بعد آلاف السنين.. صافرة ضابط شرطة من عهد أخناتون تثير التساؤلات | تعرف على سر صناعتها من العظام في العمارنة

كشف أثري فريد في موقع العمارنة بمصر، عن صافرة عظمية عمرها ٣٣٠٠ عام مصنوعة من عظم بقرة، والتي تُعد أول دليل مؤكد على استخدام الشرطة لهذه الأدوات في مصر الفرعونية. يشير هذا الاكتشاف إلى وجود نظام أمني ورقابي متطور في مدينة أخيتاتون القديمة، ويسلط الضوء على تفاصيل الحياة اليومية وأدوار الضباط في حماية المقابر الملكية والمناطق المقدسة.

صافرة عظمية تكشف أسرار الأمن في العمارنة

أعلن علماء الآثار عن اكتشاف صافرة مصنوعة من عظم أطراف بقرة، تعود إلى نحو ٣٣٠٠ سنة مضت، وذلك في “القرية الحجرية” المجاورة لقرية العمال التي كانت تخدم المقبرة الملكية بموقع أخيتاتون المعروف بالعمارنة. وبحسب ما ذكرت مجلة “آركيولوجي”، فإن هذه القطعة التي لا يتجاوز طولها ٦.٣ سنتيمترات وبها ثقب واحد قطره ٦ مليمترات، تمثل دليلاً قاطعاً على استخدام الشرطة لهذه الصافرات العظمية في مصر الفرعونية.

اقرأ أيضًا: عودة غير متوقعة.. إيرادات فيلم “أحمد وأحمد” تتجاوز 60 مليون جنيه وتعيد ذكريات “همام في أمستردام”

الصافرة العظمية: أداة إنذار أم لعبة؟

رجحت التجارب العملية التي أجراها الباحثون لصناعة نسخة طبق الأصل من الصافرة، أن العظم الطبيعي يوفر سطحًا مثاليًا لوضع الشفة السفلية للمستخدم، وأن الثقب المصمم يتيح إصدار صوت حاد وسريع للغاية. هذا ما دفع الباحثين إلى ترجيح أن القطعة لم تكن لعبة أو أداة موسيقية، بل كانت وسيلة إنذار أو أداة استدعاء وظيفية مهمة. ووفقًا لما نشره موقع لايف ساينس، فإن صوت الصافرة القوي كان مناسبًا تمامًا لعمل ضابط أو حارس مكلف بتأمين المناطق المقدسة والمقابر الملكية شديدة الحساسية.

تأكيد نظام رقابي صارم في عهد إخناتون

أشارت المجلة الدولية لعلم العظام الأثري في دراستها المنشورة، إلى أن موقع العثور على الصافرة داخل “القرية الحجرية” يعزز من فرضية وجود نظام رقابة أمني صارم ومحكم حول مجمع المقابر الملكية في عهد الفرعون إخناتون. وقد أكدت الباحثة ميشيل لانجلي، المشاركة في إعداد الورقة العلمية، أن المنطقة المحيطة بالمقابر الملكية “كانت تُدار عبر آليات رقابية مشددة لضمان سرية وقداسة هذا المكان المهم”.

اقرأ أيضًا: أول لمحة.. البوستر التشويقي لـ مسلسل وتر حساس 2 يثير التساؤلات | تعرف على موعد العرض

أدوار مجتمعية خفية وراء الكواليس الفرعونية

من الناحية الاجتماعية، تكشف هذه القطعة الأثرية عن أدوار خفية ومهمة لشرائح المجتمع غير الملكية التي نادراً ما يتم تسليط الضوء عليها. فبينما تركز النقوش والكتابات الرسمية على الفرعون والنخبة الحاكمة، فإن مثل هذه الأدوات الصغيرة تلقي الضوء على مهام الحراس والضباط الذين ضمنوا سير العمل وحماية المشاريع الكبرى للمملكة. ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة ذا إندبندنت حول هذا الاكتشاف، فإن وجود هذه الصافرة قد يشير إلى أن مستخدمها لم يكن مجرد عامل بسيط، بل كان ضابط أمن يتمتع بسلطة على العمال وحرية الحركة في المناطق المحظورة التي تتطلب تصاريح خاصة.

إعادة تعريف تنظيم الحياة في مدينة أخيتاتون

ذكرت مجلة آركيولوجي أن هذه القطعة تفتح نقاشًا أوسع حول كيفية تنظيم الحياة اليومية في مدينة أخيتاتون، العاصمة القديمة. فالصافرة تُظهر أن السيطرة على المدينة لم تكن فقط رمزية أو دينية، بل اتخذت أدوات عملية وملموسة لحفظ النظام العام. وهذا يعيد تعريف العمارنة ليس فقط كمختبر لإصلاحات إخناتون الدينية، بل كنموذج مبكر ومتقدم لإدارة أمنية اعتمدت على أدوات ضبط اجتماعي فعالة. وهكذا، فإن صافرة بحجم بضعة سنتيمترات تقدم اليوم رواية موازية لتاريخ العمارنة، تكشف عن جوانب الأمن والرقابة والحياة اليومية في مجتمع لا يظهر عادةً في النقوش الملكية الرسمية، لكنها تبين كيف كان النظام يعمل على أرض الواقع.

اقرأ أيضًا: مكالمة نارية.. NBC تكشف تفاصيل خلاف نتنياهو وترامب حول مجاعة غزة