ورطة غير متوقعة.. كيف تحول اكتمال الفريق إلى صداع في رأس ألونسو؟
يواجه المدرب تشابي ألونسو أكبر تحدياته في ريال مدريد ليس بسبب الإصابات أو نقص الخيارات، بل بسبب اكتمال الصفوف ووفرة النجوم. هذا الوضع الذي يتمناه أي مدرب تحول في أروقة النادي الملكي إلى اختبار حقيقي لفلسفته التكتيكية وقدرته على إدارة غرفة ملابس مزدحمة بالمواهب، مما يضع مشروعه بالكامل على المحك منذ البداية.
فلسفة ألونسو التكتيكية أمام ثقافة ريال مدريد
يبني تشابي ألونسو أسلوبه التدريبي على الانضباط والنظام الجماعي الذي يتفوق على المهارة الفردية. تعتمد خططه المرنة، مثل 4-2-3-1، على لاعبين أذكياء تكتيكيًا يفهمون متى ولماذا يتحركون كجزء من منظومة متكاملة. لا يعتمد ألونسو على الأسماء الكبيرة بقدر اعتماده على لاعبين قادرين على تنفيذ تعليماته بدقة، حيث النظام هو من يصنع النجاح وليس النجوم.
على النقيض تمامًا، قامت ثقافة ريال مدريد تاريخيًا على سياسة “الجالاكتيكوس” التي يقودها فلورنتينو بيريز، حيث كان النادي مجرة لألمع نجوم كرة القدم. في مدريد، كان النظام يتكيف ليخدم النجم وليس العكس، وكانت الخطط تُبنى لتحقيق أقصى استفادة من المواهب الفردية حتى لو أثر ذلك على التوازن الجماعي. هذه الثقافة خلقت شعورًا بالاستحقاق لدى بعض اللاعبين الكبار الذين اعتادوا المشاركة بفضل مكانتهم وليس مستواهم الفني.
سلطة ألونسو المطلقة سلاح ذو حدين
يكمن الصدام الجوهري في أن مطالبة ألونسو بالانضباط ومكافأة الأداء تتحدى بشكل مباشر ثقافة الامتيازات المتجذرة في النادي. منحه الحرية الكاملة في اختيار من يشارك ومن يجلس على الدكة يبدو كأداة لتطبيق فلسفته، لكنها في الواقع سيف ذو حدين. فمن ناحية، تمنحه هذه السلطة القدرة على تطبيق سياسة التدوير الضرورية لنجاحه، ومن ناحية أخرى، تجعله المسؤول الوحيد عن أي نتائج سلبية. عندما يُجلس نجمًا بحجم فينيسيوس جونيور على مقاعد البدلاء ويخسر الفريق، لن يكون هناك أي مبرر، وسيتحمل ألونسو وحده ضغط القرار، مما يحول كل خيار جريء إلى مقامرة عالية المخاطر.
معضلة بيلينجهام وماستانتونو تكشف أزمة متكررة
خلال غياب جود بيلينجهام بسبب جراحة في الكتف، وجد ريال مدريد توازنًا جديدًا بفضل تألق الشاب الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو. أصبح اللاعب الشاب قطعة أساسية وساهم في تحقيق الفريق لسلسلة من الانتصارات المتتالية، حيث لعب كوحدة متجانسة أظهرت فيها مواهب أخرى مثل أردا جولر قدرتها على تحمل المسؤولية.
لكن مع عودة بيلينجهام من الإصابة، تغير كل شيء. تم استبعاد ماستانتونو من التشكيلة الأساسية في ديربي مدريد، وتغيير مركز أردا جولر لإفساح المجال للنجم الإنجليزي العائد. كانت النتيجة قاسية، حيث خسر ريال مدريد بنتيجة 5-2 وتلقى أول هزيمة في الموسم. هذا القرار يعيد إلى الأذهان خطيئة التخلي عن كلود ماكيليلي لصالح ديفيد بيكهام، مما يثبت أن التحيز للنجوم على حساب التوازن التكتيكي لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا داخل النادي.
