رقم 4% يحسم الجدل.. بنك إنجلترا يثبت سعر الفائدة ويبطئ تراجع السندات | هل ينجح في تهدئة الأسواق؟
أبطأ بنك إنجلترا وتيرة برنامجه لتقليص مخزون السندات الحكومية لأول مرة، محولاً تركيز المبيعات بعيداً عن الديون طويلة الأجل لتقليل الضغط على الأسواق المتقلبة. جاء هذا القرار بالتزامن مع الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند 4%، كما كان متوقعاً، ورفع البنك توقعاته للنمو الاقتصادي للربع الثالث، في خطوة تهدف لتحقيق التوازن بين مكافحة التضخم ودعم الاقتصاد البريطاني.
إبطاء بنك إنجلترا لبرنامج تقليص السندات الحكومية
قرر بنك إنجلترا إبطاء وتيرة بيع السندات الحكومية البريطانية، في تغيير هو الأول من نوعه منذ أن بدأ البنك برنامج تقليص ميزانيته العمومية عام 2022. كان البنك قد شرع في بيع السندات بعد سنوات من شرائها ضمن برنامج التيسير الكمي لدعم الاقتصاد، حيث اشترى ما مجموعه 875 مليار جنيه إسترليني (ما يعادل 1.19 تريليون دولار) من السندات بين عامي 2009 و2021. ويرى منتقدو أسلوب البنك، الذي يتميز ببيع السندات مباشرة بدلاً من الاكتفاء بتركها تستحق، أنه ساهم في ارتفاع عائدات السندات الحكومية لأجل 30 عامًا إلى أعلى مستوياتها خلال 27 عامًا هذا الشهر.
انقسام صناع السياسات بشأن وتيرة بيع السندات
صوت صناع السياسات النقدية في بنك إنجلترا بأغلبية سبعة أصوات مقابل صوتين لصالح إبطاء وتيرة تفريغ السندات الحكومية. وبموجب القرار الجديد، سيتم تقليص حجم الميزانية العمومية بمقدار 70 مليار جنيه إسترليني بين أكتوبر 2025 وسبتمبر 2026، وهو أقل من الـ 100 مليار جنيه إسترليني التي تم تقليصها في الأشهر الاثني عشر الماضية. وعلق محافظ البنك، أندرو بيلي، قائلاً إن “الهدف الجديد يُمكّن لجنة السياسة النقدية من مواصلة تقليص حجم الميزانية العمومية للبنك بما يتماشى مع أهداف سياستها النقدية، مع تخفيف تأثير ظروف سوق السندات الحكومية المتقلبة”. يُعد هذا الانقسام في الآراء الأول من نوعه حول وتيرة المبيعات، رغم أن اللجنة اختلفت سابقًا حول وتيرة المشتريات.
صوت كبير الاقتصاديين في البنك، هيو بيل، لصالح الإبقاء على الوتيرة السابقة البالغة 100 مليار جنيه إسترليني، معتبراً أن تأثيرها على الأسواق ضئيل، بينما دعت عضوة اللجنة كاثرين مان إلى تخفيض أسرع يصل إلى 62 مليار جنيه إسترليني. وأوضح البنك أن توزيع مبيعات السندات خلال العام المقبل سيختلف عن السنوات السابقة، حيث سيتم تخصيص نسب محددة للسندات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل بناءً على سعر الشراء الأولي.
توضح البيانات التالية الفروقات في توزيع مبيعات السندات الحكومية:
نوع السند | التوزيع الجديد (2025-2026) | التوزيع السابق (سنوات سابقة) |
---|---|---|
قصيرة الأجل | 40% | متساوٍ (حوالي ثلث) |
متوسطة الأجل | 40% | متساوٍ (حوالي ثلث) |
طويلة الأجل | 20% | متساوٍ (حوالي ثلث) |
انعكاسات قرار بنك إنجلترا على الأسواق المالية البريطانية
شهدت عائدات السندات الحكومية طويلة الأجل في المملكة المتحدة ارتفاعات قياسية، حيث وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1998 في بداية هذا الشهر. هذا الارتفاع وضع ضغوطًا كبيرة على وزيرة المالية راشيل ريفز قبيل إعلان ميزانيتها المقررة في 26 نوفمبر. وفي تعليقها على القرار، قالت يائيل سيلفين، كبيرة الاقتصاديين في شركة كيه بي إم جي بالمملكة المتحدة، إن “قرار إبطاء وتيرة بيع السندات من شأنه أن يخفف بعض الضغوط عن سوق السندات البريطاني قبيل الميزانية المرتقبة”.
عقب إعلان بنك إنجلترا، تراجع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأمريكي، بينما انخفضت العائدات على السندات الحكومية لأجل 30 عامًا. وصوتت لجنة السياسة النقدية بأغلبية سبعة أصوات مقابل صوتين للإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية عند 4%، في حين استمر عضوا اللجنة سواتي دينجرا وآلان تايلور في دعوتهما لخفض أسعار الفائدة لدعم النمو الاقتصادي في المملكة المتحدة.
توقعات التضخم والنمو الاقتصادي ومسار أسعار الفائدة
أكد بنك إنجلترا على توقعاته بأن يبلغ التضخم ذروته عند 4% هذا الشهر، ثم يتراجع تدريجياً نحو الهدف المحدد البالغ 2% بحلول الربع الثاني من عام 2027. وفي إشارة إيجابية، رفع البنك توقعاته للنمو الاقتصادي للربع الثالث من 0.3% إلى 0.4%. وعلى الرغم من هذه التوقعات، حذر محافظ البنك أندرو بيلي قائلاً “على الرغم من أننا نتوقع عودة التضخم إلى هدفنا البالغ 2%، إلا أننا لم نخرج من الأزمة بعد، لذا فإن أي تخفيضات مستقبلية يجب أن تتم تدريجياً وبعناية فائقة”.
قبل إعلان القرار، كانت الأسواق تتوقع بنسبة 32% احتمالية خفض أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام، وارتفع هذا الاحتمال إلى 37% بعد القرار، وفقاً لبيانات LSEG. من جانبه، علق سيمون دانجور، رئيس استراتيجيات الاقتصاد الكلي للدخل الثابت في جولدمان ساكس لإدارة الأصول، بأن “التضخم المستقر وضعف سوق العمل من شأنه أن يثني لجنة السياسة النقدية عن تخفيف السياسة النقدية. ومع ذلك، فإن الميزانية القادمة قد تستدعي استجابة سريعة، ونتوقع أن يكون خفض أسعار الفائدة المقبل من بنك إنجلترا في فبراير”.