تحذيرات جديدة مع بداية العام الدراسي… كيف تؤثر الألعاب الإلكترونية على سلوك الطلاب وتحصيلهم الدراسي؟

مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد، تصاعد الجدل حول تأثير الألعاب الإلكترونية على قدرات التلاميذ الإدراكية وتحصيلهم الدراسي، مما دفع النقاش إلى قبة البرلمان عبر سؤال كتابي لوزير الشباب والثقافة والتواصل حول مخاطر هذه الألعاب والإجراءات الحكومية المرتبطة بها. ويشير الخبراء إلى أن الإفراط في اللعب، خاصة خلال العطل، قد يتحول إلى إدمان يؤثر سلبًا على التركيز والنوم والأداء التعليمي، ما يطرح تحديًا كبيرًا أمام العائلات والمؤسسات التعليمية.

تأثير الألعاب الإلكترونية على التحصيل الدراسي: قلق متزايد

يؤكد المختصون أن تأثير الألعاب الرقمية على الأطفال والمراهقين أصبح حقيقة ملموسة لا يمكن تجاهلها. فمع حلول العطلة الصيفية الطويلة، يجد التلاميذ فراغًا كبيرًا يدفعهم لقضاء ساعات طويلة أمام الشاشات، مما يحول اللعب من متنفس إلى إدمان يصعب عليهم العودة إلى روتين الدراسة. هذا الإدمان يتجلى في عدة جوانب سلبية، أبرزها اضطراب النوم والسهر لساعات متأخرة، وضعف التركيز داخل الفصول الدراسية، وإهمال الواجبات المدرسية، مما يؤثر بشكل مباشر على التحصيل المعرفي. ورغم الإيجابيات المحدودة التي قد تقدمها بعض الألعاب، مثل تنمية سرعة البديهة والتنسيق بين العين واليد، إلا أن سلبياتها تتفوق بكثير، خاصة في الألعاب التي تحفز على العنف مثل “فري فاير” و “بابجي”.

اقرأ أيضًا: عاجل.. نتائج التوجيهي الأردن 2025 متاحة الآن عبر موقع الوزارة برقم الجلوس

إدمان الألعاب الرقمية: تحدٍ يواجه الأسر والمدارس

يشير المختص الاجتماعي حمزة بن سعيد إلى أن العطلة الصيفية تشكل بيئة خصبة لتكوين إدمان الألعاب، حيث يجد الطلاب أنفسهم أمام ساعات فراغ طويلة، مما يدفعهم لقضاء معظم وقتهم في اللعب بعد موسم دراسي شاق. هذا الانتقال من اللعب الترفيهي إلى الإدمان يولد صعوبة بالغة في التأقلم مع وتيرة الدراسة عند العودة للمدرسة. وقد عاين بن سعيد شخصيًا حالات لتلاميذ مدمنين حضروا إلى الفصول منهكين لدرجة النوم أثناء الحصص الدراسية بعد قضاء الليل بأكمله في اللعب. ويشدد على أن المسؤولية الأولى في الحد من هذه الظاهرة تقع على عاتق الأسر، من خلال وضع ضوابط وتقليص ساعات اللعب حفاظًا على التوازن النفسي والأكاديمي للأبناء.

مخاطر صحية ونفسية: الأبعاد الخفية للإفراط في اللعب

تحذر الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، بشرى المرابطي، من مخاطر الإفراط في استخدام الألعاب الإلكترونية، خاصة عند تجاوز ساعتين يوميًا، مما قد يؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية خطيرة تصل إلى حد الإدمان. وتوضح المرابطي أن الشاشات والألوان الزرقاء، بالإضافة إلى محتوى اللعبة، تؤثر بشكل كبير على نمو دماغ الطفل، خاصة قبل سن السابعة. وقد ربطت الدراسات بين الإفراط في هذه الألعاب وتأخر النمو اللغوي والعقلي، وضعف التفاعل الاجتماعي، وهو ما يفسر منع الأطفال المصابين بالتوحد من التعامل مع الأجهزة الإلكترونية. كما أن الألعاب التي تتطلب تركيزًا عاليًا تستنزف طاقة الطفل والمراهق، مما يقلل انتباههم في المدرسة ويؤدي إلى الشرود وضعف النشاط. وتشير إلى حالات في دول آسيوية وصل فيها الإدمان إلى نسيان الأطفال للطعام والنوم بسبب طبيعة الألعاب التي تقدم جوائز وتحديات مستمرة وتتطلب اللعب ضمن شبكات عالمية، مما يجعل الانسحاب صعبًا ويولد شعورًا بالفشل.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. إيداع دفعة أغسطس من حساب المواطن في حسابات المستفيدين

