عاجل ثوابت الدولة المصرية في مواجهة مخطط التهجير الصهيوني
تؤكد مصر مجددًا دورها المحوري كحائط صد إقليمي، حيث ترفض القاهرة بشكل قاطع أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من أراضيهم، وهو موقف يتجاوز مجرد الدفاع عن الحدود، ليصبح حماية لمبدأ وجودي يتعلق بالأمن القومي المصري والقضية الفلسطينية برمتها، الأمر الذي يعكس ثقلها التاريخي والاستراتيجي في المنطقة.
موقف مصر التاريخي وثبات مبادئها
الموقف المصري الأخير لم يكن مجرد رد فعل على تصريحات عابرة أو تسريبات إعلامية، بل جاء تثبيتًا لقاعدة راسخة في وجدان الدولة المصرية بأن أمنها القومي لا يقتصر على حدود جغرافية ضيقة، بل يمتد ليشمل حماية هوية الأمة كلها، فالقاهرة تدرك أن معبر رفح ليس مجرد نقطة حدودية بل رمز سياسي لا يمكن التهاون فيه.
مصر ترفض أي سيناريو لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم، لأنها تعلم أن قبول ذلك يعني إسقاط القضية الفلسطينية من جذورها، وفتح أبواب الفوضى على المنطقة بأسرها، حيث أثبتت التجارب المريرة أن عمليات التهجير القسري لا تنهي النزاعات بل تخلق صراعات جديدة أكثر تعقيدًا وتطيل أمد الأزمات الإنسانية والسياسية.
دلالات رفض التهجير وتداعياته الإقليمية
تبرهن القاهرة بوضوح أن رفضها لسيناريوهات التهجير لا يقتصر على الدفاع عن الفلسطينيين وحسب، بل يمثل دفاعًا حاسمًا عن استقرار الإقليم وعن أمنها القومي المباشر، فالعبث بالثوابت القومية وخرائط المنطقة قد يفتح بابًا لانهيار متسلسل لا يمكن إيقافه، الأمر الذي يجعل الموقف المصري ضرورة استراتيجية لا رفاهية سياسية.
ما يميز هذا الموقف الحاسم هو وضوحه وجرأته، بعيدًا عن المساومات الدبلوماسية التقليدية، حيث أكد بيان وزارة الخارجية المصرية رفضًا قاطعًا لأي محاولة لتهجير الفلسطينيين عبر أراضيها، وتمسكها بحل الدولتين كخيار وحيد لإنهاء الصراع، وهو ما يبرز مصر كصوت عقلاني وقوة إقليمية تستمد مشروعيتها من التاريخ والعدل.
الأمن القومي المصري في قلب الأزمة
لم يأتِ الموقف المصري منفردًا، فقد حظي بتأييد واسع من الرأي العام العربي وتماهت معه قوى دولية كبرى تدرك جيدًا أن تهجير الفلسطينيين لن يحل الأزمة بل سيفجر أزمات إضافية، لكن القاهرة تدرك أن الرهان الحقيقي يكمن في قدرتها على الصمود طويلًا أمام الضغوط واستثمار أوراقها السياسية والدبلوماسية بحكمة.
القاهرة تنظر إلى هذا المشهد ضمن إطار أوسع لا يقتصر على غزة فحسب، بل يشمل الخريطة الإقليمية بأكملها، حيث تدرك أن التوازن يتعرض لتغييرات جذرية، وأن هناك محاولات مستمرة لإعادة صياغة المنطقة وفق مصالح قوى دولية وإقليمية، ولعل رفضها لسيناريو التهجير يمثل رفضًا ضمنيًا لفكرة إعادة تشكيل المنطقة على حساب الشعوب الأصيلة.
رؤية القاهرة الشاملة والتضامن الدولي
يغفل البعض أن المسألة تتجاوز الواجب القومي أو الأخلاقي لتمس الأمن القومي المصري في الصميم، فأي تهجير للفلسطينيين إلى سيناء يعني إدخال الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني إلى داخل الأراضي المصرية، بما يحمله من مخاطر أمنية وعسكرية واقتصادية لا يمكن تصورها، وهو ما يجعل الموقف المصري غير قابل للمساومة أو التنازل عن مبادئه الأساسية.
إن قوة مصر الحقيقية لا تكمن فقط في جيشها وموقعها الاستراتيجي، بل تتجلى في قدرتها على قراءة المشهد الإقليمي والدولي بحكمة، وربطه بمعادلة كبرى تفيد أن الدفاع عن فلسطين اليوم هو دفاع عن مصر غدًا، وحماية القضية من التصفية هي حماية لمستقبل الأمة كلها، لذلك التفت النقابات والمؤسسات والرأي العام خلف الموقف الرسمي.
مصر تقدم بدائل عملية لإنهاء الصراع
مصر، صاحبة الرسالة قبل أن تكون صاحبة حدود، لا تكتفي بالرفض فحسب، بل تسعى جاهدة لتقديم بدائل عملية تضمن تحقيق الاستقرار المستدام، فهي تدفع باستمرار باتجاه استئناف المفاوضات الجادة، وتتمسك بحل الدولتين كخيار استراتيجي، وتدعم كل جهد دبلوماسي يضمن للشعب الفلسطيني حقوقه المشروعة، وذلك بسياسة دولة تعرف أن الكلمة تحتاج للفعل.
الموقف المصري: اختبار حقيقي للأمن القومي
يُعد هذا المشهد ليس مجرد أزمة عابرة، بل اختبارًا حقيقيًا لمعنى «الأمن القومي» في القرن الحادي والعشرين، حيث لم يعد الأمن مقتصرًا على السلاح والحدود، بل بات يشمل الهوية والقيم والثوابت الوطنية، ومصر وهي تواجه سيناريو تهجير الفلسطينيين بكل وضوح تؤكد أن أمنها بحجم أمة، وأنها ستظل درع العروبة والعدل والحق.