قدرات تتخطى البشر.. الذكاء الاصطناعي يقدم تحليلًا دقيقًا لتعبيرات الوجه ولغة الجسد يفوق القدرة البشرية

أظهرت دراسة علمية حديثة من جامعة توركو الفنلندية أن نموذج الذكاء الاصطناعي “ChatGPT” يقترب بشكل لافت من البشر في قدرته على فهم وتحليل التفاعلات الاجتماعية. فقد استطاع النموذج تقديم تقييمات دقيقة لتعابير الوجه ولغة الجسد وأنماط التواصل، في أداء كان منافسًا بل وأكثر اتساقًا من تقييمات الأفراد منفردين، مما يفتح آفاقًا جديدة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في الأبحاث المعقدة.

الذكاء الاصطناعي يفهم التفاعلات الاجتماعية كالبشر

شملت الدراسة تحليل 138 سمة اجتماعية متنوعة، مثل التعاون والعدائية ولغة الجسد وتعابير الوجه. قارن الباحثون نتائج “ChatGPT” بأكثر من ألفي تقييم بشري، ووجدوا أن الفروق بينهما كانت طفيفة للغاية، حيث جاء أداء الذكاء الاصطناعي قريبًا جدًا من أداء المشاركين البشريين، مع الحفاظ على مستوى ثابت من الدقة لم يتحقق لدى الأفراد بشكل فردي. هذا الإنجاز يعكس تطورًا كبيرًا في قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل المواقف الاجتماعية وفهمها بعمق.

اقرأ أيضًا: هام لملاك العقارات: تسجيل 54 ألف عقار في السعودية.. إليك خطوات التحقق من ملكيتك عبر منصة السجل العقاري

ثورة في البحث العلمي: تسريع الدراسات العصبية بفضل الذكاء الاصطناعي

من أبرز ما كشفت عنه الدراسة هو الكفاءة المذهلة التي حققها “ChatGPT”، حيث أنجز ما يعادل أكثر من 10 آلاف ساعة عمل بشري خلال بضع ساعات فقط. هذا التوفير الضخم في الجهد البحثي يبرز القيمة العملية للذكاء الاصطناعي في المجالات التي تتطلب تحليلًا مكثفًا للبيانات، مما يسرع وتيرة الاكتشافات العلمية.

انتقلت الدراسة إلى مرحلة ثانية أكثر عمقًا، حيث استخدم الباحثون تقييمات “ChatGPT” والبشر في بناء نماذج لشبكات الدماغ المسؤولة عن الإدراك الاجتماعي. استخدموا في ذلك تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي لرسم خريطة دقيقة لكيفية استجابة الدماغ للمواقف الاجتماعية المختلفة. لعب الذكاء الاصطناعي دورًا محوريًا في هذه المرحلة، فبتوفيره أداة عملية للتعامل مع بيانات معقدة وضخمة في وقت قياسي، أتاح للباحثين التركيز على الجوانب التفسيرية والتحليلية بدلًا من إضاعة الوقت في عمليات الترميز الشاقة والمرهقة. جاءت خرائط الإدراك الاجتماعي التي اعتمدت على تقييمات “ChatGPT” متطابقة بدرجة لافتة مع تلك التي ارتكزت على تقييمات بشرية، مما يعزز الثقة في إسهام الذكاء الاصطناعي بفهم أعمق لآليات عمل الدماغ البشري.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. السعودية تُحدّث قائمة الممنوعات للقادمين بتأشيرة عمرة عبر مطارات المملكة

تطبيقات عملية واسعة للذكاء الاصطناعي في فهم السلوك البشري

لا تقتصر إمكانات هذه التقنية على حدود المختبرات، بل تمتد لتشمل ميادين عملية واسعة ذات تأثير مباشر على حياة الأفراد والمؤسسات. يمكن توظيف الذكاء الاصطناعي لفهم السلوك البشري في العديد من القطاعات:

  • **الرعاية الصحية:** يمكن للذكاء الاصطناعي مراقبة تعابير المرضى وتفاعلاتهم بشكل مستمر، مما يساعد الأطباء على تقييم حالاتهم بدقة أعلى ويقدم لهم رؤى قيمة قد تفوت المراقبة البشرية التقليدية.
  • **المجال التسويقي:** يفتح الذكاء الاصطناعي آفاقًا جديدة لتحليل ردود فعل الجمهور تجاه الحملات الإعلانية المرئية. يمنح هذا الشركات رؤى أعمق حول استجابة المستهلكين للمحتوى دون الحاجة إلى دراسات ميدانية مطولة ومكلفة.

التوازن بين القدرات البشرية والذكاء الاصطناعي: نظرة للمستقبل

يؤكد الباحث الفنلندي سيفيري سانتافيرتا، أن الاعتماد على نتائج الذكاء الاصطناعي قد يكون أوثق من الاعتماد على تقييم فرد واحد، لكنه شدد في الوقت نفسه على أن الجمع بين تقييمات بشرية متعددة يظل أكثر دقة وموثوقية من أي نظام آلي منفرد. يشير سانتافيرتا إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يعرف التعب ويمكنه العمل على مدار الساعة، مما يجعله شريكًا مثاليًا للبشر في البيئات التي تتطلب مراقبة مستمرة وتحليلًا دقيقًا، مع الإبقاء على الدور البشري لمراجعة النتائج الجوهرية واتخاذ القرارات النهائية.

اقرأ أيضًا: بشرى للمستفيدين.. رابط الاستعلام عن أسماء المشمولين بالرعاية الاجتماعية الوجبة الأخيرة عبر مظلتي

هذا التوازن بين القدرات الآلية واللمسة الإنسانية يرسم تصورًا لمستقبل تشاركي تتكامل فيه قدرات البشر مع إمكانات الذكاء الاصطناعي. هنا لا يُنظر إلى الذكاء الاصطناعي كمنافس، بل كأداة مكملة تعزز الكفاءة والدقة في شتى المجالات. كما تبرز النتائج الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي كعامل اقتصادي مهم، حيث يسهم في تقليل تكاليف الأبحاث الكبرى ويختصر الزمن اللازم لإجراء تجارب كانت تتطلب موارد بشرية هائلة.

حدود الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في تفسير السلوك الإنساني

على الرغم من هذه الإنجازات المذهلة، يجب الإشارة إلى أن هذه القدرات، مهما بلغت دقتها، لا يمكن أن تحل محل التنوع البشري في الرؤى والتجارب. قيمتها الكبرى تكمن في كونها أداة مساعدة تعزز البحث ولا تلغيه. مع تزايد الاهتمام العالمي بقدرات الذكاء الاصطناعي في فهم السلوك البشري، يترسخ الاعتقاد بأن المرحلة المقبلة ستشهد تحولات عميقة في طرق دراسة علم النفس وعلوم الأعصاب وعلم الاجتماع.

اقرأ أيضًا: إجازة رسمية.. موعد اليوم الوطني السعودي 2025 للاحتفال بالذكرى الـ95

ويجمع الباحثون على أن المستقبل القريب سيشهد مزيدًا من الدمج بين الذكاء الاصطناعي والعلوم الإنسانية، وهو دمج قد يعيد رسم ملامح فهمنا للعقل البشري والتفاعلات الاجتماعية بطرق غير مسبوقة، مع طرح تساؤلات أعمق حول حدود الاعتماد على الأنظمة الآلية في تفسير السلوك الإنساني المعقد.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. كيف تعرف إذا كنت مستحقًا لدعم ريف 2025 وشروط الصرف؟