تطور لافت في السوق.. مبيعات السيارات الكهربائية المستعملة تقفز بقوة بعد انخفاض أسعارها
يشهد سوق السيارات الكهربائية المستعملة في الولايات المتحدة طفرة غير مسبوقة، حيث لم تعد هذه المركبات رفاهية للنخب بل أصبحت متاحة لشريحة واسعة من المستهلكين بفضل تراجع أسعارها لتصبح أحياناً أقل من مثيلاتها العاملة بالوقود. وقد ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية المستعملة بنسبة 40% في يوليو الماضي مقارنة بالعام السابق، مما يعكس تحولاً جوهرياً في أنماط الشراء وتوجهات السوق الأمريكية نحو خيارات أكثر استدامة واقتصادية.
ارتفاع غير مسبوق في مبيعات السيارات الكهربائية المستعملة
بعد أن كانت السيارات الكهربائية تُصنف ضمن الرفاهيات، أصبحت الآن في متناول يد شريحة أوسع من المستهلكين، خصوصاً في السوق الأمريكية، بفضل انخفاض أسعارها. في السابق، كانت أسعار السيارات الكهربائية الجديدة تتجاوز مثيلاتها التي تعمل بالوقود بآلاف الدولارات، لكن الوضع تغير جذريًا في سوق المستعمل. فقد كشفت تقارير صحيفة نيويورك تايمز عن ارتفاع مبيعات السيارات الكهربائية المستعملة بنسبة 40% في يوليو الماضي مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، وهو مؤشر واضح على تحول كبير في تفضيلات المستهلكين تجاه شراء سيارة كهربائية مستعملة.
هذا التحول يعود لعدة أسباب رئيسية، منها:
- تطور تكنولوجيا البطاريات بشكل مستمر، مما يزيد من كفاءة الموديلات الأحدث ويجعل القديمة أقل تكلفة.
- انخفاض أسعار الطرز الجديدة بشكل عام، مما ينعكس على سوق السيارات الكهربائية المستعملة.
- الحوافز الضريبية التي تقدمها الحكومات، والتي تشجع المستهلكين على الانتقال نحو خيارات النقل المستدامة.
السيارات الكهربائية المستعملة: صفقات مغرية بأسعار لا تصدق
تُبرز تجارب المشترين مدى جاذبية أسعار السيارات الكهربائية المستعملة. على سبيل المثال، اشترت المعلمة المتقاعدة كيه بويل، البالغة من العمر 80 عاماً، سيارة نيسان ليف (موديل 2013) مستعملة من منصة كريغزليست بمبلغ ألف دولار فقط، بعد الحصول على خصم من شركة الكهرباء المحلية. تعبر بويل عن سعادتها بهذه الصفقة قائلة: “كنت متوترة في البداية… لكني أحببت هذه السيارة الصغيرة”. هذا الانخفاض السريع في القيمة يعود جزئياً إلى التطور المستمر في تكنولوجيا البطاريات، حيث أصبحت السيارات الكهربائية الحديثة قادرة على قطع مسافات أطول بكثير، تصل إلى حوالي 482 كيلومتراً بالشحنة الواحدة، مقارنة بنحو 321 كيلومتراً فقط للطرز الأقدم. هذا التطور يجعل شراء سيارة كهربائية مستعملة خيارًا اقتصاديًا للغاية.
الحوافز الضريبية تدعم اقتناء السيارات الكهربائية المستعملة
تلعب الحوافز الحكومية دوراً محورياً في دعم سوق السيارات الكهربائية المستعملة وجعلها أكثر جاذبية. من أبرز هذه الحوافز، خصم ضريبي بقيمة 4 آلاف دولار يُطبق على المركبات الكهربائية المستعملة التي لا يتجاوز سعرها 25 ألف دولار. هذا الحافز دفع العديد من المستهلكين للإسراع في الشراء قبل انتهاء العمل به في نهاية سبتمبر بموجب قانون وقعه الرئيس دونالد ترامب. على سبيل المثال، استغل مارتن فليشمان، مستشار أعمال من أتلانتا، هذه الفرصة لشراء سيارة تسلا طراز 3 (موديل 2019) مقابل 14 ألف دولار فقط بعد احتساب الحافز، مؤكداً أنها “صفقة رائعة” بغض النظر عن أي اعتبارات أخرى. هذه الحوافز تجعل تكلفة امتلاك سيارة كهربائية مستعملة أقل بكثير.
تنوع الدوافع لاقتناء المركبات الكهربائية المستعملة
تختلف الدوافع وراء شراء السيارات الكهربائية المستعملة، فبينما يبحث البعض عن التوفير المادي، يفضل آخرون المساهمة في حماية البيئة. أكدت هولتسهاوس من كليفلاند، وهي تعمل في مجال الحفاظ على البيئة، أنها اشترت سيارة كيا إي في 6 مستعملة لمواجهة التغير المناخي قائلة: “كنت أريد أن أكون جزءًا من الحل، لا جزءًا من المشكلة”. وفي مينيسوتا، استخدمت فيلاسكيز إيبرهارت سيارة شيفروليه بولت مستعملة في إدارة نشاطها العائلي، مشيرة إلى أنها لم تنفق أي مبلغ على الوقود منذ عامين، مما يعكس كفاءتها الاقتصادية. من ناحية أخرى، وجد جيمس فلين، أيضاً من مينيسوتا، أن استبدال شاحنته فورد إف-150 بسيارة نيسان ليف مستعملة ساعده على تغطية أقساطه الشهرية بفضل وفورات الوقود، ما يبرز الجانب العملي والاقتصادي لهذه المركبات وفوائد امتلاك سيارة كهربائية مستعملة.
تأثير السيارات الكهربائية المستعملة على مستقبل سوق السيارات
يرى الخبراء أن السيارات الكهربائية المستعملة بدأت بالفعل في منافسة الطرز الجديدة بقوة. يؤكد توم نارايان، المحلل لدى آر بي سي كابيتال ماركتس، أن السعر هو العامل الأهم في قرارات الشراء، وليس القلق من المدى أو الخلافات الثقافية. ومع التوقعات بوصول أسعار المركبات الكهربائية الجديدة إلى نقطة التعادل مع سيارات البنزين بحلول نهاية العقد الحالي، من المتوقع أن تتسع قاعدة المشترين بشكل كبير، ليصبح معيار الاختيار قائماً على الجودة والملاءمة بدلاً من مجرد السعر. تشير صحيفة نيويورك تايمز إلى أن السيارات الكهربائية المستعملة تمثل مرحلة انتقالية حيوية، حيث تكسر الحواجز بين “الرواد البيئيين” والمستهلكين العاديين الباحثين عن خيارات عملية واقتصادية. هذا التوسع، ورغم أنه قد يؤثر على مبيعات الطرز الجديدة، إلا أنه يرسخ أساساً قوياً لتحويل سوق السيارات الأمريكية نحو مستقبل أقل اعتماداً على الوقود الأحفوري، ويزيد من خيارات الحصول على سيارة كهربائية بأسعار معقولة.