لقاء فكري استثنائي.. الخشت يكشف أبعاد “فلسفة الدين” في بودكاست “بيت الحكمة” بجامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية

شارك الدكتور محمد عثمان الخشت، المفكر العربي البارز وأستاذ فلسفة الأديان، في بودكاست “بيت الحكمة” مؤكدًا أن الخوف من الفلسفة ينبع من الجهل بها وضعف الإيمان، ودعا إلى تبني التفكير النقدي كركيزة لتعميق فهم الدين. شدد الخشت على أن تاريخ الفلسفة لا يتعارض مع الإيمان، بل يمكن أن يعززه، داعيًا إلى تطوير “علم كلام جديد” يتجسد في “فلسفة الدين” لمواجهة تحديات العصر.

فلسفة الدين: رؤية الدكتور الخشت لتجاوز الخوف من التفكير النقدي

أوضح الدكتور محمد الخشت، خلال حلقة “فلسفة الدين” التي استضافته فيها جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، أن الأسباب الكامنة وراء الخوف من الفلسفة تعود غالبًا إلى الجهل بحقيقتها أو لضعف في الإيمان. كما أشار إلى أن بعض الجماعات التي تعتمد على التلقين والطاعة تخشى التفكير النقدي الذي تدعو إليه الفلسفة. مؤكدًا أن القرآن الكريم نفسه يحث على التفكر والتدبر، واستشهد بقصة سيدنا إبراهيم عليه السلام كنموذج للتفلسف والاستدلال العقلي.

اقرأ أيضًا: دليلك الشامل لطلاب الصناعي: تنسيق الدبلومات الفنية 2025 نظام 3 سنوات.. كل ما تحتاج معرفته عن كليات التكنولوجيا ومعاهد الهندسة المتاحة

الفلسفة والإيمان: رحلة عقلية لا تضاد ديني

أكد الدكتور الخشت أن التوجه النقدي في الفلسفة لا يتنافى مع الإيمان، بل يمكنه أن يثبته ويعمقه على أسس عقلانية بعيدًا عن التلقين الأعمى. وضرب مثالًا بسقراط، موضحًا أنه لم يُعدم لإنكاره الألوهية بالمطلق، بل لرفضه تعدد الآلهة والوثنية الشائعة في مدينته، وكان يؤمن بمبدأ أعلى سماه “الدايمون” كقوة داخلية توجهه، مؤكدًا وجود نظام عقلي وأخلاقي يحكم الكون. وأشار إلى أن تاريخ الفلسفة يزخر بعقول لامعة بحثت عن مبدأ أول أو علة عليا للوجود، مثل أرسطو الذي قال بـ “المحرّك الأول”، وأفلاطون الذي اعتبر “عالم المثل” واقعًا إلهيًا أبديًا.

تجربة شخصية: الفلسفة تعزز اليقين الديني

عبر الدكتور الخشت عن تجربته الشخصية الملهمة، حيث ذكر أنه “دخل عالم أعتى الفلاسفة الملحدين، مثل عالم برتراند راسل، وخرج منه أكثر إيمانًا”. وأوضح أن المرور بتجارب الفكر الفلسفي لا يقود بالضرورة إلى الإلحاد، بل قد يزيد الإيمان رسوخًا لأنه يختبر البدائل الفكرية ثم يعود ليجد أن فكرة العلة الأولى أو الإله أصلب وأبقى من أي تصور آخر.

اقرأ أيضًا: تطور جديد.. أعلى عائد شهادات في البنوك اليوم يكشف أرباح 100 ألف جنيه شهريًا 2025

فلسفة الدين وعلم الكلام: مقاربة حديثة للفهم الديني

ميز الدكتور الخشت بين “فلسفة الدين” و”علم الكلام”، موضحًا أن علم الكلام التقليدي قد أصبح “قديمًا” في كثير من جوانبه ولا يلبي متطلبات العصر. ودعا إلى ضرورة تطوير “علم كلام جديد” يتجسد في فلسفة الدين، يكون قادرًا على استيعاب التطورات العلمية والفلسفية الحديثة وتقديم إجابات مقنعة للتساؤلات الوجودية والأخلاقية المعاصرة.

الخاصيةعلم الكلام التقليديفلسفة الدين
الهدف الرئيسيعلم عقائدي دفاعي يهدف إلى الدفاع عن عقائد دينية راسخة وتثبيتها.تفكير عقلي نقدي في الدين كظاهرة إنسانية شاملة، وفهم أعمق لها.
المنهجيستخدم العقل لخدمة العقيدة وتأكيدها ضمن إطار محدد مسبقًا.منهجية عقلانية وموضوعية لتحليل المفاهيم والتجارب الدينية بشكل أوسع.
النطاقيركز على عقائد دين معين والدفاع عنها ضد الشبهات.يتجاوز عقائد دين معين إلى تحليل المفاهيم والقيم والتجارب الروحية للأديان ككل.
الملاءمة للعصراعتبره الخشت قديمًا في كثير من جوانبه وغير قادر على معالجة إشكاليات الإنسان المعاصر.يمثل علم كلام جديدًا قادرًا على استيعاب التطورات العلمية والفلسفية الحديثة.

“الحقيقة” والتعددية الدينية: نحو تعايش سلمي

تطرق الدكتور الخشت إلى مفهوم “الحقيقة” واختلافها بين الأديان، مقترحًا مسارًا ثالثًا يتجاوز التيار الإقصائي الذي يدعي امتلاك الحقيقة المطلقة وتيار التعددية المطلقة. يقوم هذا المسار على:

اقرأ أيضًا: رسميًا.. استعلام تكافل وكرامة 2025 بالرقم القومي عبر moss.gov.eg والشروط المطلوبة

  • الإيمان بحقيقة دين معين.
  • الاعتراف بحق الآخرين في الوجود.
  • التعايش السلمي ضمن إطار قانوني ودستوري مشترك في الدولة الوطنية.

وأكد الخشت على ضرورة تعزيز قيم التسامح والاحترام المتبادل بين أتباع الديانات المختلفة، لبناء مجتمعات متنوعة ومتعايشة تحت مظلة القانون والدستور.

التفكير النقدي في النصوص الدينية وتعزيز الخطاب الديني

دعا الدكتور الخشت إلى التفكير النقدي في فهم النصوص الدينية وتفسيرها، محذرًا من أن الفهم السطحي أو الحرفي قد يقود إلى الجمود الفكري والتطرف. وطالب بمنهجية تعتمد على التدبر والتأويل العقلاني الذي يستلهم مقاصد الشريعة وروح الدين، بما يتوافق مع القيم الإنسانية الكونية ومتطلبات العصر. واختتم بالتأكيد أن الأديان السماوية، رغم نقاط الالتقاء في القيم المشتركة، تظل مستقلة ولها عقائدها وشعائرها وتاريخها الخاص.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. 50 ألف جنيه مكافأة لعامل مزلقان بني سويف بقرار من وزير العمل

يُذكر أن الدكتور محمد عثمان الخشت قامة فكرية مرموقة تولى رئاسة جامعة القاهرة في أطول فترة لرئيس جامعة، وأسس جامعة القاهرة الدولية. يمتلك مشروعًا فكريًا متكاملًا يهدف إلى تأسيس خطاب ديني جديد ورؤية عقلانية مستنيرة للدين، داعيًا باستمرار إلى الدولة الوطنية، التفكير النقدي، والتدبر في النصوص الدينية، والجمع بين الأصالة والمعاصرة.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. جدول مرتبات أغسطس 2025 بعد الزيادة يُصرف خلال أيام