أزمة هوية في مركز الظهير الأيمن
إذا كانت أزمة بيلينجهام تمثل تحديًا مؤقتًا، فإن الصراع على مركز الظهير الأيمن بين داني كارفاخال وترينت ألكسندر أرنولد يمثل معضلة مزمنة. لا يواجه ألونسو هنا خيارًا بين نجم ولاعب شاب، بل بين فلسفتين مختلفتين تمامًا، مما يحول المنافسة الصحية إلى حالة من عدم الاستقرار التكتيكي المستمر.
مقارنة مشاركات كارفاخال وأرنولد في المباريات الرسمية
الخصم | اللاعب الأساسي | التبديل | دقائق الأساسي | دقائق البديل | النتيجة |
ليفانتي | لم يشارك كلاهما | لم يشارك كلاهما | – | – | فوز |
إسبانيول | كارفاخال | أرنولد مصاب | 90 | 0 | فوز |
مارسيليا | أرنولد | كارفاخال دخل بديلاً (د. 5) | 5 | 85 | فوز |
ريال سوسيداد | كارفاخال | أرنولد دخل بديلاً (د. 82) | 82 | 8 | فوز |
ريال مايوركا | أرنولد | كارفاخال دخل بديلاً (د. 72) | 72 | 18 | فوز |
ريال أوفييدو | كارفاخال | أرنولد دخل بديلاً (د. 87) | 87 | 3 | فوز |
أوساسونا | أرنولد | كارفاخال دخل بديلاً (د. 68) | 68 | 22 | فوز |
يوضح الجدول تأرجح ألونسو بين اللاعبين، مما يمنع أيًا منهما من بناء تفاهم كامل مع زملائه. مع كارفاخال، يمتلك الفريق توازنًا دفاعيًا أكبر، بينما مع أرنولد، يكتسب سلاحًا هجوميًا فتاكًا لكنه يصبح أكثر عرضة للهجمات المرتدة. هذا التدوير المستمر يمنع الفريق من تطوير هوية مستقرة على الجهة اليمنى ويعكس ترددًا في حسم هوية الفريق ككل.
هل ريال مدريد قفص ذهبي للمواهب الشابة؟
يواجه اللاعبون الشباب في ريال مدريد معضلة حقيقية بين بيئة تدريبية عالمية وفرص لعب محدودة. الانضمام إلى النادي الملكي يوفر امتيازات لا مثيل لها، لكنه يأتي على حساب دقائق المشاركة التي تعتبر العامل الأهم لتطور أي لاعب شاب.
مزايا اللعب في ريال مدريد | عيوب اللعب في ريال مدريد |
يوفر النادي بيئة تنافسية عالية المستوى ومرافق عالمية، مما يسرّع من تطور اللاعب ويغرس فيه عقلية الفوز. | تكمن المشكلة في صعوبة الحصول على وقت لعب منتظم، حيث يشغل كل مركز نجم عالمي، مما قد يؤدي إلى ركود المستوى وفقدان الثقة. |
بالنسبة للنادي، يبقى الهدف الأسمى هو الفوز بالألقاب، بينما يأتي تطوير الشباب كهدف ثانوي. المواهب الشابة هي أصول استثمارية، إما أن تساهم في الفريق الأول أو يتم بيعها لتحقيق ربح مالي. هذا الواقع يحول النادي أحيانًا إلى قفص ذهبي، حيث يجد اللاعبون أنفسهم محاصرين بين امتيازات كبيرة وفرص محدودة للتطور.
التحدي الأكبر لتشافي ألونسو في مدريد
في النهاية، يتضح أن الاختبار الحقيقي لألونسو لا يكمن فقط في الفوز بالمباريات، بل في قدرته على إدارة أزمة الوفرة. التحدي الأكبر الذي يواجهه ليس الخصم على أرض الملعب، بل هو طبيعة الفريق المكتمل الذي يدربه. نجاحه لن يعتمد على خططه التكتيكية فقط، بل على قدرته على الإبحار في حقل الألغام المليء بالنجوم الجاهزة والمواهب الطموحة، ففي ريال مدريد، لا يكفي أن تكون مدربًا عظيمًا، بل يجب أن تكون سياسيًا بارعًا أيضًا.