لأول مرة تُكشف.. هذه هي الأسباب الحقيقية وراء تفشي العنف المدرسي
يشكل العنف المدرسي، بأشكاله المتعددة سواء بين الطلاب أو من المعلمين تجاههم، تحديًا تربويًا واجتماعيًا يستدعي اهتمامًا عاجلاً. تتجلى هذه الظاهرة في عوامل نفسية وتربوية لدى المعلمين، إضافة إلى ضغوط بيئة العمل والتأثيرات المجتمعية التي تنعكس على السلوك داخل أسوار المدرسة. يدعو خبراء التربية إلى تبني استراتيجيات شاملة للتعامل مع هذه المشكلة، ترتكز على التدريب والدعم وتوفير بيئة تعليمية آمنة وداعمة.
لماذا يلجأ بعض المعلمين للعنف؟ أسباب نفسية واجتماعية
يشير الدكتور أحمد عبد الحميد، الأستاذ المتخصص في أصول التربية بجامعة طنطا، إلى أن أسباب عنف المعلم تجاه الطلاب تتشابك بين الجوانب النفسية والتربوية والاجتماعية. فغالبًا ما يغيب عن بعض المعلمين فهم عميق لاحتياجات الطلاب وإمكاناتهم الحقيقية، مما قد يؤدي إلى ردود فعل غير متوازنة. كما يلعب الشعور بالإحباط دورًا كبيرًا، خاصةً عندما يمتلك المعلم تصورات خاطئة عن قدرات التلاميذ الأكاديمية أو السلوكية. يضاف إلى ذلك ضعف التواصل العاطفي بين المعلم وطلابه، والذي يترك أثرًا سلبيًا على العلاقة التربوية. وقد يُفسر بعض المعلمين أي معارضة أو تحدي من الطلاب كنوع من الاستفزاز الشخصي، فيستجيبون له بعدوانية، خصوصًا إذا لم يكونوا مدركين للقدرات الحقيقية للطفل أو ظروفه.
ضغوط بيئة العمل والعوامل الاجتماعية وأثرها على سلوك المعلم
لا يقتصر الأمر على العوامل الداخلية للمعلم، فبيئة العمل وما يحيط بها من ضغوط تؤثر بشكل مباشر على سلوكه. فالأوضاع الأسرية المضطربة أو التحديات الاقتصادية، مثل الفقر، قد تنعكس على نفسية المعلم وتزيد من قابليته للتوتر والعنف. كذلك، تلعب الضغوط الاجتماعية دورًا هامًا، حيث يمكن أن يؤدي الشعور بالظلم أو المقارنات السلبية إلى تفاقم هذه المشاعر، مما يؤثر على قدرة المعلم على إدارة الصف بفاعلية وهدوء.
طرق فعالة للتعامل مع العنف المدرسي وبناء بيئة تعليمية آمنة
للحد من ظاهرة العنف المدرسي وخلق بيئة تعليمية إيجابية، يوصي الخبراء بتبني مجموعة من الإجراءات المتكاملة:
- **التدريب المستمر للمعلمين:** يجب تزويد المعلمين بمهارات إدارة الفصل الفعالة، وتقنيات التواصل الإيجابي مع الطلاب، وكيفية التعامل مع المواقف الصعبة بطرق بناءة.
- **زيادة الوعي:** رفع مستوى الوعي لدى جميع أطراف العملية التعليمية – معلمين وطلاب وأولياء أمور – حول الآثار السلبية المدمرة للعنف على الصحة النفسية والأكاديمية للطلاب.
- **توفير الدعم النفسي والاجتماعي:** تقديم برامج دعم نفسي واجتماعي للمعلمين لمساعدتهم على التغلب على ضغوط العمل وتحدياته، وتعزيز صحتهم النفسية.
- **بناء بيئة مدرسية داعمة:** العمل على إنشاء بيئة مدرسية آمنة ومرحبة، يشعر فيها الطلاب والمعلمون على حد سواء بالاحترام والأمان والانتماء.
العنف المدرسي: ظاهرة متعددة الجوانب والأسباب
بالإضافة إلى عنف المعلمين، يشمل العنف المدرسي نطاقًا أوسع يضم العنف بين الطلاب أنفسهم، واعتداءات الطلاب على موظفي المدرسة، وأي شكل من أشكال الإيذاء الجسدي أو النفسي. تُعد هذه الظاهرة نتيجة لتفاعل معقد من عوامل متعددة. تنبع أسباب العنف المدرسي من عوامل شخصية مثل المشاكل السلوكية والنفسية، والعوامل الأسرية كالإهمال أو العقاب الجسدي، وكذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة. كما تلعب البيئة المدرسية نفسها دورًا حاسمًا، فغياب الحوار البناء أو انتشار ظاهرة التنمر بين الطلاب أو حتى من قبل بعض المعلمين، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم المشكلة. ويتضح جليًا أن العنف في المجتمع بشكل عام، والعنف الأسري على وجه الخصوص، غالبًا ما ينتقل ليجد طريقًا له داخل البيئة المدرسية، مما يؤثر سلبًا على سلوكيات الطلاب وقدرتهم على التعبير عن أفكارهم بصورة إيجابية.


 
