الأزهر للفتوى يضع نقطة النهاية: حكم تخصيص الوالد أحد أبنائه بالهبة دون إخوته.
يُوضح مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية الحكم الشرعي لتفضيل الوالد أحد أبنائه في الهبة والعطية، مؤكداً على أن الأصل هو التسوية بين الأبناء لتأليف القلوب وتوثيق الصلات، ومبيناً الحالات التي يجوز فيها هذا التفضيل أو يكون مكروهاً أو محرماً شرعاً، وذلك بناءً على خلاف الفقهاء في المسألة وتفصيلاتها الدقيقة.
فضل الهبة وأهمية العدل بين الأبناء في العطايا
تُعد الهبة من الأمور المستحبة في الشريعة الإسلامية، فهي وسيلة لتوثيق الصلات وزيادة المحبة بين الناس، وقد حث عليها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: “تَهَادَوْا تَحَابُّوا”. وتكتسب هبة الوالد لأبنائه أهمية خاصة، فهي من صميم الصلة والقربى ومورد للإحسان، ولهذا، اتفق الفقهاء على أن الإنسان مطالب بالتسوية بين أولاده في الهبات والعطايا، دون محاباة أو تفضيل لأحدهم إلا بوجود مسوغ شرعي معتبر، حرصاً على العدل ومنعاً لأي إضرار أو حسد قد ينشأ بين الإخوة.
الخلاف الفقهي في حكم التسوية بين الأبناء في الهبة
اختلف الفقهاء في الحكم الشرعي لهذه التسوية بين الأبناء على قولين رئيسيين، وهما كالتالي:
القول | الحكم الشرعي | الفقهاء أصحاب القول | الدليل المستند إليه |
الاستحباب | التسوية في الهبة بين الأولاد مستحبة وليست واجبة. | جمهور الفقهاء (الحنفية، والمشهور عند المالكية، والمعتمد عند الشافعية). | حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، حيث سأله النبي صلى الله عليه وسلم: “أَكُلَّ بَنيكَ قَد نحَلتَ مِثلَ مَا نحَلتَ النُّعمَانَ؟”، فلما أجاب بالنفي، قال له: “أَيَسُرُّكَ أَن يَكُونُوا إِلَيكَ فِي البِرِّ سَوَاءً؟” فرد: “بلَى”، فقال: “فَلا إِذًا”. وفسروا هذا الحديث على أنه يرشد إلى الأفضل وليس يوجب. |
الوجوب | التسوية بين الأولاد في الهبة واجبة، والمفاضلة بينهم حرام. | المشهور عند الحنابلة والظاهرية. | ظاهر حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما أيضاً، وقالوا إن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لوالد النعمان بالتسوية بين أولاده في الهبة يقتضي الوجوب الشرعي. |
حالات تفصيلية لتفضيل الوالد أحد أبنائه في الهبة
أكد الأزهر العالمي للفتوى أن تفصيل الحكم في مسألة تفضيل الأبناء في الهبة يعتمد على ظروف كل حالة، وهو ما يتوافق مع روح الشريعة الإسلامية السمحة. وفيما يلي أبرز هذه الحالات:
- إذا كان قصد الوالد الإضرار بباقي الأولاد: في هذه الحالة، يكون فعل الوالد لا يجوز شرعاً وعليه إثم نيته وقصده، لأن الإضرار بالظلم لا يبيح تفضيل أحد الأبناء على غيرهم.
- إذا كانت هناك حاجة حقيقية تستدعي التفضيل: إذا كان أحد الأبناء في حاجة ماسة أو لديه مرض أو دين لا يستطيع سداده، فإن تفضيله في العطية يكون مباحاً عند جمهور الفقهاء، وذلك لمراعاة الظروف الخاصة والتخفيف عن هذا الابن.
- إذا لم تكن هناك حاجة تدعو إلى التفضيل: في هذه الحالة، إذا فضل الوالد أحد أبنائه دون مبرر، فإن فعله يعتبر مكروهاً عند جمهور الفقهاء، بينما ذهب الحنابلة والظاهرية إلى حرمة هذا التفضيل.
- إذا لم تكن هناك حاجة، ولكن رضي بقية الأولاد عن طيب نفس: إذا رضي بقية الأبناء بهذا التفضيل دون إكراه أو خوف، وبمحض إرادتهم الحرة، فإن علل المنع الشرعي تزول، ويجوز للوالد حينها أن يفضل أحد أبنائه.