قرار حكومي مرتقب.. رئيس الوزراء يوضح موقف أسعار الوقود في أكتوبر وهل تكون الزيادة القادمة هي الأخيرة؟

أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، خلال لقاء موسع مع رؤساء تحرير الصحف، التزام الحكومة بخطة إصلاح اقتصادي واضحة، مشيرًا إلى أن الزيادة المرتقبة في أسعار الوقود قد تكون الأخيرة من حيث الزيادات الحقيقية مع استمرار دعم السولار. وتناول رئيس الوزراء ملفات حيوية تشمل القضية الفلسطينية، الأمن المائي، جهود تنمية الصعيد، القفزة النوعية في قطاعي الصحة والتعليم، ودور الدولة في استصلاح الأراضي، بالإضافة إلى خطط لتطوير الإعلام والتحول نحو الدعم النقدي.

الإصلاح الاقتصادي ودعم الوقود: زيادات قريبة ودعم مستمر للسولار

أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، أن هناك خطوات واضحة في خطة الإصلاح الاقتصادي الجارية. مشيرًا إلى أن الزيادة المتوقعة في أسعار الوقود، والمقررة في أكتوبر القادم، قد تكون الأخيرة من حيث الزيادات الحقيقية، مع التأكيد على استمرار دعم سعر السولار حتى بعد هذه الزيادة. وأوضح أن استمرار الحكومة في مسار الإصلاحات على مدى العامين المقبلين سيعزز الاستقرار الاقتصادي، رغم التحديات الإقليمية المحتملة التي قد تؤثر على الاقتصاد المصري.

مصر والقضية الفلسطينية: رفض التهجير ودعم الاحتياجات الإنسانية

تطرق رئيس الوزراء إلى موقف الدولة المصرية الراسخ من القضية الفلسطينية، مؤكدًا عدم السماح بتهجير الفلسطينيين من أراضيهم ورفض تصفية القضية. وأشار إلى جهود توفير الاحتياجات الإنسانية لأبناء الشعب الفلسطيني من خلال خطط طوارئ شاملة يشارك بها مختلف الجهات والهيئات المصرية. وفي سياق آخر، شدد الدكتور مدبولي على أن قضية المياه بالنسبة لمصر هي قضية وجودية، وأن الدولة لن تتوانى عن حماية حقوقها المائية في نهر النيل، مع حرصها على التعاون مع دول حوض النيل في المشروعات التنموية.

التواصل الحكومي وتعزيز الرقابة على الأسواق بمشاركة المواطن

وأكد رئيس الوزراء حرص الحكومة على تعزيز التواصل مع المواطنين، مشيرًا إلى متابعته اليومية لما ينشر في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى منظومة الشكاوى الموحدة التابعة لمجلس الوزراء كإحدى المنصات الفعالة. ودعا المواطنين إلى دعم الأجهزة الرقابية بالإبلاغ عن أي ممارسات احتكارية لضبط الأسواق والأسعار، مشددًا على أن الاقتصاد الحر يشجع القطاع الخاص مع غياب الإجراءات الجبرية في الأسواق العالمية.

جهود تنمية الصعيد ودعم الصناعة الوطنية وتعافي حقل ظهر

استعرض الدكتور مدبولي الإنجازات في صعيد مصر، مشيرًا إلى مشروعات تنموية ضخمة نفذت في العديد من القطاعات خلال السنوات العشر الماضية، مؤكدًا أهمية بذل المزيد لرفع مستوى الخدمات وتوفير فرص عمل للشباب. وفيما يخص قطاع البترول، أوضح أن إنتاج حقل ظهر عاد إلى مستوياته الطبيعية بعد حل أزمة مستحقات الشركاء الأجانب، متوقعًا استعادة حجم الإنتاج الأقصى من الحقول المصرية خلال عامين أو ثلاثة بفضل انتظام سداد المستحقات وتشجيع الاستكشافات الجديدة. كما أكد أن حماية الصناعة الوطنية بقرارات مؤقتة هو جزء مهم من آليات ضمان عدم الإغراق وممارسة طبيعية في دول كثيرة ضمن آليات التجارة الحرة العالمية.

