جرعة جينية واحدة لخفض الكوليسترول المرتفع نهائياً قد تغني عن الأدوية اليومية.
علاج الكوليسترول المرتفع نهائيا قد لا يكون مجرد أمل بعيد المنال، بل حقيقة علمية تقترب بسرعة بفضل تقنية ثورية جديدة؛ فقد كشفت دراسة تجريبية نُشرت في مجلة نيو إنجلاند الطبية عن إمكانية تعديل الجينات لخفض مستويات الكوليسترول بشكل دائم، مما يفتح الباب أمام مستقبل قد لا نحتاج فيه إلى تناول الأدوية اليومية لمواجهة هذا الخطر الصامت.
نتائج مبشرة: هل اقتربنا من علاج الكوليسترول المرتفع نهائيا؟
أجرت الدراسة التجريبية اختباراتها الأولية على 15 مريضًا يعانون من حالات شديدة من ارتفاع الكوليسترول، بهدف تقييم سلامة دواء جديد يعمل بمثابة “مقص بيولوجي” دقيق، حيث يقوم هذا المقص بقطع جين مستهدف لتعديله أو إيقاف نشاطه تمامًا، وقد كانت النتائج الأولية مذهلة وفاقت التوقعات، حيث أظهرت انخفاضًا هائلاً بنسبة تصل إلى 50% في مستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، المعروف بالكوليسترول “الضار”، والذي يعد المسبب الرئيسي لأمراض القلب، القاتل الأول للبالغين في العالم؛ ليس هذا فحسب، بل سجلت الدراسة أيضًا انخفاضًا استثنائيًا بنسبة 55% في متوسط الدهون الثلاثية، وهي نوع آخر من الدهون في الدم يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مما يمهد الطريق نحو إيجاد علاج الكوليسترول المرتفع نهائيا.
| المؤشر الحيوي | متوسط نسبة الانخفاض |
|---|---|
| الدهون الثلاثية | 55% |
| الكوليسترول الضار (LDL) | 50% |
سر الطفرة المحظوظة: كيف يستهدف العلاج الجيني الكوليسترول؟
يكمن سر هذه التقنية الواعدة في استهداف وتعطيل جين محدد يُعرف بـ ANGPTL3، أو “جين البروتين الشبيه بالأنجيوبويتين 3″، وهو الجين المسؤول بشكل مباشر عن تنظيم مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية في الجسم، والمثير للدهشة أن الطبيعة سبقت العلم في اكتشاف هذه الآلية؛ حيث إن هناك أشخاصًا يولدون بطفرة طبيعية تعطل هذا الجين، وهم يمثلون حوالي شخص واحد من كل 250 شخصًا في الولايات المتحدة، وهؤلاء الأفراد “المحظوظون” يتمتعون بمستويات منخفضة جدًا من الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية طوال حياتهم دون أي آثار سلبية، مما يمنحهم حماية شبه كاملة ضد أمراض القلب، واليوم، تسعى هذه التقنية إلى محاكاة هذه “الطفرة المحظوظة” وتطبيقها على نطاق أوسع، مما يمنح الأمل في تحقيق علاج الكوليسترول المرتفع نهائيا لملايين البشر.
تفاصيل الدراسة: جرعات تحقق علاج الكوليسترول المرتفع نهائيا
تكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تتجاوز مجرد الحلم النظري إلى التطبيق العملي، فقد قدمت حلاً بديلاً لمعاناة تناول الأدوية اليومية، وهي مشكلة يواجهها الكثيرون ممن ينسون أو يتوقفون عن العلاج، مما يجعل مستويات الكوليسترول لديهم خارج السيطرة، وقد علق الدكتور ستيفن نيسن، كبير الباحثين في الدراسة، قائلاً إن هذا قد يكون حلاً دائمًا، حيث يمكن للشخص الشاب الذي يعاني من مرض خطير أن يخضع لهذا الإجراء الجيني مرة واحدة فقط ليضمن انخفاض مستويات الكوليسترول لبقية حياته، مما يجعل فكرة علاج الكوليسترول المرتفع نهائيا أقرب من أي وقت مضى، وقد تم إعطاء الدواء للمشاركين عبر الحقن الوريدي بجرعات متفاوتة، حيث لوحظ أن أعلى جرعة (تتراوح بين 0.3 إلى 0.8 ملليجرام لكل كيلوجرام) هي التي حققت أفضل النتائج، وهذا العلاج يقدم ميزة فريدة تتمثل في:
- علاج لمرة واحدة يلغي الحاجة إلى الالتزام اليومي بالأدوية.
- خفض مستويات الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية في آن واحد.
- حل جذري ودائم قد يستمر مفعوله مدى الحياة.
- توفير حماية فعالة من أمراض القلب والأوعية الدموية.
هذه الإمكانيات الهائلة التي يقدمها العلاج الجيني تمنح الأمل خاصة للمرضى الذين يعانون من ارتفاع حاد في الكوليسترول في سن مبكرة، فتخيل شابًا في العشرين من عمره يمكنه تجنب تناول حبة دواء يوميًا أو أخذ حقنة كل أسبوعين على مدار الستين عامًا القادمة بفضل هذا التقدم، وهو ما يجسد تمامًا معنى علاج الكوليسترول المرتفع نهائيا.
إن قدرة هذا العلاج المبتكر على خفض نوعين من الدهون الخطرة في الدم بشكل متزامن وفعال، وهو أمر لا تستطيعه العلاجات المتاحة حاليًا، يجعله طفرة حقيقية في مجال أمراض القلب، ويفتح آفاقًا جديدة تمامًا لفهم ومواجهة هذا التحدي الصحي العالمي.
