قفزة جديدة.. أسعار الدجاج تخالف التوقعات وخيار المقاطعة يعود للطاولة | الغلاء يضغط على جيوب الأسر

تشهد الأسواق المغربية منذ أشهر موجة غلاء طالت مختلف المواد الغذائية الأساسية كاللحوم البيضاء والخضروات والبيض، مما عمّق أزمة القدرة الشرائية للأسر بشكل ملحوظ. يتزامن هذا الارتفاع الصاروخي للأسعار مع موسم الدخول المدرسي، ليضاعف بذلك كلفة المعيشة على الأسر التي تجد صعوبة بالغة في الموازنة بين المصاريف الدراسية والاحتياجات الغذائية اليومية.

تأثير ارتفاع أسعار المواد الغذائية على القدرة الشرائية للأسر

تجد الأسر المغربية نفسها اليوم في مواجهة لهيب أسعار غير مسبوقة، حيث لم يعد الدجاج الذي كان يُعتبر بديلاً اقتصادياً للحوم الحمراء، خياراً متاحاً للجميع بعد أن تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد 24 أو 25 درهماً في بعض الأسواق. هذه الزيادات تشمل أيضاً أسعار الخضر والبيض والمواد الأساسية الأخرى، مما يدفع المواطنين للتعبير عن استيائهم بعبارة “كلشي طلع”. تعبر العديد من الأسر عن قلقها البالغ من هذه التكاليف المتزايدة، مشيرة إلى أن ميزانياتها لم تعد كافية لتغطية المتطلبات الأساسية، خصوصاً مع الحاجة إلى شراء الكتب والأدوات المدرسية.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. إلغاء تأشيرة العمل؟ السعودية تُسهل الإقامة الدائمة بشكل غير مسبوق

أسباب غلاء الدواجن في السوق المغربية: من الكتاكيت إلى السوق السوداء

من جانبه، أوضح سعيد جناح، الأمين العام للجمعية المغربية لمربي الدجاج، أن ارتفاع أسعار الدواجن يعود لعدة عوامل رئيسية. فأسعار الكتاكيت ارتفعت بشكل صاروخي، حيث كانت تتراوح سابقًا بين 3 و4 دراهم للكتكوت الواحد، لتصل اليوم إلى 14 درهماً، مما انعكس مباشرة على كلفة الإنتاج. كما أشار إلى وجود سوق سوداء للكتاكيت، حيث يبلغ سعر الكتكوت في المحاضن 6 دراهم كـ”سعر مبرمج”، لكنه يباع في السوق الموازية بـ8.5 دراهم، ما يشير إلى تورط بعض الشركات والسماسرة فيما يُعرف بـ”الشناقة” الذين يستغلون الفوضى لتحقيق أرباح مضاعفة على حساب المربين والمستهلكين.

وفيما يلي جدول يوضح تطور أسعار الكتاكيت:

اقرأ أيضًا: رسميًا الثلاثاء المقبل.. سلطنة عمان تفتح باب تسجيل موسم الحج 1447 للمواطنين والمقيمين | إجراءات وشروط التقديم

الفترةالسعر التقريبي للكتكوت (درهم)
قبل سنتين3 – 4 دراهم
حالياً (سعر المحاضن المبرمج)6 دراهم
حالياً (في السوق السوداء)8.5 دراهم

علاوة على ذلك، أشار جناح إلى أن تقليص الإنتاج من قِبل بعض المحاضن، خوفاً من قلة الطلب بسبب الدخول المدرسي أو انتشار أمراض مثل أنفلونزا الطيور (H5)، قد يكون سبباً آخر لارتفاع الأسعار، رغم أن هذا المرض لا يؤثر بشكل مباشر على المستهلك.

هامش الربح الكبير وغياب مراقبة الأسعار

تساهم مبالغة بعض باعة الدجاج بالتقسيط في هامش الربح في تفاقم الأزمة. فمثلاً، قد يصل سعر الدجاج في سوق الجملة إلى 18 درهماً للكيلوغرام، بينما يُباع للمستهلك بـ24 أو 25 درهماً، وهو هامش ربح مبالغ فيه لا يتناسب مع التكلفة الأصلية التي لا يجب أن تتعدى درهمين أو ثلاثة للكيلوغرام. وقد انتقد الأمين العام للجمعية المغربية لمربي الدجاج غياب المراقبة الفعالة للأسعار، مؤكداً أن ترك السوق مفتوحاً للمضاربات والجشع يؤثر سلباً على المواطن الذي يتحمل أعباء زيادات غير مبررة.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. موعد الدخول المدرسي ولائحة العطل الكاملة للموسم الدراسي 2025-2026 بالمغرب

دعوات مقاطعة المستهلك وحلول لمواجهة غلاء المعيشة

من جانبه، أكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، أن ارتفاع أسعار العديد من المواد الأساسية مستمر منذ دجنبر 2023، وأن هذه الزيادات لا ترتبط دائماً بالأسواق العالمية، بل تعود أحياناً إلى عقلية بعض التجار أو المنتجين الذين يرون في هامش الربح حقاً مكتسباً يسعون لزيادته باستمرار. ولمواجهة هذه الظاهرة، يقترح الخراطي أن يمارس المستهلكون حقهم في الاختيار والضغط على السوق من خلال مقاطعة المنتجات التي ترتفع أسعارها.

ولتفعيل هذه المقاطعة، يقترح رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك الخطوات التالية:
* يقاطع المستهلك كل منتج ارتفع ثمنه ولو لمرة واحدة.
* ينفذ المواطنون دعوة حماة المستهلك للمقاطعة لأسبوع كامل للمنتج الذي ارتفع سعره.

اقرأ أيضًا: عاجل.. المغرب يتوقع حرارة غير مسبوقة غدا

ورغم دعوات المقاطعة هذه، يلاحظ الخراطي مفارقة غريبة، وهي أن الجميع يشتكي من الغلاء ولكن عند التوجه إلى السوق تجد الجميع يشتري، مما يحد من فعالية هذه الإجراءات. ويعزو ذلك إلى غياب التنسيق بين مؤسسات المراقبة وضعف آليات الضبط، مما يضع المستهلك في مواجهة مباشرة مع هذه الزيادات غير المبررة. ومع ذلك، أشار الخراطي إلى أن المغرب استطاع الحفاظ على سلسلة التزويد بشكل مستقر حتى خلال جائحة كوفيد، مما يؤكد قدرته على إدارة الأزمات إذا توفرت الإرادة والمراقبة.

في الختام، لم تعد موجة الغلاء الحالية مجرد أزمة ظرفية عابرة، بل تعبيراً عن اختلال هيكلي عميق في السوق الوطنية، حيث تتشابك المضاربات مع غياب الرقابة الفعالة، لتُفضي إلى أثمان تثقل كاهل المواطنين البسطاء. وبينما يرى المربون أنفسهم ضحايا السوق السوداء، يبقى المستهلك هو الحلقة الأضعف، متحملًا فاتورة مضاعفة في ظل ارتفاع أسعار الدواجن والخضر وتكاليف الدخول المدرسي.

اقرأ أيضًا: مشهد بطولي.. حرس الحدود يكشف كواليس اللحظات الفاصلة لإنقاذ مواطن من وعكة صحية مفاجئة