كارثة انهيار الدولار بعد صعود الذهب لقمم تاريخية غير مسبوقة

سجلت أسعار الذهب العالمية صعودًا تاريخيًا لامس مستويات تقترب من ٤٠٠٠ دولار للأونصة، في قفزة بلغت نسبتها ٥١٪ منذ بداية عام ٢٠٢٥، الأمر الذي يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الدولار الأمريكي ومدى احتفاظه بثقة المستثمرين كأبرز الملاذات الآمنة التقليدية في العالم.

تأتي هذه القفزة المذهلة في أداء المعدن الأصفر، الذي وصل إلى ٣٩٧٧ دولارًا يوم الثلاثاء قبل أن يتراجع قليلًا، نتيجة مباشرة للاضطرابات الجيوسياسية والاقتصادية المتلاحقة التي يشهدها العالم، حيث يبحث المستثمرون عن أصول قادرة على الاحتفاظ بالقيمة في أوقات عدم اليقين.

أسباب صعود الذهب وتآكل ثقة المستثمرين بالدولار

يُعزى هذا التحول اللافت في سلوك المستثمرين نحو الذهب إلى تراجع الثقة بالدولار الأمريكي الذي كان الملاذ الأول تاريخيًا، حيث أثرت الأزمات الداخلية مثل الإغلاق الحكومي الأمريكي على جاذبيته، وهو ما دفع الكثيرين للبحث عن بدائل أكثر استقرارًا وموثوقية في الأسواق العالمية.

وفي سياق متصل، عززت البيانات الاقتصادية الضعيفة وتأجيل نشر المؤشرات الرئيسية توقعات الأسواق بخفض أسعار الفائدة الأمريكية، مما يقلل من جاذبية حيازة الدولار الذي يدر فائدة، ويزيد في المقابل من الإقبال على المعدن الأصفر الذي لا يدر عائدًا ولكنه يحتفظ بقيمته.

على صعيد الطلب المؤسسي، واصلت صناديق الاستثمار المتداولة المدعومة بالذهب والبنوك المركزية، وعلى رأسها البنك المركزي الصيني، تعزيز احتياطياتها من المعدن النفيس، حيث رفعت الصين حيازتها إلى ٧٤,٠٦ مليون أونصة في سبتمبر، مما يؤكد وجود توجه دولي نحو تنويع الاحتياطيات.

توقعات أسعار الذهب المستقبلية في ظل المتغيرات

بالنظر إلى المستقبل، تتوقع مؤسسات مالية كبرى استمرار رحلة صعود الذهب رغم وصوله لمستويات قياسية، حيث ترى أن العوامل الدافعة للارتفاع ما زالت قائمة بقوة، وهو ما انعكس في تحديث توقعاتها المستقبلية للأسعار والتي جاءت على النحو التالي:

• رفعت مؤسسة «جولدمان ساكس» توقعاتها لسعر أونصة الذهب بحلول ديسمبر ٢٠٢٦ لتصل إلى مستوى ٤٩٠٠ دولار.
• تشير توقعات أخرى في السوق إلى إمكانية وصول سعر الأونصة إلى ٤٣٠٠ دولار خلال الستة أشهر القادمة، خاصة مع استمرار ضعف الدولار.

انعكاسات ارتفاع الذهب عالميًا على السوق المصرية

محليًا في مصر، شهد سعر الذهب عيار ٢١ الأكثر تداولًا تراجعًا طفيفًا في بداية التعاملات اليومية، ولكنه يظل متأثرًا بالزخم العالمي القوي للأسعار، حيث لم ينعكس تراجع سعر صرف الدولار في البنوك بشكل كامل على أسعار المعدن الأصفر في السوق المحلية.

صعود الذهب: هل هو مؤشر على تحول مالي عالمي؟

يبدو أن صعود الذهب القياسي لا يعكس فقط حالة من القلق المؤقت في الأسواق العالمية، بل قد يشير إلى بداية تحول استراتيجي طويل الأمد في ثقة المستثمرين والمؤسسات، وإعادة توزيع لمراكز القوى بين الأصول المالية المختلفة بعيدًا عن هيمنة الدولار التقليدية.