رسميًا من خبراء الأعصاب: يُحسمون الجدل حول “إتانيرسيب” وعلاج السكتة الدماغية: الكلمة الأخيرة.
كشفت دراسة دولية واسعة عن نتائج مخيبة للآمال بشأن دواء “إتانيرسيب”، الذي رُوِّج له في بعض العيادات الأمريكية كعلاج ثوري للسكتة الدماغية. أثبتت التجربة أن الدواء آمن للاستخدام، لكنه لا يقدم أي تحسن ملحوظ في جودة حياة المرضى مقارنة بالدواء الوهمي. هذه النتائج تدعو للحذر من العلاجات غير المدعومة بأدلة علمية قوية.
إتانيرسيب: آمال علاج السكتة الدماغية تصطدم بالواقع العلمي
تُعد السكتة الدماغية من أبرز الأسباب المؤدية للإعاقة على مستوى العالم، إذ تؤثر على حياة أكثر من سبعة ملايين شخص سنويًا. في ظل محدودية الخيارات العلاجية المتاحة لتحسين جودة الحياة بعد الإصابة، يتعلق الكثير من المرضى بآمال كبيرة في أي علاج جديد، وهو ما دفع البعض لوصف “إتانيرسيب” بـ”العلاج السحري” لقدرته على التخفيف من آثار السكتة الدماغية وتداعياتها الصحية.
تفاصيل التجربة الدولية لدواء إتانيرسيب
أجريت هذه الدراسة بدعم من مؤسسة السكتة الدماغية وصندوق البحوث الطبية، وشملت مئة وستة وعشرين مشاركًا من دولتي أستراليا ونيوزيلندا. تم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين، تلقت إحداهما الدواء الحقيقي بينما حصلت الأخرى على دواء وهمي (بلاسيبو). حرص القائمون على التجربة على أن تكون مزدوجة التعمية، بحيث لا يعرف الأطباء ولا المرضى نوع العلاج الذي يتلقاه كل فرد. بعد فترة متابعة استمرت ثمانية وعشرين يومًا، لم يتم تسجيل أي آثار جانبية خطيرة جراء استخدام الدواء. إلا أن النتائج لم تُظهر أي فارق إيجابي ملموس بين المجموعتين من حيث التحسن، مما يؤكد عدم فعالية إتانيرسيب في تحسين حالة مرضى السكتة الدماغية.
المجموعة | نسبة التحسن المبلغ عنها |
متلقو دواء إتانيرسيب | 52% |
متلقو الدواء الوهمي (بلاسيبو) | 57% |
تحذيرات الخبراء وضرورة الاعتماد على الأدلة العلمية
أكد البروفيسور فينسنت تيس، أخصائي الأعصاب البارز في معهد فلوري وقائد فريق البحث لهذه الدراسة، على أهمية وضوح الحقائق العلمية. صرح تيس قائلًا: “ندرك جيدًا مدى رغبة المصابين بالسكتة الدماغية في العثور على أمل جديد وعلاج شافٍ، لكن من الأهمية بمكان أن يعلم الأطباء والمرضى على حد سواء أن دواء إتانيرسيب لم يثبت قدرته على تحسين جودة الحياة بعد الإصابة بالسكتة الدماغية”. من جانبه، شدد كالفين هيل، المدير التنفيذي لبرامج السكتة الدماغية والبحث والابتكار في مؤسسة السكتة الدماغية، على ضرورة الاعتماد على الأدلة العلمية القوية عند اتخاذ قرارات العلاج، مؤكدًا أن “كل مريض يستحق الحصول على أفضل علاج ممكن استنادًا إلى نتائج البحوث السريرية الموثوقة”.
أهمية البحث العلمي المستمر في علاج السكتة الدماغية
تُبرز هذه التجربة، التي نشرت نتائجها الموثوقة في مجلة Neurology المتخصصة، الحاجة الماسة إلى توخي الحذر الشديد عند التعامل مع أي دواء يوصف بـ”الثوري” أو “السحري”، خاصة إذا لم تُثبت فعاليته بشكل علمي واضح وغير قابل للجدل. كما تسلط النتائج الضوء على الأهمية البالغة لاستمرار الأبحاث السريرية المكثفة لتطوير علاجات فعالة وحقيقية لمرضى السكتة الدماغية، الذين يمثلون نسبة كبيرة ومتزايدة من حالات الإعاقة المزمنة عالميًا، وتؤثر على حياتهم بشكل كبير.