رسميًا.. رئيس الوزراء يلتقي ملك أسبانيا في مقر الحكومة
استقبل الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، جلالة الملك فيليبي السادس، ملك إسبانيا، والوفد المرافق له في القاهرة، ضمن زيارة دولة تهدف لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين. ركزت المباحثات على الارتقاء بمستوى الشراكة الاستراتيجية، ودعم التعاون الاقتصادي والاستثماري، إضافة إلى تنسيق المواقف بشأن التطورات الإقليمية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
الشراكة الاستراتيجية: آفاق جديدة للعلاقات المصرية الإسبانية
في مستهل اللقاء، رحب رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بملك إسبانيا، مؤكدًا أهمية هذه الزيارة التاريخية لمصر، والتي تأتي في سياق تعزيز العلاقات الثنائية التي شهدت نقلة نوعية. أشار مدبولي إلى الزيارة الأخيرة للرئيس عبدالفتاح السيسي إلى إسبانيا في فبراير الماضي، والتي أسفرت عن ترفيع العلاقات بين البلدين إلى مستوى “الشراكة الاستراتيجية”. وشملت تلك الزيارة التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم للتعاون في مجالات الاقتصاد، التجارة، الصناعة، الفن، السياحة، الهجرة، والنقل، وغيرها من القطاعات الحيوية. وأشاد رئيس الوزراء بالعلاقات المتميزة والتاريخية بين مصر وإسبانيا، مؤكدًا أن زيارة الملك فيليبي السادس تحمل أهمية خاصة، لاسيما بعد استقبال الرئيس السيسي لجلالة الملك.
الاستثمار والتعاون الاقتصادي: مصر بوابة للتجارة الإسبانية
لفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى الجهود المستمرة للحكومة المصرية في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي، الذي يهدف إلى تهيئة مناخ جاذب للاستثمارات الأجنبية المباشرة وتوسيع نطاق التعاون مع الشركاء الدوليين، وفي مقدمتهم إسبانيا. وأكد رئيس الوزراء اهتمام الدولة المصرية بتعزيز جذب الاستثمارات الأجنبية، مستعرضًا الطفرة الكبيرة في البنية التحتية المصرية خلال العقد الماضي، بما في ذلك شبكة الطرق، وتطوير الموانئ، وإنشاء المناطق الصناعية المتخصصة.
من أبرز هذه المناطق “المنطقة الاقتصادية لقناة السويس”، والتي تمثل فرصة واعدة للاستثمارات الإسبانية كبوابة حيوية واستراتيجية لتصدير المنتجات الإسبانية إلى الأسواق العربية والأفريقية المرتبطة باتفاقيات تجارة حرة وتفضيلية مع مصر. وأشار مدبولي إلى وجود فرص واسعة لتوسيع الشراكة بين البلدين في عدة قطاعات:
- البنية التحتية.
- النقل.
- المياه.
- الطاقة المتجددة والربط الكهربائي.
- إنتاج الهيدروجين الأخضر.
- التصنيع المشترك.
- الاستثمار الزراعي.
رحب رئيس الوزراء بمشاركة الشركات الإسبانية في مشروعات قطاع الطاقة وإنتاج الهيدروجين الأخضر. كما أكد أن مصر تولي أهمية كبرى لتوطين الصناعات وزيادة المكون المحلي في المشروعات المنفذة بواسطة الشركات الإسبانية.
وبشأن حجم الاستثمارات، سجلت الاستثمارات الإسبانية في مصر نموًا ملحوظًا:
حجم الاستثمارات الإسبانية في مصر | 882.93 مليون يورو |
حتى تاريخ | يوليو 2024 |
وعبر مدبولي عن تطلع مصر للبناء على التجارب الناجحة لمشروعات التعاون المشترك، مثل قطاع النقل والمواصلات ومشروع إنتاج البلازما، وتعميم هذه النجاحات على مجالات أخرى.
التعاون السياحي والتجاري: تطلعات مستقبلية
أعرب الدكتور مصطفى مدبولي عن اهتمام مصر بتنمية وتنشيط التعاون السياحي مع إسبانيا، للاستفادة من خبرتها كدولة سياحية عالمية كبرى. وقد تجلى هذا الاهتمام في توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين للتعاون في هذا المجال، نظرًا لأن السياحة تعد من الركائز الأساسية للاقتصاد المصري ومصدرًا هامًا للعملة الصعبة.
وفيما يخص العلاقات التجارية، أكد رئيس الوزراء أن إسبانيا تعد أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر داخل الاتحاد الأوروبي. وشدد على عزمه العمل لمضاعفة حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال الفترة القادمة، مستفيدًا من القرب الجغرافي وخطوط الملاحة المباشرة، إضافة إلى دعم العلاقات في مجالات الاهتمام المشترك المتنوعة.
موقف إسباني داعم ودور مصر الإقليمي
من جانبه، أعرب جلالة الملك فيليبي السادس عن تقديره البالغ للزيارة الحالية إلى مصر وحفاوة الاستقبال، مؤكدًا ضرورة التحرك السريع لدعم التعاون في العديد من المجالات وتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. كما ثمن ملك إسبانيا مشاركة رئيس الوزراء المصري في المؤتمر الدولي الرابع للتمويل من أجل التنمية الذي عُقد في إشبيلية بإسبانيا في الفترة من 30 يونيو إلى 3 يوليو 2025.
وأكد جلالة الملك على الدور المهم الذي تضطلع به مصر في المنطقة، مشيرًا إلى إدراكه لطبيعة الأزمات الإقليمية الحالية وتداعياتها على مصر، ولا سيما فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وأشاد ملك إسبانيا بالعلاقات التاريخية والمهمة التي تجمع بين البلدين، والتعاون القائم في مختلف المجالات، فضلًا عن العلاقات القوية التي تتمتع بها مصر مع الاتحاد الأوروبي.
وشدد الملك فيليبي السادس على أهمية دعم العلاقات بين القطاع الخاص في البلدين لدفع عجلة التعاون والاستثمارات المشتركة، موضحًا وجود فرص واعدة للتعاون في مجالات الصحة والثقافة والتراث. ونوه ملك إسبانيا إلى علاقات التعاون القائمة بين الاتحاد الأوروبي ودول الجوار، ومن بينها مصر، مؤكدًا أهمية دعمها في مختلف المجالات، خاصة وأن الطرفين ينتميان إلى دول منطقة البحر الأبيض المتوسط.
وأعرب جلالة الملك عن تقديره لنجاح مصر في تحقيق الأمن والاستقرار عبر مكافحة الإرهاب ودفع جهود التنمية خلال الأعوام الماضية. كما تطلع إلى تحقيق الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن إسبانيا تقدم الدعم لوكالة الأونروا نظرًا لدورها الحيوي تجاه اللاجئين الفلسطينيين، ومؤكدًا أهمية التوصل لوقف إطلاق النار والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني.
القضية الفلسطينية: موقف مصري ثابت ورؤية إسبانية داعمة
أشاد رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بالموقف الإسباني القوي تجاه القضية الفلسطينية، مؤكدًا أن مصر عبرت عن موقفها بصراحة ووضوح منذ اليوم الأول للصراع. وشدد مدبولي على أن مصر ترفض تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، وأن حل الدولتين وإقرار السلام هو السبيل الوحيد لتسوية النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وأكد أن مصر تدعم حق الشعب الفلسطيني في نيل حقوقه المشروعة، خاصة حقه في تقرير المصير، عبر استقلال دولته على خطوط الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. واختتم مدبولي تأكيده على التزام الحكومة المصرية بدعم وتطوير العلاقات مع إسبانيا في كافة المجالات.