خارطة طريق لتطوير الإعلام والثقافة وإعادة إحياء وسط البلد

شدد رئيس الوزراء على توجيهات الرئيس بتشكيل لجنة وطنية مستقلة لتطوير الإعلام بمشاركة ممثلي المؤسسات الإعلامية والجامعات، ليشمل ذلك أيضًا ملف الثقافة والدراما والمسرح والسينما. وتطرق إلى جهود إعادة إحياء منطقة وسط البلد التي تعد منطقة ذات طابع عمراني خاص، مؤكدًا أن أعمال التطوير تتم بالشراكة بين الدولة والقطاع الخاص للحفاظ على طابعها المميز، ومستشهدًا بنجاح إحياء حديقة الأزبكية. كما أشار إلى منصة “شارك” التي أطلقتها الحكومة لإشراك المواطنين في إعداد السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية.

الدولة تستثمر بقوة في الصحة والتعليم: لا انسحاب بل قفزة نوعية

نفى رئيس الوزراء المزاعم بانسحاب الدولة من قطاعي الصحة والتعليم، مؤكدًا أن مصر شهدت نقلة نوعية غير مسبوقة خلال السنوات العشر الماضية، مستعرضًا الأرقام والإنجازات التالية:

• في قطاع الصحة:
  • إجراء 2.8 مليون عملية جراحية على نفقة الدولة.
  • تكلفة العمليات قد تصل إلى 700 ألف جنيه للعملية الواحدة (مثل زرع الكلى والكبد وجراحات المخ)، بينما يدفع المواطن بين 200 و480 جنيهًا فقط.
  • تفعيل منظومة التأمين الصحي الشامل التي تكلف الدولة مئات المليارات سنويًا وتستهدف تغطية جميع المحافظات والمواطنين بالكامل.
  • القضاء على اضطرار المواطنين في محافظات الصعيد للسفر إلى القاهرة لإجراء العمليات الجراحية، حيث أصبحت متوفرة محليًا بفضل جهود الدولة في تطوير المستشفيات.

• وفي قطاع التعليم:
  • زيادة عدد الجامعات من 50 جامعة عام 2014 إلى أكثر من 125 جامعة حاليًا، الجزء الأكبر منها جامعات أهلية تم إنشاؤها من خلال الدولة استكمالًا للجامعات الحكومية.
  • تطوير منظومة التعليم الفني بقوة وتحديث المناهج، بعد أن كان مجرد اسم.
  • تقليل كثافة الفصول بالمدارس من أكثر من 120 طالبًا في الفصل إلى 50 طالبًا كحد أقصى حاليًا.
  • إدخال الذكاء الاصطناعي في المناهج الدراسية لطلبة المدارس ما قبل الجامعات، حيث سيبدأ تدريسه اعتبارًا من العام المقبل في المرحلة الثانوية، وذلك بالتعاون مع أكبر مؤسسة في اليابان في قطاع التعليم.

دور الدولة في استصلاح الأراضي الزراعية وتحديات التوسع العمراني

أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الدولة تضطلع بدور محوري في قطاع الزراعة لا يمكن للقطاع الخاص القيام به بمفرده، مثل تأهيل قطع أراض صحراوية كاملة لا يوجد بها مرافق أو مصادر للمياه والكهرباء. وشمل ذلك إقامة محطات عملاقة لمعالجة مياه الصرف الزراعي لتوصيل المياه إلى هذه الأراضي المستصلحة، وإنشاء محطات الكهرباء وشبكات الطرق التي تمتد لمسافات طويلة داخل الصحراء، مشيرًا إلى أن تكلفة المرافق للفدان الواحد تبلغ حوالي 200 إلى 300 ألف جنيه وهي استثمارات هائلة تفوق قدرة القطاع الخاص. وأوضح أن الدولة تحتاج إلى ضعف المساحة الزراعية الموجودة حاليًا على الأقل لسد احتياجات السكان الذين تضاعف عددهم خمس مرات خلال خمسين عامًا. وفي سياق التوسع العمراني، أشار إلى أن المواطنين يتركزون على 5% أو 6% فقط من مساحة مصر، مؤكدًا ضرورة إنشاء مدن ومناطق تنموية جديدة لاستيعاب الزيادة السكانية المستقبلية، مستشهدًا بإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة ومدينة العلمين الجديدة كنموذج لذلك.

