في خطوة مهمة تهدف إلى التخفيف من الأعباء المالية التي أرهقت كاهل المواطنين اللبنانيين على مدى السنوات الأخيرة، أعلن مصرف لبنان المركزي عن قرارات جديدة تتعلق برفع سقف السحوبات الشهرية بالدولار للمودعين. هذا القرار، الذي يأتي استجابة لمطالب شعبية متزايدة وتوجيهات رسمية، يهدف إلى تسهيل وصول المودعين إلى ودائعهم المجمدة في البنوك، في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي يشهدها لبنان منذ عام 2019.
رفع سقف السحوبات في لبنان: تفاصيل هامة
وفقًا للتعميمات الصادرة عن مصرف لبنان، تم رفع سقف السحب النقدي على النحو التالي:
- بالنسبة لـ التعميم 158: تم رفع سقف السحب إلى 500 دولار شهريًا، وهو ما يمثل زيادة ملحوظة مقارنة بالحدود السابقة.
- أما لـ التعميم 166: فقد ارتفع سقف السحب من 150 دولارًا إلى 250 دولارًا شهريًا.
هذه الإجراءات تأتي ضمن سياسة جديدة يسعى من خلالها المصرف إلى إعادة جزء من السيولة النقدية إلى السوق المحلية، بهدف تحريك النشاط الاقتصادي ولو بشكل جزئي.
لماذا جاء هذا القرار؟ وماذا يعني للمواطنين؟
جاء هذا القرار المصرفي بعد مشاورات مكثفة بين السلطات النقدية والمالية، وذلك على خلفية التدهور المستمر في القدرة الشرائية للبنانيين والارتفاع غير المسبوق في تكلفة المعيشة. من المتوقع أن يوفر رفع سقف السحوبات متنفسًا محدودًا للمواطنين الذين يعتمدون على هذه الأموال لتغطية نفقاتهم الأساسية، كالإيجارات، تكاليف العلاج، والتعليم.
ومع ذلك، من المهم الإشارة إلى أن هذا القرار، رغم أهميته، لا يلبي طموحات المودعين في استرداد كامل ودائعهم. لكنه يعتبر خطوة رمزية تسهم في تهدئة الغضب الشعبي وتعمل على تعزيز الثقة بالنظام المصرفي اللبناني تدريجيًا، والذي لا يزال يعاني من أزمة سيولة خانقة.
التحديات الكبرى التي تواجه الإصلاح الاقتصادي
على الرغم من الإيجابية النسبية لقرار رفع سقف السحوبات، يرى المراقبون أن هذه الخطوة وحدها لا تكفي لإصلاح الوضع المالي والاقتصادي المتدهور في لبنان. يتطلب الأمر خطة إنقاذ اقتصادية شاملة تتضمن عدة محاور أساسية، منها:
- إصلاح القطاع المصرفي بالكامل.
- إعادة هيكلة الدين العام.
- ضمان استقلالية مصرف لبنان.
كما أن استمرار الفجوة الكبيرة بين سعر الصرف الرسمي وسعر السوق السوداء يثير تساؤلات جدية حول مدى فعالية هذه الإجراءات على المدى الطويل.
في الختام، يُعد رفع سقف السحوبات خطوة أولى وجزئية في مسار طويل من الإصلاحات الضرورية لإنقاذ الاقتصاد اللبناني. المواطن اللبناني اليوم ينتظر حلولًا أكثر جذرية تعيد إليه ثقته بالمصارف وتمنحه القدرة على الوصول الكامل إلى أمواله. ورغم الترحيب الحذر بهذه المبادرة، يبقى الأمل معقودًا على استكمالها بخطوات أوسع وأعمق في المرحلة المقبلة لضمان تعافٍ اقتصادي حقيقي ومستدام.