آلام جسدية غير مبررة.. هكذا يعبر طفلك عن مشاعره المكبوتة

تعليم الطفل التعبير عن مشاعره ليس مجرد مهارة إضافية تضاف إلى قائمة التربية، بل هو حجر الأساس لبناء شخصية متزنة وواثقة قادرة على فهم ذاتها والتواصل بفعالية مع الآخرين، فكثير من الأطفال، وخصوصًا الذكور، يجدون صعوبة في ترجمة ما يدور بداخلهم إلى كلمات، فيلجأون إلى الصمت أو كبت مشاعر الغضب والحزن، الأمر الذي يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية وعلاقاتهم المستقبلية.

أساسيات تعليم الطفل التعبير عن مشاعره عبر لغة الجسد

إن الخطوة الأولى والأكثر أهمية في رحلة تعليم الطفل التعبير عن مشاعره تبدأ من قدرتك على قراءة الإشارات غير المنطوقة، فالأطفال غالبًا ما يعبرون بأجسادهم قبل أن تجد الكلمات طريقها إلى ألسنتهم؛ راقبي جيدًا تلك التفاصيل الدقيقة كتغير نبرة صوته فجأة، أو تصلب كتفيه عند الشعور بالتوتر، أو حتى تجنب النظر في عينيك عند الشعور بالخجل، هذه العلامات هي بمثابة أبواب مفتوحة لعالمه الداخلي، وعندما تلاحظينها، يمكنك التدخل بلطف وطرح أسئلة مفتوحة مثل: “لاحظت أن صوتك أصبح أعلى قليلًا، هل هناك ما يضايقك ونحتاج للتحدث عنه؟” أو “أرى أنك تبدو قلقًا، هل تود مشاركتي ما تفكر به؟”، فهذا الأسلوب يساعده على إنشاء جسر بين إحساسه الجسدي والمسمى العاطفي له، مما يعزز وعيه الذاتي.

اقرأ أيضًا: حُسم الأمر.. الخطيب يستقر على اسم المدرب الجديد للأهلي خلفًا لكولر

كيفية تعليم الطفل التعبير عن مشاعره دون خوف أو خجل

يجب أن يترسخ في ذهن طفلك أن كل المشاعر، سواء كانت إيجابية أم سلبية، هي جزء طبيعي وصحي من التجربة الإنسانية، وعندما يشعر بالحزن أو الإحباط، تجنبي تمامًا استخدام عبارات سريعة مثل “لا تبكِ” أو “الأمر لا يستحق كل هذا”، لأن هذه الكلمات ترسل له رسالة خفية بأن مشاعره غير مهمة أو خاطئة؛ بدلًا من ذلك، امنحيه مساحة آمنة ليعبر عما بداخله دون مقاطعة، وأظهري له التعاطف والاحتواء، فمهمة تعليم الطفل التعبير عن مشاعره تتطلب منكِ تقبل عواطفه أولًا، وعندما ينجح في وصف ما يشعر به، امدحيه وشجعيه على هذه الشجاعة، فالتعبير الصادق ليس ضعفًا، بل هو أولى خطوات النضج والتعامل الحكيم مع تقلبات الحياة، ويمكن تحقيق ذلك عبر خطوات عملية.

  • الاستماع الفعّال للطفل دون إصدار أحكام مسبقة على مشاعره.
  • الاعتراف بمشاعره والتصديق عليها بعبارات مثل “أتفهم أن هذا الموقف جعلك تشعر بالغضب”.
  • تجنب التقليل من شأن السبب الذي أثار مشاعره، حتى لو بدا بسيطًا من وجهة نظرك.

من الضروري أيضًا الفصل بين الشعور والسلوك، فكل المشاعر مسموحة لكن ليست كل التصرفات مقبولة، وهذا جزء لا يتجزأ من عملية تعليم الطفل التعبير عن مشاعره بطريقة صحيحة، علميه أن الشعور بالغضب طبيعي، لكن التعبير عنه بالصراخ أو الضرب أمر غير مقبول، وقدمي له بدائل صحية لتفريغ هذا الغضب.

اقرأ أيضًا: قرار جديد.. “الوطنية للانتخابات” تُشكل لجانًا خاصة لمواجهة المخالفات ورصد أي تجاوزات

التعبير السلوكي المقبولالتعبير السلوكي المرفوض
التحدث بهدوء عن سبب الغضبالصراخ أو استخدام كلمات بذيئة
القيام بنشاط بدني مثل الركضضرب الآخرين أو إلقاء الأشياء

أهمية القدوة الحسنة في تعليم الطفل التعبير عن مشاعره

يتعلم الأطفال بالتقليد أكثر مما يتعلمون بالتلقين المباشر، لذا فإن أفضل استراتيجية لتعليم الطفل التعبير عن مشاعره هي أن تكوني أنتِ نفسكِ نموذجًا حيًا لذلك، لا تترددي في مشاركته بعض مشاعرك بطريقة هادئة ومناسبة لعمره، كأن تقولي: “أنا أشعر ببعض التوتر اليوم بسبب ضغط العمل، وسأحاول الاسترخاء قليلًا”، فعندما يراكِ تعترفين بمشاعرك وتتعاملين معها بحكمة، سيتعلم أن هذا هو السلوك الطبيعي، وإذا أخطأتِ أو فقدتِ أعصابكِ، بادري بالاعتذار وتوضيح السبب، ليدرك أن ارتكاب الأخطاء فرصة للتعلم والنمو، وأن القوة الحقيقية تكمن في الاعتراف بالضعف البشري والتعامل معه بنضج.

يمكنكِ أيضًا استغلال المواقف اليومية لتعزيز هذه المهارة، فعند مشاهدة فيلم أو قراءة قصة، توقفي واسأليه عن مشاعر الشخصيات: “برأيك، لماذا كانت تلك الفتاة تبدو حزينة؟” أو “ما الذي جعل البطل يشعر بالخوف في هذا الموقف؟”، هذه الحوارات البسيطة تنمي لديه مهارة التعاطف وقدرته على فهم مشاعر الآخرين، وهو ما ينعكس إيجابًا على فهمه لمشاعره الخاصة، ويجعل مسيرة تعليم الطفل التعبير عن مشاعره أكثر ثراءً وعمقًا، فبناء الذكاء العاطفي لدى طفلك هو استثمار طويل الأمد في صحته النفسية.

اقرأ أيضًا: رسميًا فلكيًا.. تحديد موعد أول أيام شهر رمضان 2026-1447