أعلى سعر على الإطلاق.. الذهب يسجل رقماً غير مسبوق | هل بدأت حقبة الملاذ الآمن الجديدة؟
شهدت أسواق الذهب العالمية حدثًا تاريخيًا بتجاوز سعر المعدن الأصفر أعلى قمة وصل إليها على الإطلاق، بعد تعديلها لمواكبة التضخم منذ عام 1980. جاء هذا الارتفاع الصاروخي ليؤكد مكانة الذهب كأداة تحوط أساسية وفعالة ضد الاضطرابات الاقتصادية والمخاوف المتزايدة بشأن الاقتصاد الأمريكي وأداء العملات الرئيسية.
الذهب يتجاوز قمته التاريخية: أرقام قياسية جديدة
ارتفع السعر الفوري للذهب بنحو خمسة بالمائة منذ بداية هذا الشهر، ليسجل مستوى قياسيًا جديدًا عند 3674 دولارًا للأونصة في التاسع من سبتمبر. هذا الصعود الأخير لم يكن مجرد رقم عابر، بل تجاوز القمة التاريخية المسجلة في الحادي والعشرين من يناير عام 1980، والتي بلغت حينها 850 دولارًا للأونصة. بعد احتساب التضخم على مدى العقود الماضية، تعادل تلك القمة اليوم نحو 3590 دولارًا، وهو ما يثبت أن سعر الذهب قد تخطاها بالفعل محققًا إنجازًا غير مسبوق. يجمع المحللون والمستثمرون على أن هذا الإنجاز يمنح الذهب زخمًا إضافيًا، ويعزز دوره كأداة تقليدية للتحوط من التضخم وضعف العملات.
مقارنة أسعار الذهب التاريخية والمعادلة للتضخم
القمة التاريخية (21 يناير 1980) | 850 دولارًا للأونصة |
القمة المعادلة للتضخم (1980) | نحو 3590 دولارًا للأونصة |
القمة القياسية الحالية (9 سبتمبر) | 3674 دولارًا للأونصة |
العوامل المحركة لصعود أسعار الذهب العالمية
يُعزى الارتفاع المستمر في أسعار الذهب إلى عدة عوامل رئيسية دفعت المستثمرين للبحث عن ملاذات آمنة:
- مخاوف الإنفاق الحكومي بالعجز: يرى خبراء أن القلق من المستويات المتزايدة للإنفاق الحكومي المتسم بالعجز يقلل من الثقة في العملات الورقية.
- التشكيك في قدرة البنوك المركزية: يساور المستثمرين شكوك حول قدرة البنوك المركزية على السيطرة بفعالية على معدلات التضخم المرتفعة.
- عدم اليقين الجيوسياسي: أحداث عالمية مثل الحرب الروسية الأوكرانية وتجميد الأصول الروسية دفعت بالعديد من البنوك المركزية حول العالم لإعادة شراء الذهب لتنويع احتياطياتها بعيدًا عن الاعتماد الكلي على الدولار.
- ضعف الدولار الأمريكي: شهد الدولار الأمريكي وسندات الخزانة موجة بيع كبيرة، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كان الدين الأمريكي لا يزال يعتبر ملاذًا آمنًا وموثوقًا في أوقات الاضطراب الاقتصادي.
عودة الذهب بقوة: تحولات في الاحتياطيات العالمية
شهد الذهب موجة من التهميش في تسعينيات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة، خاصة مع نهاية الحرب الباردة وظهور العولمة التي عززت من هيمنة الدولار الأمريكي. لكن اليوم، عادت البنوك المركزية بقوة لتكون أكبر مشترٍ للذهب، مما يعكس تحولًا عالميًا ملحوظًا من نظام أحادي القطب إلى نظام متعدد الأقطاب.
بفضل هذا الارتفاع القياسي في سعر المعدن الأصفر، تجاوزت قيمة الذهب المخزّن في خزائن لندن حاجز التريليون دولار، كما تخطى اليورو ليصبح ثاني أكبر أصل في احتياطيات البنوك المركزية حول العالم. يرى الخبراء أن هذا الصعود الحالي يختلف عن ارتفاع عام 1980، حيث إنه يسير بوتيرة أقل تقلبًا وأكثر استقرارًا، ويعود ذلك إلى سهولة الوصول إلى السوق ووجود قاعدة أوسع من المستثمرين المتنوعين، مما يعزز استدامة الارتفاع.