رغم ظلام البصر.. طفل كفيف من المنيا يبهر بقدرته على اللحام ويحلم بالهندسة
في قلب محافظة المنيا بصعيد مصر، يرسم فتى كفيف لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، لوحة إصرار ملهمة، حيث أتقن فن اللحام بدقة فائقة ويحلم بمستقبل مشرق في عالم الهندسة، متحديًا بذلك ظروفه ومثبتًا أن الإرادة القوية لا تعرف المستحيل.
موهبة فريدة: طفل المنيا الكفيف في عالم اللحام
أحمد محمد، فتى لم يمنعه فقدان بصره منذ ولادته من الإبداع والتفوق، إذ أظهر موهبة استثنائية في ورشة لحام صغيرة بالقرية. يعتمد أحمد على حواسه الأخرى وذكائه الحاد في فهم تفاصيل العمل، حيث يلمس القطع المعدنية ويدرك أبعادها وأشكالها بدقة مذهلة، ثم يقوم بتوجيه آلة اللحام بثقة كبيرة، مسترشداً بالصوت والحرارة الصادرة من المعدن المنصهر. هذه المهارة ليست مجرد حرفة، بل هي فن يجسد قدرته على تجاوز الحدود.
تحدي الإعاقة: كيف أبدع في ورشة اللحام؟
بدأ أحمد رحلته مع اللحام بدافع الفضول وشغفه بتفكيك وتركيب الأشياء. تلقى الدعم من أحد أقاربه الذي يمتلك ورشة لحام، والذي لاحظ سرعة تعلم أحمد وقدرته على استيعاب التعليمات. يروي أقاربه كيف كان يستمع جيداً لخطوات العمل ثم يقلدها بحرفية، معتمداً على ذاكرته القوية وإحساسه باللمس والاتجاهات. هذه التجربة أكدت له أن الإعاقة البصرية لا تعني نهاية المطموح أو العزلة، بل يمكن أن تكون دافعاً لاكتشاف قدرات فريدة.
أحلام الهندسة: طموح يتجاوز حدود البصر
رغم إتقانه للمهن اليدوية، فإن طموح أحمد يتجاوز ورشة اللحام بكثير، فهو يحلم بأن يصبح مهندسًا ميكانيكيًا أو معماريًا. يرى في الهندسة مجالًا يمكنه من خلاله تصميم وابتكار حلول مبتكرة، ويؤمن بقدرته على فهم الأبعاد والتصاميم باستخدام أدوات مساعدة وتقنيات حديثة. قصص المهندسين البصريين المكفوفين حول العالم تلهمه وتغذى حلمه، مؤكدًا أن الشغف والمعرفة هما المفتاح للوصول إلى أي هدف.
رسالة أمل وإصرار من قلب الصعيد
قصة أحمد محمد هي رسالة قوية من قلب صعيد مصر، تؤكد على أن الإرادة والعزيمة يمكن أن تحول ظلام البصر إلى نور يضيء دروب الإبداع والتفوق. يرى الكثيرون في قريته وفي المجتمع المصري بشكل عام أن أحمد يمثل نموذجًا ملهمًا للشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، ويؤكد على ضرورة توفير فرص التعليم والتدريب المناسبة للجميع، لتمكينهم من تحقيق أحلامهم والمساهمة بفاعلية في المجتمع.