دعوات برلمانية للتحرك: حماية الأطفال من الألعاب الخطرة

في سياق متصل، وجه المستشار البرلماني خالد السطي سؤالًا كتابيًا إلى وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، بخصوص المخاطر المرتبطة ببعض الألعاب الإلكترونية المنتشرة بين الأطفال واليافعين، مثل “روبلوكس” و”فري فاير”. وأكد السطي أن هذه الألعاب تثير قلقًا متزايدًا لدى الأسر المغربية، نظرًا لتأثيراتها السلبية على السلوك والتوازن النفسي والتحصيل الدراسي، وخصوصًا لاحتواء بعضها على مضامين تحرض على العنف أو الانتحار. وأوضح أن هذه الألعاب، رغم شعبيتها، تثير مخاوف جدية بسبب مظاهر العنف والسلوكيات العدوانية التي قد تتضمنها، بالإضافة إلى احتمال تعريض الأطفال لمحتويات غير مناسبة أو لمخاطر التحرش والاستغلال عبر الإنترنت. وأشار إلى تقارير دولية كشفت خطورة لعبة “روبلوكس” تحديدًا، والتي تتيح للأطفال التفاعل مع بالغين في فضاءات افتراضية دون وجود أدوات رقابة أبوية فعالة. وطالب السطي الوزير بتوضيح التدابير الحكومية المزمع اتخاذها لحماية الأطفال، وخطط مراقبة المحتوى الرقمي الموجه للناشئة، وإجراءات تعزيز التربية الرقمية لدى الأطفال وأولياء أمورهم.

إرشادات للحد من الأضرار: دور الأسرة والمؤسسات

للتعامل مع تحدي الألعاب الإلكترونية المتزايد، يقدم المختصون عدة إرشادات عملية لمساعدة الأسر والمؤسسات التعليمية على حماية الأطفال والمراهقين:

اقرأ أيضًا: رسميًا.. موعد صرف دفعة 93 من حساب المواطن لشهر أغسطس 2025

  • ضبط ساعات اللعب: يُنصح بتقليص مدة اللعب إلى ساعة واحدة يوميًا على الأكثر للحد من الإدمان، وخلال الدراسة، يجب ألا تتجاوز نصف ساعة بعد العودة من المدرسة في أيام الأسبوع، وساعة واحدة في عطلة نهاية الأسبوع.
  • مراقبة المحتوى: على الأهل مراقبة مضامين الألعاب الإلكترونية التي يلعبها أطفالهم، خاصة تلك التي تحتوي على عنف أو تحديات خطيرة قد تؤثر سلبًا على السلوك النفسي للطفل، وقد تصل إلى إيذاء النفس أو الانتحار.
  • تهيئة الطفل للروتين المدرسي: قبل أسابيع من العودة إلى المدرسة، يجب تهيئة الطفل تدريجيًا لروتين النوم والاستيقاظ المنتظم، لتجنب اضطرابات النوم التي تسببها الألعاب.
  • التواصل والتوعية: يجب على الأسر التواصل مع أولياء الأمور الآخرين والمؤسسات التعليمية لتبادل الخبرات وتنظيم جلسات توعية حول مخاطر إدمان الألعاب الرقمية وكيفية التعامل معها.
  • تعزيز التربية الرقمية: يتطلب الأمر تعزيز وعي الأطفال وأولياء أمورهم بأهمية الاستخدام المسؤول للإنترنت والألعاب الرقمية ومخاطر الفضاء الافتراضي.