غضب صناعي عارم.. رسوم البليت تهدد الاقتصاد المصري ومواجهة حاسمة لوزير الاستثمار | هل يتدخل الفريق كامل؟

أثار قرار فرض رسوم إغراق بنسبة 16.2% على واردات البليت والصاج في مصر جدلًا واسعًا ومخاوف جدية بين كبار مصنعي الحديد والصلب. ويحذر الصناع من أن هذا الإجراء الحكومي قد يدفع 22 مصنعًا لدرفلة الحديد نحو الإغلاق وتسريح أكثر من 20 ألف عامل، إلى جانب تهديد المنافسة العادلة ودفع السوق نحو الاحتكار ورفع أسعار الحديد للمستهلك النهائي. وتأتي هذه التحذيرات في ظل مطالبات عاجلة للحكومة بإعادة النظر في القرار لحماية الصناعة الوطنية.

تداعيات رسوم الإغراق على صناعة الحديد المصرية

شن مصنعو الحديد هجومًا حادًا على قرار وزير الاستثمار بفرض رسوم إغراق على البليت، مؤكدين أنه يقتل المنافسة في إنتاج حديد التسليح عالي الجودة لصالح عدد محدود من المصانع الكبرى. وأوضح طارق عبدالعظيم، رئيس شركة المدينة للصلب، أن هذا القرار قد تسبب في تعطيل شبه كامل لإنتاج 22 مصنعًا لدرفلة حديد التسليح، مهددًا بفقدان أكثر من 20 ألف عامل لوظائفهم ومصدر رزقهم. وأضاف عبدالعظيم أن هذه الرسوم سترفع تكلفة مدخلات المصانع التي تعتمد على الاستيراد بسبب عدم توافر البليت بالمواصفات المطلوبة وبأسعار تنافسية محليًا. وتوقع أن تؤدي الرسوم إلى زيادة أسعار الحديد بأكثر من خمسة آلاف جنيه للطن الواحد، مما سيرفع بدوره تكلفة البناء والتشييد على المواطن.

اقرأ أيضًا: نحو التصدير العالمي.. عامر الشوربجي يكشف تفاصيل خطة تطوير صناعة الزبيب في مصر

مخاوف من احتكار السوق وارتفاع التضخم

حذر الخبراء من أن فرض رسوم الإغراق على البليت يضر بجذب الاستثمارات الأجنبية ويهدد الاقتصاد الوطني بفقدان ملايين الدولارات للموردين الخارجيين، وقد تتعرض مصر لقضايا قانونية دولية. كما يعرض القرار الشركات المتعاقدة على مشروعات قومية لخسائر فادحة قد تدفعها للخروج من السوق. وأكد طارق عبدالعظيم أن هذه الرسوم ستؤثر بشكل كبير في ارتفاع معدلات التضخم نتيجة لزيادة أسعار الحديد والمنتجات المرتبطة به. ولفت إلى أن فقدان الوظائف وتراجع القوة الشرائية للمستهلكين سيشكل عبئًا اقتصاديًا كبيرًا في ظل الظروف الراهنة، محذرًا من أن هذه السياسات قد تدفع سوق الحديد نحو الاحتكار وتثير حالة من التخبط الحكومي.

قرار “غير مدروس” يهدد الاستثمار والصناعة

من جانبه، أكد المهندس حسن مبروك، رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية باتحاد الصناعات المصرية، أن قرار وزير الاستثمار لا يخدم الصناعة المحلية بأي شكل، مشيرًا إلى أنه اتخذ بناءً على دراسة أكاديمية لا تتوافق مع الواقع العملي، وبتوصية من أحد المصنعين الكبار لخدمة مصالحه الخاصة. وأضاف مبروك أن الأرقام التي استند إليها القرار غير حقيقية، وأن هناك تلاعبًا بها بهدف السيطرة على السوق والقضاء على صغار المصنعين والمستثمرين. وناشد رئيس شعبة الأجهزة الكهربائية رئيس الوزراء بوقف هذا القرار غير المدروس، محذرًا من تأثيره السلبي على الأسعار التي يتحملها المواطن وعلى استقرار كبرى العلامات التجارية التي قد يدفعها القرار إلى التفكير في الانسحاب من السوق المصري.

