خفض مخاطر الولادة المبكرة قد يبدأ من الصحة النفسية للزوج
إن تأثير الحالة النفسية للأب على الولادة المبكرة لم يعد مجرد تكهنات؛ بل أصبح حقيقة علمية تدعمها دراسة رائدة أجراها باحثون في علم النفس بجامعة كاليفورنيا، حيث كشفت النتائج أن السمات النفسية الإيجابية لدى الآباء، مثل التفاؤل وتقدير الذات العالي، ترتبط بشكل مباشر بانخفاض احتمالية الولادة المبكرة لدى زوجاتهم، وهو ما يفتح آفاقًا جديدة لفهم صحة الأم والجنين.
كيف كشفت دراسة حديثة عن تأثير الحالة النفسية للأب على الولادة المبكرة؟
انطلقت الدراسة، التي نُشرت نتائجها في مجلة العلوم النفسية والاجتماعية والطبية، من فرضية أن الحالة النفسية للأب قد يكون لها انعكاسات بيولوجية على الأم الحامل، وللتحقق من ذلك، قام فريق البحث بتحليل بيانات دقيقة تم جمعها من 217 زوجًا، أم وأب، شاركوا في دراسة واسعة لشبكة صحة الطفل المجتمعية بخمسة مواقع مختلفة في الولايات المتحدة، ولم تقتصر المنهجية على الاستبيانات النفسية فقط؛ بل شملت أيضًا تحليلات طبية متعمقة، حيث قدمت الأمهات عينات دم خلال مراحل مختلفة من الحمل لفحص مستويات بروتين سي التفاعلي، وهو مؤشر حيوي دقيق يدل على درجة الالتهاب في الجسم ويرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة خطر الولادة المبكرة، وفي موازاة ذلك، أكمل كلا الوالدين استبيانات مصممة خصيصًا لتقييم سمات المرونة النفسية التي يمتلكونها.
تشمل هذه السمات التي تم تقييمها ما يلي:
- التفاؤل: القدرة على النظر بإيجابية نحو المستقبل.
- تقدير الذات: مدى شعور الشخص بقيمته وثقته في قدراته.
- الدعم الاجتماعي: الإحساس بوجود شبكة من العلاقات الداعمة.
نتائج مذهلة: دور الأب في تقليل مخاطر الولادة المبكرة
أظهرت النتائج وجود علاقة قوية ومباشرة بين مرونة الأب النفسية وصحة الأم الجسدية، فالآباء الذين سجلوا درجات عالية في سمات المرونة النفسية كانت زوجاتهم يتمتعن بمستويات التهاب أقل بشكل ملحوظ خلال فترة الحمل، وهذا الانخفاض في الالتهاب لم يكن مجرد رقم في التحاليل؛ بل ترجم إلى نتيجة عملية بالغة الأهمية وهي فترة حمل أطول وأكثر استقرارًا، وهو ما يفسر كيف أن تأثير الحالة النفسية للأب على الولادة المبكرة يمكن أن يكون حاسمًا، فكل يوم إضافي يقضيه الجنين في الرحم يعزز من نموه الصحي ويقلل من المخاطر الصحية المستقبلية، ورغم أن الدراسة لا تثبت علاقة سببية مباشرة، إلا أنها تقدم أدلة قوية على أن القوة العاطفية والاجتماعية للأب يمكن أن تخلق بيئة داعمة تقلل من التوتر لدى الأم، مما يؤثر إيجابيًا على صحتها وصحة طفلها.
| سمات الأب (المرونة العالية) | التأثير على الأم الحامل |
|---|---|
| ثقة ودعم نفسي عالي | انخفاض مستويات الالتهاب |
| سلوكيات يومية إيجابية وداعمة | تقليل التوتر المزمن لدى الزوجة |
ما هي مخاطر الولادة المبكرة وكيف تؤثر الحالة النفسية للأب عليها؟
تُعرّف الولادة المبكرة بأنها الولادة التي تحدث قبل إتمام الأسبوع السابع والثلاثين من الحمل، وهي لا تعتبر مجرد ولادة مبكرة في التوقيت؛ بل هي السبب الرئيسي لوفيات الرضع حول العالم وتؤدي إلى مضاعفات صحية قد تستمر مدى الحياة، فالأطفال الخُدّج يواجهون تحديات كبيرة تشمل اضطرابات في النمو وأمراض القلب وصعوبات في التعلم، ويعد الالتهاب المرتفع لدى الأم أحد عوامل الخطر المثبتة التي تزيد من احتمالية حدوث ذلك، وهنا يبرز مجددًا عمق تأثير الحالة النفسية للأب على الولادة المبكرة؛ فالأب الذي يشعر بالثقة والدعم النفسي يميل إلى الانخراط في سلوكيات إيجابية يومية، مثل المشاركة في تحضير وجبات صحية أو تقديم التشجيع المستمر وتخفيف الأعباء المنزلية، مما يقلل من التوتر المزمن الذي قد تعاني منه الأم وبالتالي يساهم في خفض مستويات الالتهاب لديها.
إن الروابط العاطفية بين الزوجين تلعب دورًا محوريًا أيضًا، حيث يميل الشركاء إلى تنظيم مزاج بعضهم البعض وحتى التأثير على أجهزتهم المناعية، مما يجعل الدعم النفسي من الأب عاملاً وقائيًا لا يمكن إغفاله لضمان حمل صحي وولادة في أوانها.
