50 ألف جنيه للعبوة الواحدة.. الأدوية المستوردة في السوق السوداء تسجل رقمًا غير مسبوق
يحذر الدكتور علي عوف، رئيس شعبة الأدوية باتحاد الغرف التجارية، من أزمة حقيقية في سوق الدواء المصري جراء اختلال صارخ بين تكاليف الإنتاج المتصاعدة وأسعار البيع الثابتة. هذه الأزمة، التي تنذر بنقص حاد في العديد من الأصناف وظهور سوق سوداء تبيع الأدوية بأسعار مضاعفة، ليست وسيلة ضغط من الشركات لرفع الأسعار، بل هي انعكاس مباشر لوضع اقتصادي حرج يهدد استمرارية صناعة الأدوية الوطنية.
سوق الدواء المصري يواجه أزمة حادة
أوضح الدكتور علي عوف أن الأزمة الحالية تجاوزت مجرد نقص بعض أصناف الأدوية لتصل إلى ظهور سوق سوداء نشطة، تستهدف بالأساس الأدوية المستوردة أو تلك التي لا تملك بدائل محلية. في هذه السوق الموازية، تباع عبوات الدواء بأسعار خيالية قد تصل إلى 50 ألف جنيه مصري، في حين أن سعرها الرسمي لا يتجاوز 30 ألف جنيه. هذا الوضع يؤثر بشكل مباشر على المرضى ويضع عبئًا ماليًا كبيرًا عليهم لتأمين احتياجاتهم الدوائية الأساسية.
ارتفاع التكاليف ومطالب الزيادة: صراع يهدد توافر الأدوية
تكمن جذور الأزمة في رفض هيئة الدواء المصرية لمطالب الشركات بزيادات جديدة في الأسعار، مبررة ذلك بأن الزيادات التي تمت في العام الماضي كانت كافية. غير أن الدكتور عوف يؤكد أن هذه الزيادات لم تكن شاملة ولم تواكب الارتفاع الفعلي والكبير في تكاليف الإنتاج. فقد ارتفع سعر الدولار بشكل ملحوظ من 30 إلى 50 جنيهًا، مما أثر بشكل مباشر على تكلفة استيراد المواد الخام التي تشكل معظم مكونات الدواء، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار مستلزمات التعبئة والتغليف والطباعة.
السوق السوداء للأدوية: أسعار مضاعفة وأصناف نادرة
لقد ساهمت هذه الفجوة بين التكاليف وأسعار البيع في تفاقم مشكلة السوق السوداء، حيث يستغل تجار هذه الأزمة لبيع الأدوية الحيوية بأسعار مبالغ فيها، مما يحول دون وصولها للمرضى بسعر عادل. الجدول التالي يوضح مثالًا لهذه الفروقات في الأسعار:
المنتج | السعر الأصلي المقترح (تقريبي) | سعر البيع في السوق السوداء (تقريبي) |
عبوة دواء مستورد (مثال) | 30,000 جنيه مصري | 50,000 جنيه مصري |
صناعة الدواء المحلية: تحديات البقاء والاستمرارية
رغم أن صناعة الأدوية المصرية تعد وطنية بامتياز وتلبي حوالي 92% من احتياجات السوق المحلي، إلا أنها تواجه منافسة حادة مع الدواء المستورد. يحذر الدكتور عوف من أن الشركات المستوردة قد تضطر إلى مغادرة السوق المصري إذا لم تعد هناك جدوى اقتصادية لاستمرارها. ويشدد على أن الحفاظ على استمرارية الإنتاج المحلي وتوفر الدواء للمواطنين يتطلب التوصل إلى حل وسط يضمن بقاء الصناعة دون إرهاق كاهل المريض بأسعار باهظة.
حلول مقترحة للحفاظ على الدواء والمريض
يتنبأ الدكتور علي عوف بمستقبل قاتم إذا استمرت هيئة الدواء في رفضها المطلق لأي زيادات دون تقديم حلول بديلة لخفض التكاليف. ففي هذه الحالة، قد تضطر بعض الشركات إلى تقليص حجم الإنتاج أو تسريح العمالة، مما سيزيد من حدة نقص الأدوية في السوق. ويؤكد عوف أن الزيادة المقترحة لعام 2025 لا تتجاوز 10% فقط، وهي نسبة تُعد أقل بكثير من معدل ارتفاع التكاليف الفعلية. ويضيف موضحًا أن الهدف ليس تحقيق الربح، بل الحفاظ على توازن بين الإنتاج وتوفير الدواء. ويقترح أن الحكومة تستطيع المساعدة في تقليل المصاريف، مما يلغي الحاجة لأي مطالب بزيادات سعرية. وتأكيدًا على هذا الموقف، ناشد الدكتور علي عوف الدولة بوضع مصلحة المريض في المقام الأول، والعمل على توفير الدواء الآمن بأسعار عادلة، مع ضرورة حماية الصناعة المحلية من خطر التوقف أو الانهيار الكامل.