اقرأ أيضًا: تطور جديد.. أول تحرك لسعر الدولار بعد اجتماع البنك المركزي اليوم

عجز البليت المحلي يثير تساؤلات حول القرار

أوضح أيمن هيكل، مدير عام مصانع مجموعة العلا للصلب، أن فرض رسوم وقاية على خام البليت يخلق تناقضًا واضحًا وتخبطًا في السوق، معتبرًا أن هذا الإجراء يهدد المنافسة العادلة ويشجع الاحتكار. وأشار هيكل إلى أن وزارة الصناعة، ممثلة في الفريق كامل الوزير، أقرت بوجود عجز محلي في البليت يقدر بنحو 3.7 مليون طن سنويًا، ولهذا تم طرح ثماني رخص جديدة لإنتاج البليت. وتساءل هيكل مستنكرًا: “إذا كان هناك عجز في البليت، لماذا نفرض رسومًا أو وقاية على المنتج المستورد؟” مؤكدًا أن المصانع تحتاج إما للسماح باستيراد حصتها من البليت بدون رسوم أو توفير الكميات المطلوبة محليًا بسعر عادل.

بدوره، أكد المهندس طارق الجيوشي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الجيوشي للصلب، أن السوق المحلي يعاني من فجوة كبيرة بين الطلب والطاقة الإنتاجية للبليت. وأشار إلى أن هذا القرار دفع بعض مصانع البليت المحلية لرفع أسعارها فورًا بنحو 3000 جنيه للطن، مع زيادات إضافية وصلت إلى 2000 جنيه في مصانع أخرى، مما يزيد الأعباء على المنتجين والمستهلكين معًا. وحذر الجيوشي من أن استمرار الأوضاع الحالية قد يؤدي إلى توقف عدد كبير من مصانع حديد التسليح، مما يهدد سلاسل الإمداد والمشروعات القومية الكبرى.

اقرأ أيضًا: تراجع ملحوظ.. سعر الدولار اليوم ببداية تعاملات الأحد يسجل انخفاضًا في 3 بنوك

دعوات عاجلة لإعادة النظر وحماية الصناعة الوطنية

تتوالى الدعوات من كبار الصناع والإعلاميين لمراجعة قرار رسوم الإغراق على البليت والصاج. وناشد الجميع وزير الصناعة ورئيس الوزراء التدخل العاجل وإعادة النظر في القرار، مشددين على ضرورة اتخاذ آلية متوازنة في القرارات الاقتصادية تراعي مصالح جميع الأطراف، خاصة المصانع الصغيرة والمتوسطة. وأشار الإعلامي سيد علي إلى أن فرض الرسوم يمثل عبئًا إضافيًا على المصانع في ظل ارتفاع أسعار المواد الخام عالميًا، مما يقلل من قدرتها التنافسية في الأسواق الإقليمية والدولية وقد يؤدي إلى تراجع الصادرات وارتفاع معدلات البطالة.

حلول مقترحة لضمان استقرار سوق الحديد

اقترح الصناع والخبراء مجموعة من الحلول البديلة لضمان استقرار سوق الحديد وحماية الصناعة الوطنية دون الإضرار بالمستهلك. ومن أبرز هذه الحلول:

اقرأ أيضًا: تراجع مفاجئ للدولار.. العملة الأمريكية تهبط أمام الين بعد مراجعة لبيانات التوظيف تخالف التوقعات

  • دعم المصانع بالتمويل اللازم لتقليل الاعتماد على الواردات.
  • تقديم حوافز للصناعة المحلية لخفض تكلفة الإنتاج وزيادة التنافسية.
  • تأجيل فرض الرسوم الوقائية لحين دخول طاقات إنتاج البليت الجديدة الخدمة، والتي قد تستغرق عامين على الأقل.
  • التزام المصانع المحلية بتغطية احتياجات السوق كاملة بأسعار عادلة ومحددة لا ترفع الأعباء على المستهلك.
  • إجراء حوار مستمر ودقيق بين الحكومة والمصنعين لتقييم النتائج المحتملة لأي قرار اقتصادي قبل تطبيقه.

وأكد المتحدثون أن الهدف يجب أن يكون حماية الصناعة الوطنية ودعمها، مع تحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي وضمان حقوق المستهلكين، وتجنب السياسات التي قد تتحول إلى عبء اقتصادي على المواطنين أنفسهم.

اقرأ أيضًا: قفزة جديدة.. أسعار الجنيه السوداني مقابل الريال اليمني اليوم | مفاجأة في التداولات