سات لمشاهدة دوري روشن السعودي بجودة عالية

التأثير السلبي لارتفاع السكرالنتيجة المباشرة على الدماغ
ضعف تدفق الدم إلى الأنسجةنقص الأكسجين وتغذية الخلايا العصبية
زيادة الالتهاب المزمنتلف الخلايا المسؤولة عن الذاكرة والانتباه
ارتفاع الإجهاد التأكسديتسريع عملية شيخوخة خلايا الدماغ

كيف تمهد مقاومة الأنسولين الطريق أمام علاقة ارتفاع سكر الدم بمرض الزهايمر؟

لا يقتصر دور هرمون الأنسولين على تنظيم السكر في الدم فقط، بل يتجاوزه ليلعب دورًا محوريًا في حماية الخلايا العصبية وتعزيز التواصل بينها داخل الدماغ، وعندما يصاب الجسم بحالة “مقاومة الأنسولين”، حيث تفقد الخلايا قدرتها على الاستجابة لهذا الهرمون الحيوي، يمتد هذا الخلل ليصيب الدماغ أيضًا، مما يضعف قدرته على استخدام الجلوكوز كمصدر للطاقة، وهو ما يفسر سبب تسمية الزهايمر بـ”السكري من النوع الثالث”، ففي هذه الحالة يصبح الدماغ عاجزًا عن تغذية نفسه بكفاءة، تمامًا كما يحدث في خلايا الجسم لدى مرضى السكري من النوع الثاني، وقد أكدت دراسة نشرت في مجلة الجمعية الفسيولوجية الأمريكية عام 2022 أن كبار السن الذين يعانون من مقاومة الأنسولين يظهرون انخفاضًا ملحوظًا في نشاط مناطق الدماغ المسؤولة عن الذاكرة والتعلم، ما يسلط الضوء على خطورة هذه العلاقة.

الالتهاب والإجهاد التأكسدي: أثر سكر الدم المباشر على صحة الدماغ

عندما ترتفع مستويات سكر الدم باستمرار، يتحول الجسم إلى بيئة خصبة لإنتاج الجذور الحرة، وهي جزيئات غير مستقرة تهاجم الخلايا وتسبب ما يُعرف بالإجهاد التأكسدي، وهذا الإجهاد يُلحق ضررًا مباشرًا بالحمض النووي والبروتينات داخل خلايا الدماغ، مما يسرّع من شيخوختها ويضعف الذاكرة تدريجيًا، وفي الوقت نفسه، يحفز تناول السكريات المكررة إفراز السيتوكينات الالتهابية التي تسبب التهابًا مزمنًا يعطل الإشارات العصبية، وهذا الالتهاب المستمر يعجل بتدهور القدرات الإدراكية ويزيد خطر الخرف بنسبة 60% لدى مرضى السكري، كما تتشكل مركبات ضارة تعرف بمنتجات التحلل السكري المتقدمة (AGEs)، والتي تتراكم في الدماغ مسببة تصلب الأنسجة وتلف الخلايا العصبية، وهو ما وصفته دراسة في مجلة Neuroscience Research عام 2021 بأنه “صدأ الدماغ الصامت” الذي يؤكد عمق علاقة ارتفاع سكر الدم بمرض الزهايمر.

اقرأ أيضًا: مع انتهاء آخر المشاهد.. آية سليم تكمل دورها في مسلسل “في رواية أحدهم ورد وشوكولاتة”

هل يمكن الوقاية من مخاطر علاقة ارتفاع سكر الدم بمرض الزهايمر؟

الخبر الإيجابي هو أن هذا التدهور المعرفي ليس مصيرًا حتميًا، بل يمكن تأخيره أو حتى الوقاية منه عبر تبني نمط حياة صحي يركز على التحكم في سكر الدم، فالسيطرة على مستويات الجلوكوز لا تحمي الجسم من أمراض الأيض فحسب، بل تمثل خط الدفاع الأول للحفاظ على دماغ حاد وذاكرة قوية مع التقدم في العمر، وتعتبر الإجراءات الوقائية استثمارًا طويل الأمد في صحتك الإدراكية، حيث تساهم في تقليل الالتهابات وتحسين حساسية الأنسولين، مما يقلل من مخاطر علاقة ارتفاع سكر الدم بمرض الزهايمر بشكل كبير.

  • اتباع نظام غذائي متوازن غني بالخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة، مع تقليل السكريات المصنعة.
  • ممارسة النشاط البدني بانتظام، مثل المشي السريع أو السباحة، لتحسين حساسية الجسم للأنسولين.
  • الحفاظ على وزن صحي وتجنب السمنة التي تعد من أكبر عوامل تفاقم مقاومة الأنسولين.
  • الحصول على قسط كافٍ من النوم وتقليل التوتر، لأن كلاهما يؤثر بشكل مباشر على توازن الهرمونات وسكر الدم.
  • إجراء فحوصات دورية منتظمة بعد سن الأربعين لمراقبة مستويات سكر الدم وتقييم الوظائف الإدراكية.

إن فهم علاقة ارتفاع سكر الدم بمرض الزهايمر يمنحنا القدرة على اتخاذ خطوات استباقية لحماية عقولنا، فالاهتمام بما نأكله وكيف نتحرك ليس مجرد وقاية جسدية، بل هو درع حقيقي يحمي أغلى ما نملك وهو ذاكرتنا وقدرتنا على التفكير بوضوح.

اقرأ أيضًا: تعاون أكاديمي جديد.. وزير الأوقاف يشهد توقيع بروتوكول بين جامعة أسوان ونور مبارك الكازاخستانية