تطور جديد.. بنك إنجلترا يثبت الفائدة ويتجه لتقليص برنامج شراء السندات

يتجه بنك إنجلترا هذا الأسبوع لإبطاء وتيرة برنامجه لخفض حيازاته من السندات الحكومية، والذي يبلغ حالياً 100 مليار جنيه إسترليني سنوياً، وذلك وسط تقلبات متزايدة في أسواق السندات. ورغم هذا التعديل، من المتوقع أن يظل سعر الفائدة الرئيسي للبنك دون تغيير، في خطوة يراقبها المحللون والأسواق المالية عن كثب لتأثيرها المحتمل على تكاليف الاقتراض الحكومي والاقتصاد البريطاني.

بنك إنجلترا يواجه تحديات في سياسة التشديد الكمي

يُعد بنك إنجلترا المؤسسة المصرفية المركزية الوحيدة بين كبار البنوك العالمية التي قامت ببيع مباشر للسندات الحكومية التي اشترتها لدعم الاقتصاد بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، بدلاً من الاحتفاظ بها حتى تاريخ استحقاقها. وقد خفض البنك حيازاته من السندات الحكومية بشكل كبير منذ عام 2022، من 875 مليار جنيه إسترليني إلى 558 مليار جنيه إسترليني، بمعدل نحو 100 مليار جنيه إسترليني سنوياً خلال العامين الماضيين. ومع ذلك، لم يفصح البنك المركزي عن الكثير بخصوص توجهاته المستقبلية لبرنامج التشديد الكمي، حيث أشار المحافظ آندرو بيلي في وقت سابق إلى أن القرار لا يزال “مفتوحاً”. وبينما يرى البنك أن وتيرة التشديد الكمي لا تؤثر بشكل كبير على الاقتصاد عموماً، يلقي البعض باللوم على هذا البرنامج في رفع تكاليف الاقتراض الحكومي البريطاني، مما يثير جدلاً واسعاً حول فاعلية سياسة بنك إنجلترا النقدية.

اقرأ أيضًا: مرحلة جديدة.. مصر وتونس تبحثان تعزيز العلاقات الاقتصادية | آفاق استثمارية واعدة تنتظر

توقعات مختلفة لوتيرة خفض حيازة السندات الحكومية

أظهر استطلاع أجرته وكالة رويترز أن الاقتصاديين يتوقعون أن تُبطئ لجنة السياسة النقدية التابعة لبنك إنجلترا وتيرة بيع السندات هذا الأسبوع إلى متوسط 67.5 مليار جنيه إسترليني، وهو انخفاض عن تقدير البنك نفسه في أغسطس الماضي الذي بلغ 72 مليار جنيه إسترليني. وفي هذا السياق، حذر توماس ويلديك، كبير الاقتصاديين الأوروبيين في شركة إدارة الصناديق “تي رو برايس”، من أنه “إذا تركوا السندات دون تخفيض، فسوف تشهد السوق عمليات بيع مكثفة”، مشيراً إلى أن عوائد سندات الحكومة البريطانية لأجل 30 عاماً وصلت إلى أعلى مستوياتها منذ عام 1998، بينما بيعت ديون جديدة لأجل 10 سنوات بأعلى عائد منذ عام 2008. هذه الضغوط المتزايدة تضع وزيرة المالية راشيل ريفز أمام تحديات كبيرة قبل موازنتها المرتقبة في 26 نوفمبر. ويقترح ويلديك أن البنك قد يخفض وتيرة برنامجه إلى 80 مليار جنيه إسترليني فقط، مع وقف بيع السندات طويلة الأجل التي شهدت أكبر انخفاض في الأسعار خلال العام الماضي.

