الذكاء الاصطناعي يعيد رسم خريطة الوظائف.. فهل ينجح التدريب المهني في السعودية باجتياز الاختبار؟

يُعد واقع التدريب المهني في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي موضوعًا محوريًا يفرض نفسه بقوة على الساحة التعليمية، حيث بات من الضروري إعادة تقييم الأدوات والأساليب المستخدمة لإعداد كوادر قادرة على مواكبة متطلبات سوق العمل المتغيرة، وهذا التوازن الدقيق بين الحداثة والأصالة هو ما يحدد مستقبل الأجيال القادمة في المجالات المهنية المختلفة.

وقد سلط الدكتور خالد الأفغاني، مدير عام كلية المستقبل للتدريب المهني، الضوء على هذه القضية المعقدة خلال حديثه لشبكة راية الإعلامية، مؤكدًا أن التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعي يمثلان سلاحًا ذا حدين في العملية التعليمية، فهو يفتح آفاقًا واسعة للتعلم من جهة؛ ولكنه قد يؤدي إلى تآكل المهارات الأساسية من جهة أخرى إذا لم يُستخدم بحكمة وتوجيه، فالاعتماد الكلي على الأدوات الرقمية دون ترسيخ الأساسيات المعرفية يخلق فجوة حقيقية في قدرات الطالب على التحليل والتفكير النقدي.

اقرأ أيضًا: عاجل رؤية السعودية 2030: قادة العالم في منتدى استثنائي بإكسبو أوساكا

تأثير التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي على واقع التدريب المهني

يتجلى التأثير المزدوج في أن هذه الأدوات تمنح الطلاب وصولًا فوريًا إلى كم هائل من المعلومات والمحاكاة الافتراضية التي لم تكن متاحة من قبل، مما يسرّع من وتيرة التعلم في بعض الجوانب ويسمح لهم بتجربة سيناريوهات عملية معقدة دون تكلفة أو خطورة، وهذا الجانب الإيجابي يعزز من جودة المخرجات التعليمية بشكل كبير؛ إلا أن الوجه الآخر لهذا التأثير يكمن في التحديات التي يفرضها، فالإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تشتيت الانتباه وضعف التركيز لدى الطلبة، وهو ما يؤثر سلبًا على استيعابهم للمواد التدريبية التي تتطلب دقة وانغماسًا كاملًا، ويتطلب فهم هذا الجانب المعقد من واقع التدريب المهني في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي استراتيجيات تعليمية متطورة.

كيف يغير التقدم التكنولوجي سلوك الطلاب في التعليم المهني؟

يظهر التغيير السلوكي بوضوح في طريقة تفاعل الطلاب مع المحتوى التعليمي، حيث أصبح الكثير منهم يميل إلى البحث عن إجابات سريعة ومختصرة عبر محركات البحث أو أدوات الذكاء الاصطناعي بدلاً من الانخراط في عملية البحث والقراءة المتعمقة التي تبني الفهم الحقيقي وتصقل المهارات التحليلية، وهذا التحول يؤثر بشكل مباشر على واقع التدريب المهني في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي داخل فلسطين، حيث تتفاقم المشكلة في ظل الظروف الخاصة التي يعيشها المجتمع، مما يجعل التفاعل الإنساني المباشر بين المعلم والطالب أكثر أهمية من أي وقت مضى لتعويض الفجوات التي تخلقها البيئة الرقمية، فالتوجيه الشخصي والنقاشات الصفية هي ما يبني الشخصية المهنية المتكاملة.

اقرأ أيضًا: رسمياً من الصحة: إحصائية مقلقة عن ضحايا الإنفلونزا.. وتكشف عن خطتها الحاسمة لمواجهتها.

إن التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي على سلوكيات التعلم لدى الطلاب تتطلب وعيًا وتدريبًا مستمرًا، ويمكن تلخيص أبرز هذه التحديات في النقاط التالية:

  • الاعتماد المفرط على الأدوات التقنية للحصول على إجابات جاهزة.
  • تراجع مهارات التفكير النقدي وحل المشكلات بشكل مستقل.
  • ضعف القدرة على الكتابة الأكاديمية والبحثية السليمة.
  • تضاؤل مهارات التواصل الشفهي والتفاعل الاجتماعي المباشر.

إن إدراك هذه التحديات هو الخطوة الأولى نحو التعامل مع واقع التدريب المهني في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي بفاعلية، وذلك من خلال تطوير مناهج تجمع بين الاستفادة من التكنولوجيا والحفاظ على المهارات الإنسانية الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في أي بيئة عمل.

اقرأ أيضًا: تعديل جديد لرسوم تجديد رخصة السير.. المرور السعودي يكشف قائمة الأسعار كاملة

موازنة أساسيات التعلم مع واقع التدريب المهني في ظل التقدم التكنولوجي

تكمن الاستجابة الفعالة لهذا التحدي في ضرورة إعادة التوازن المفقود، وذلك عبر التمسك بأساسيات التعلم التقليدي التي أثبتت جدواها على مر العصور، مثل القراءة النقدية والكتابة التحليلية والتفاعل الوجاهي بين المدرب والمتدرب، فهذه العناصر لا تقتصر على نقل المعرفة فحسب؛ بل تساهم في بناء شخصية الطالب وصقل مهاراته الناعمة مثل العمل الجماعي والقيادة والتواصل الفعال، وعندما يتم دمج هذه الأساسيات بشكل مدروس مع الأدوات التكنولوجية الحديثة، نكون قد نجحنا في تحسين واقع التدريب المهني في ظل التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي وتحويله إلى فرصة حقيقية للتطور بدلاً من أن يكون تهديدًا للمهارات الجوهرية.

إن الهدف النهائي هو تخريج مهنيين يمتلكون القدرة على استخدام التكنولوجيا بكفاءة، وفي الوقت نفسه يمتلكون عمقًا معرفيًا ومرونة فكرية تمكنهم من التكيف مع أي متغيرات مستقبلية في سوق العمل.

اقرأ أيضًا: تعديل جديد.. أسعار وقود الإمارات لشهر سبتمبر 2025: هل ارتفع البنزين والديزل؟