ليست مجرد قلة ذوق.. “فوبيا الهاتف” تفسر لماذا يرفض جيل زد الرد على اتصالك
يتجنب المراهقون والشباب الرد على المكالمات الهاتفية رغم أنهم لا يفارقون هواتفهم، في ظاهرة تثير حيرة الأهالي. لكن هذا السلوك لا يعود إلى التجاهل أو اللامبالاة، بل يخفي وراءه أسباباً نفسية واجتماعية عميقة تتعلق بالخوف من العفوية والرغبة في التحكم الكامل في التواصل، حيث أصبحت الرسائل النصية هي الوسيلة الآمنة والمفضلة لديهم.
لماذا يعاني جيل زد من فوبيا الرد على الهاتف؟
يعاني الكثير من أبناء جيل “زد” (مواليد منتصف التسعينيات إلى مطلع الألفية) مما يُعرف بـ”فوبيا الهاتف”، وهو في جوهره أحد أشكال الرهاب الاجتماعي. توضح الدكتورة سحر طلعت، المتخصصة في العلاج النفسي، أن هذا الخوف ينبع من شعور الشخص بأنه يخضع للحكم أو النقد في أي موقف تواصلي مباشر. المكالمة الصوتية تتطلب استجابة فورية وعفوية، وهو ما يمثل عبئاً نفسياً على جيل نشأ في بيئة رقمية تفرض عليه تقديم صورة مثالية دائمة.
الرسائل النصية تمنح المراهقين شعوراً بالسيطرة
يفضل الشباب والمراهقون الرسائل النصية لأنها توفر لهم مساحة آمنة وشعوراً بالتحكم. على عكس المكالمة الهاتفية التي لا يمكن التراجع عن كلماتها، تتيح الرسالة المكتوبة إمكانية التفكير وصياغة الرد المثالي وتعديله أو حتى تأجيله. هذا الإحساس بالسيطرة يمنحهم الطمأنينة في عالم مليء بالضغوط والمقارنات المستمرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يخشون التلعثم أو قول شيء في غير محله.
قواعد جديدة للتواصل الرقمي لدى الشباب
ما قد يعتبره الكبار سلوكاً غير لائق أصبح جزءاً من آداب التواصل الجديدة لدى الشباب. فالاتصال الهاتفي المفاجئ يُنظر إليه الآن على أنه اقتحام للخصوصية، بينما أصبحت الرسالة النصية التي تسبق المكالمة علامة على الاحترام والتقدير. هذه القواعد غير المكتوبة تشمل:
- إرسال رسالة نصية للاستئذان قبل الاتصال، مثل “هل لديك وقت للمكالمة؟”.
- اعتبار عدم الرد على الرسالة فوراً إشارة لتأجيل الاتصال بدلاً من الإلحاح.
- استخدام الرسائل الصوتية القصيرة كبديل سريع للمكالمات غير الضرورية.
كيف يمكن للأهل التعامل مع تجنب أبنائهم للمكالمات؟
تنصح الدكتورة سحر طلعت الأهالي بعدم الضغط على أبنائهم أو القلق بشأن هذا السلوك، لأنه انعكاس طبيعي لعصر سريع التغير وليس بالضرورة ضعفاً في الشخصية. بدلاً من ذلك، يجب مساعدتهم على إيجاد توازن وتشجيعهم على التواصل الإنساني تدريجياً. يمكن لمن يعاني من قلق شديد تجاه المكالمات أن يبدأ بخطوات بسيطة، مثل إجراء مكالمة قصيرة مع شخص يثق به، مع ممارسة تمارين التنفس للاسترخاء قبل الرد، فذلك يمنح ثباتاً نفسياً في لحظات التوتر.