السيناريو المقترح/الوتيرةالقيمة السنوية المتوقعة (مليار جنيه إسترليني)المصدر/التفاصيل
الوتيرة الحالية لخفض السندات100برنامج بنك إنجلترا خلال العامين الماضيين
توقعات استطلاع رويترز67.5متوسط توقعات الاقتصاديين لهذا الأسبوع
تقدير بنك إنجلترا السابق72تقدير البنك في أغسطس الماضي
اقتراح خفض مقترح (توماس ويلديك)80مع وقف بيع السندات طويلة الأجل
إنهاء المبيعات النشطة بالكامل49الاعتماد على استحقاقات السندات فقط

تأثير برنامج خفض السندات على تكاليف الاقتراض الحكومي

يهدف برنامج التشديد الكمي لبنك إنجلترا إلى إزالة السيولة الزائدة التي تراكمت في النظام المالي البريطاني، لكن المستوى المحايد للاحتياطات المالية لا يزال غير واضح. وقد قدّر بنك إنجلترا الشهر الماضي أن برنامجه الكمي أضاف فقط من 0.15 إلى 0.25 نقطة مئوية إلى تكاليف اقتراض الحكومة. وأظهرت بيانات استخدام البنوك لتسهيلات السيولة قصيرة الأجل الأسبوع الماضي أعلى مستوى لها منذ سنوات، مما يشير إلى أن المستوى المحايد قد يكون أقرب مما يبدو. هذه المعطيات تضيف تعقيداً لقرارات البنك المركزي بشأن وتيرة خفض السندات.

اقرأ أيضًا: تطور جديد.. قمة ترامب وبوتين تُلقي بظلالها على أسعار الذهب.. هل تتجه نحو الارتفاع أم الانخفاض؟

الاعتبارات السياسية والاقتصادية لقرارات بنك إنجلترا

يواجه بنك إنجلترا معضلة حساسة، فخفض وتيرة برنامج التحفيز الكمي بشكل كبير، على سبيل المثال إلى 49 مليار جنيه إسترليني لإنهاء المبيعات النشطة تماماً والاعتماد على الاستحقاقات فقط، قد يعطي انطباعاً بتأثر البنك بحسابات سياسية قبيل الموازنة. وفي هذا الصدد، قال آدم دنت، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في بنك سانتاندير: “استمرار برنامج التحفيز الكمي سيكون دليلاً على الاستقلالية، وسيكون إيجابياً على المدى الطويل من خلال تعزيز مصداقية البنك في مكافحة التضخم المرتفع”. هذه التصريحات تسلط الضوء على أهمية الحفاظ على استقلالية البنك المركزي وثقته في تحديد مسار السياسة النقدية.

مسار أسعار الفائدة والتضخم في بريطانيا

فيما يتعلق بأسعار الفائدة، لا يتوقع أي من 67 اقتصادياً شملهم استطلاع رويترز خفضاً إضافياً لأسعار الفائدة يوم الخميس، رغم أن البنك كان قد خفض أسعار الفائدة لخامس مرة خلال أكثر من عام لتصل إلى نطاق بين 4 و5 في المائة. ويأتي هذا التوقع في ظل بلوغ معدل التضخم البريطاني 3.8 في المائة خلال يوليو، وهو الأعلى بين اقتصادات مجموعة السبع، ومع توقعات البنك بوصول التضخم إلى 4 في المائة هذا الشهر. بالمقارنة، يُتوقع أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة، فيما يبدو أن البنك المركزي الأوروبي قد أنهى دورة التشديد الحالية، مما يبرز التباين في السياسات النقدية العالمية. وقد أشار المحافظ بيلي في وقت سابق إلى أن المستثمرين فهموا رسالته بوجود “شكوك متصاعدة بشأن توقيت وسرعة” أي خفض قادم لأسعار الفائدة. ورغم بعض تأجيل توقعات خفض أسعار الفائدة، يرى أغلب الاقتصاديين أن بنك إنجلترا سيخفضها مرة أخرى في نوفمبر أو ديسمبر المقبلين، مدفوعين بتوقعات انخفاض التضخم نتيجة ضعف النمو الاقتصادي، وبطء سوق العمل، وارتفاع الضرائب المحتمل، وذلك وفقاً للخبير الاستراتيجي في بنك لومبارد أوديير، بيل باباداكيس، الذي أضاف أن تقديرات السوق التي تتوقع خفضاً إضافياً لأسعار الفائدة تفترض قوة أكبر بكثير للطلب في الاقتصاد مما هو عليه حالياً.

اقرأ أيضًا: تحرك جديد.. وزير الإسكان يجتمع مع الهيئة الهندسية لبحث ملف حيوي للمواطنين