تطور يهدد مهنة.. دراسة تكشف كيف يستهدف الذكاء الاصطناعي 72% من مهام الصحافة

كشف تحليل حديث لسوق العمل المصري عن تراجع الطلب على وظائف الياقات البيضاء مقابل زيادة في المهن الحرفية، مع تركز الفرص في القاهرة الكبرى وتزايد الحاجة لأصحاب الخبرة على حساب حديثي التخرج. وأظهرت الدراسة، التي ناقشها المركز المصري للدراسات الاقتصادية، أن الذكاء الاصطناعي يعيد تشكيل مهن رئيسية كالمحاسبة والصحافة دون أن يلغيها بالكامل في الوقت الحالي.

خريطة الطلب على الوظائف في مصر تتغير

أظهرت نتائج تحليل الطلب في سوق العمل المصري للربعين الثاني والثالث من عام 2025 تراجعا في الطلب على وظائف الياقات البيضاء، مقابل زيادة طفيفة في وظائف الياقات الزرقاء التي تشمل المهن الحرفية والمهنية. ويتركز الطلب بشكل كبير في إقليم العاصمة حيث تستحوذ القاهرة والجيزة على 83% من إجمالي وظائف الياقات البيضاء المعلن عنها. في المقابل شهد إقليم الوجه البحري نموا ملحوظا في الطلب على الوظائف الحرفية حيث ارتفعت حصته من 20% إلى 25% خلال فترة الدراسة.

وأوضحت النتائج أن أصحاب الخبرة أصبحوا الفئة الأكثر طلبا في السوق، مما أدى إلى تراجع الفرص المتاحة أمام حديثي التخرج. ولا تزال درجة البكالوريوس شرطا أساسيا للتقديم في 98% من وظائف الياقات البيضاء، بينما يظل التعليم المتوسط هو المؤهل الأكثر طلبا في المهن الحرفية. وشهد قطاع التسويق والمبيعات زيادة في الطلب على الوظائف الحرفية، بينما تراجع الطلب في قطاع السياحة والضيافة بنسبة تقترب من النصف خاصة في وظائف الاستقبال.

تأثير الذكاء الاصطناعي على مستقبل المهن الرئيسية

كشفت الدراسة أن الذكاء الاصطناعي لا يلغي الوظائف بشكل كامل حتى الآن بقدر ما يعيد تشكيل طبيعة المهام داخلها، خاصة في أربع مهن رئيسية هي المحاسبة والصحافة والدعم الفني والسياحة. وأكد التقرير أن التكنولوجيا يمكنها تنفيذ المهام المتكررة بكفاءة عالية، لكنها لا تستطيع أن تحل محل المهارات الإنسانية التي تتطلب الإبداع والتفكير النقدي والتواصل الفعال. ويظل الجمع بين القدرات التكنولوجية والخبرة البشرية هو السبيل الأفضل للحفاظ على الوظائف وتطويرها في المستقبل.

مستقبل مهنة المحاسبة في ظل التحول الرقمي

أكد ماجد عز الدين الشريك الأول الإقليمي بمكتب برايس ووتر هاوس كوبرز، أن الذكاء الاصطناعي لن يلغي مهنة المحاسبة بل سيعيد تشكيلها بشكل جذري. وأوضح أن التكنولوجيا تغير طبيعة المهام وليس جوهر المهنة، مشيرا إلى أن الأدوات الحديثة تمكن المحاسب من أداء عمله بكفاءة أكبر. وحذر من وجود مخاطر على الوظائف في المستويات المبتدئة، لكنه أشار إلى أن طبيعة الوظائف نفسها تتغير وتتطور بمرور الوقت، مما يولد فرصا وتخصصات جديدة لم تكن موجودة من قبل مثل:

• استشاري التحول الرقمي
• خبير الذكاء الاصطناعي
• محلل البيانات
• خبير إدارة المخاطر الرقمية

الصحافة والإعلام: كيف يغير الذكاء الاصطناعي قواعد المهنة

من جانبه أوضح الكاتب الصحفي أكرم القصاص أن الذكاء الاصطناعي غير شكل مهنة الصحافة لكنه لن ينهيها، مؤكدا أن التكيف مع التكنولوجيا هو السبيل الوحيد لاستمرار المهنة وتطورها. وأشار إلى أن التحول الرقمي أدى إلى اختفاء بعض الوظائف وظهور أخرى جديدة مثل صحافة الفيديو والجرافيك والإعلام التفاعلي. ويرى القصاص أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مساعدا ممتازا في جمع وتلخيص المعلومات، لكنه لا يمكن أن يعوض الخبرة الإنسانية أو الحس المهني في تحليل الأحداث وصناعة المحتوى ذي الرؤية.

الدعم الفني والسياحة بين التحديات والفرص الجديدة

حذرت الدكتورة مها عبد الناصر عضو مجلس النواب من أن وظائف تقليدية مثل الكول سنتر والترجمة تواجه خطر الاختفاء عالميا، مما قد يسبب مشكلة بطالة في مصر إذا لم يتم إعادة تأهيل الشباب لمهارات جديدة. وأكدت أن المهارات الإنسانية كالتواصل وحل المشكلات ستظل مطلوبة بقوة. وعلى صعيد آخر، يرى فؤاد نبيل نائب رئيس شركة إيمكو ترافل، أن الذكاء الاصطناعي يمنح مصر فرصة حقيقية لاستعادة ريادتها في سوق السياحة العالمي، حيث يمكن للتقنيات الحديثة تحسين مستوى الخدمات وتحديد نقاط القصور لتحسين تجربة السائح بشكل فعال.

فجوة التعليم وسوق العمل تتسع ودعوات للتطوير العاجل

قالت الدكتورة عبلة عبد اللطيف المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الاقتصادية، إن التغيرات المتسارعة تفرض على مصر ضرورة إعادة النظر في منظومة التعليم. وحذرت من وجود فجوة كبيرة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل، حيث يدرس الطلاب تخصصات لا توفر فرص توظيف حقيقية. وشددت على أن الحكومة مطالبة بالتدخل لتحديث المناهج بما يتواكب مع التطور التكنولوجي السريع، مع ضرورة تغيير النظرة المجتمعية للتعليم الفني لرفع مكانته كما حدث في تجارب دولية ناجحة.