شاشات الهواتف “تسرق” كلمات الأطفال.. خبيرة توضح علاقتها المباشرة بتأخر النطق

تأثير الشاشات على تأخر النطق عند الأطفال أصبح مأساة صامتة تتكرر في بيوتنا، حيث نرى طفلاً يتقن تمرير المقاطع على الهاتف بيديه الصغيرتين، بينما يعجز لسانه عن تركيب جملة بسيطة, وهذا الهدوء الظاهري الذي يوفره الجهاز يخفي خلفه عزلة لغوية وكسلاً في اللسان، محولاً الطفل من كائن متفاعل إلى مجرد متلقٍ سلبي أمام عالم رقمي سريع يسرق منه فرصة الحوار والتفاعل الحقيقي.

كيف يساهم تأثير الشاشات في تأخر النطق عند الأطفال؟

إن اللغة لا تُكتسب من الأضواء الساطعة بل من الوجوه المعبرة؛ فالكلمات الأولى تولد من حوار حي بين الطفل وعائلته، حيث يراقب حركة الشفاه، ويلتقط نبرات الصوت المختلفة، وينصت للضحك والتعجب، ثم يحاول بخجل أن يقلد هذا العالم الصوتي الغني, ولكن عندما يصبح الهاتف وسيطاً أساسياً، يتآكل هذا الجسر التواصلي ببطء، فالطفل يتحول إلى متفرج صامت أمام سيل من الفيديوهات المتدفقة التي لا تمنحه وقتاً للتأمل أو السؤال، وكل دقيقة يقضيها أمام الشاشة هي دقيقة مسروقة من زمن كان يمكن أن يُستثمر في قصة تروى أو لعبة تفاعلية، ما يؤكد أن تأثير الشاشات على تأخر النطق عند الأطفال ينبع من طبيعة هذا التواصل أحادي الاتجاه الذي يغيب فيه التفاعل.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. محافظ الدقهلية يكشف حقيقة منع المواطنين من ارتداء الشورت بالأماكن العامة

أساسيات اكتساب اللغةالتفاعل البشري الطبيعيالتلقي من الشاشة
اتجاه التواصلثنائي الاتجاه (سؤال وجواب)أحادي الاتجاه (تلقي فقط)
الاستجابة والتفاعلفورية وتشجع على المشاركةمعدومة ولا تنتظر رداً
تنمية الانتباهيبني تركيزاً عميقاً ومستمراًيشتت الانتباه بإيقاع سريع

أضرار خفية للشاشات: ما وراء تأخر النطق عند الأطفال؟

لا يقتصر الخطر على مجرد تأخر الكلام، بل يمتد إلى أذى خفي يتمثل في تشتيت الانتباه، فالمقاطع السريعة والمشاهد المتلاحقة تعوّد دماغ الطفل على إيقاع لاهث لا يشبه إيقاع الحديث البشري الهادئ، مما يجعله يفقد الصبر على الاستماع لقصة تُروى ببطء أو المشاركة في حوار عائلي, والمؤلم أن هذا الهدوء الذي يوفره الهاتف يؤخر اكتشاف المشكلة نفسها؛ فالأهل قد لا يلاحظون أن طفلهم لا ينطق كأقرانه إلا بعد فوات الأوان، وعندها تظهر أعراض أخرى مقلقة كنوبات الغضب عند سحب الهاتف، والانسحاب الاجتماعي، ليتحول الجهاز من أداة ترفيه إلى “مخدر رقمي” يزيد من عزلة الطفل ووحدته، مما يوضح أن فهمنا لعمق تأثير الشاشات على تأخر النطق عند الأطفال يجب أن يشمل هذه التبعات السلوكية والنفسية الخطيرة.

استراتيجيات عملية لعلاج تأخر النطق عند الأطفال بعيداً عن الشاشات

إن مسؤوليتنا كآباء تكمن في إعادة التوازن المسلوب، وليس شيطنة التكنولوجيا، فالهاتف يمكن أن يبقى ضمن حدود معقولة من حيث الوقت والمحتوى، لكن الحل الحقيقي لمواجهة تأثير الشاشات على تأخر النطق عند الأطفال يكمن في البدائل التفاعلية البسيطة التي لا تحتاج إلى إمكانيات خارقة, إن ما يحتاجه الطفل هو وجه إنساني ينظر إليه، وصوت يناديه باسمه، وقصص تُروى له خصيصاً, ويمكن تحويل البيت إلى بيئة محفزة لغوياً عبر أنشطة يومية بسيطة وفعالة.

اقرأ أيضًا: نقلة تاريخية.. «عبور جديد» لمصر في ملف الإسكان نحو الجمهورية الجديدة

  • وقت الحكايات: تخصيص عشر دقائق يومياً لرواية قصة يخلق فارقاً هائلاً في حصيلته اللغوية.
  • ألعاب التسمية: لعبة بسيطة لتسمية الأشياء في المطبخ أو الحديقة أكثر فائدة من ساعة مشاهدة.
  • التقليد الصوتي: تقليد أصوات الحيوانات أو السيارات يبني قاموساً صوتياً ممتعاً ومحفزاً.
  • اللعب المشترك: الجلوس مع الطفل ومشاركته ألعابه يضع حجراً أساسياً في بناء لغته وثقته بنفسه.

عندما يصبح القلق حقيقياً وملموساً، فإن زيارة أخصائي التخاطب ليست اعترافاً بالفشل، بل هي خطوة شجاعة نحو حماية مستقبل الطفل، فالأخصائي يقدم خطة عمل تحول اللعب إلى علاج والحديث اليومي إلى برنامج تدخل مبكر، فمعالجة تأثير الشاشات على تأخر النطق عند الأطفال تتطلب وعياً وتطبيقاً عملياً.

إن ترتيب الأولويات هو جوهر الحل، فالطفل الذي نريده ليس ذلك الكائن الصامت أمام شاشة، بل طفل يضحك بصوت عالٍ، ويسأل بإلحاح، ويخطئ في كلامه ثم يصحح، وهذا لا يتحقق بزر التشغيل، بل بصبر قلب محب ولسان يتكلم وزمن نقتطعه من انشغالنا لنمنحه لمن هو أغلى ما في حياتنا.

اقرأ أيضًا: موضوعات اللغة العربية للصف الثاني الإعدادي 2025-2026.. “الشهيد محمد مبروك والعبور إلى المستقبل” ضمن المقرر الدراسي