تعديل قانون الإيجارات القديمة والتحول للدعم النقدي

تطرق رئيس الوزراء إلى ملف الإيجارات القديمة، موضحًا أن قوانين الخمسينيات التي جمدت الإيجارات، والتي لجأت إليها دول كثيرة بعد الحرب العالمية الثانية، أدت إلى إهمال صيانة العقارات وتحول مئات الآلاف منها لآيلة للسقوط بسبب عدم امتلاك الملاك لموارد كافية للصيانة. وشدد على أهمية إعادة التوازن لسوق الإسكان وتوفير آليات للدعم للمستحقين وغير القادرين للحصول على وحدات سكنية. كما أعلن عن عمل وزارة التموين على إعداد قاعدة بيانات متكاملة للتحول من الدعم العيني إلى الدعم النقدي، مع تحديد محافظة لبدء التطبيق التجريبي قريبًا.

رؤية مستقبلية لمصر: من قناة السويس إلى الذكاء الاصطناعي

وفيما يخص إيرادات قناة السويس، أشار الدكتور مدبولي إلى تأثرها سلبًا بالأوضاع الإقليمية في البحر الأحمر والهجمات التي استهدفت الملاحة، مؤكدًا أن التحسن مرتبط بصورة كبيرة باستقرار الأوضاع في المنطقة. وبشأن نظام التعليم الجديد، أوضح أن تطبيق نظام البكالوريا سيكون اختياريًا لفترة انتقالية لبضع سنوات ثم سيتم تعميمه بالكامل كبديل للثانوية العامة، ليوفر فرصًا تعليمية أوسع للطالب باختيار المواد التي يرغب في دراستها. كما أكد أن الدولة وضعت استراتيجية للذكاء الاصطناعي، الذي يعتبر الحاضر وليس المستقبل، وسيتم تدريسه بالمناهج الثانوية العام المقبل. وحول الأموال الساخنة، أكد أنها ليست محسوبة في الاحتياطيات الخاصة بالبنك المركزي وتستخدم كأداة للمساعدة في اتزان السوق المحلية مؤقتًا، ولا يتم الاعتماد عليها في الأرقام والمؤشرات. وشدد على أن الحكومة المصرية هي من تحدد برنامجها مع صندوق النقد الدولي، وتتخذ القرارات بناءً على مصالح الدولة دون إملاءات خارجية، وأن أي إرجاء لمراجعة يكون في صالح الدولة. وفي ملف العقارات، أكد عدم وجود تسعيرة جبرية للوحدات، بل هي آليات عرض وطلب، مع ضرورة وضع ضوابط واضحة تمامًا لتسعير الوحدات من قبل المطورين العقاريين لضمان عدم وجود تفاوت كبير. كما شدد على تشجيع زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل بنجر السكر والقمح، مع وضع سعر استرشادي مجزٍ من جانب الدولة، حيث سيشهد العام القادم زيادة في سعر توريد القمح تصل إلى 150 جنيهًا في الأردب الواحد لدعم الفلاح وزيادة الإنتاج المحلي، حتى مع انخفاض السعر العالمي.

وفي ختام اللقاء، وجه رئيس مجلس الوزراء الشكر لرؤساء تحرير الصحف والمواقع الإلكترونية، مؤكدًا أنه من المقرر تكرار مثل هذه الجلسات الحوارية المهمة بشكل دوري.