جدل واسع مع الدخول المدرسي.. هكذا تؤثر الألعاب الإلكترونية على التحصيل الدراسي للتلاميذ
مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد، تصاعد الجدل حول تأثير الألعاب الإلكترونية على قدرات التلاميذ ونتائجهم الدراسية، ليبلغ أروقة البرلمان بسؤال كتابي وُجّه لوزير الشباب والثقافة والتواصل حول مخاطر هذه الألعاب والإجراءات الحكومية لمواجهتها. ويحذر خبراء من أن الإفراط في اللعب، خاصة خلال العطل الصيفية، يمكن أن يتحول إلى إدمان يؤثر سلبًا على التركيز والنوم والتحصيل الأكاديمي، مما يشكل تحديًا حقيقيًا للأسر والمدارس على حد سواء.
البرلمان يتدخل لمواجهة مخاطر الألعاب الإلكترونية
أثار الانتشار الواسع لبعض الألعاب الإلكترونية بين الأطفال واليافعين، مثل “روبلوكس” و”فري فاير”، قلقًا متزايدًا لدى الأسر المغربية، ما دفع المستشار البرلماني خالد السطي إلى توجيه سؤال كتابي لوزير الشباب والثقافة والتواصل. أكد السطي أن هذه الألعاب تؤثر سلبًا على سلوك الأطفال وتوازنهم النفسي وتحصيلهم الدراسي، مشيرًا إلى أن بعضها يتضمن مضامين تحرض على العنف أو حتى الانتحار. ولفت إلى خطورة “روبلوكس” التي تسمح بتفاعل الأطفال مع بالغين في فضاءات افتراضية دون رقابة أبوية فعالة، مطالبًا بتوضيح التدابير الحكومية لحماية الأطفال ومراقبة المحتوى الرقمي الموجه للناشئة، وتعزيز التربية الرقمية للجميع.
إدمان الألعاب الإلكترونية: خطر يتهدد التحصيل الدراسي
يعتبر المختص الاجتماعي حمزة بن سعيد أن تأثير الألعاب الإلكترونية أصبح واقعًا ملموسًا، داعيًا إلى البحث عن سبل للتقليل من آثارها السلبية بدلًا من محاربتها كليًا. ويرى بن سعيد أن العطلة الصيفية تشكل بيئة خصبة للإدمان، حيث يقضي التلاميذ ساعات طويلة في اللعب لملء الفراغ، ما يحول اللعب من متنفس إلى إدمان يصعب عليهم العودة لروتين الدراسة مع بداية العام الدراسي. تتجلى أبرز انعكاسات هذا الإدمان في اضطراب النوم والسهر الطويل، وضعف التركيز داخل الفصول الدراسية، وإهمال الواجبات المدرسية، ما يؤثر سلبًا على التحصيل المعرفي. ورغم وجود بعض الإيجابيات للألعاب، مثل تنمية سرعة البديهة والتنسيق بين العين واليد، إلا أن المختص الاجتماعي يؤكد أن سلبياتها، خاصة مع الألعاب العنيفة مثل “فري فاير” و”بابجي”، تبقى أكبر بكثير.
أضرار صحية ونفسية: تحذيرات الخبراء من الإفراط في الشاشات
حذرت الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، بشرى المرابطي، من الإفراط في استخدام الألعاب الإلكترونية، مشيرة إلى أنها قد تؤدي إلى مشاكل صحية ونفسية خطيرة تصل إلى حد الإدمان عند اللعب لأكثر من ساعتين يوميًا. وتؤكد المرابطي أن الشاشات والألوان الزرقاء، بالإضافة إلى محتوى اللعبة، تؤثر على نمو دماغ الطفل، خاصة قبل سن السابعة، وقد تسبب تأخيرًا في النمو اللغوي والعقلي وضعف التفاعل الاجتماعي. كما تؤثر الألعاب بشكل مباشر على تركيز الطفل والمراهق، مستنزفة طاقتهم وتؤدي إلى الشرود وضعف النشاط المدرسي. شددت المرابطي على ضرورة مراقبة مضامين الألعاب، لا سيما تلك التي تحوي عنفًا أو تحديات خطيرة قد تؤثر على السلوك النفسي وتصل إلى إيذاء النفس أو الانتحار، مشيرة إلى حالات في دول آسيا وصلت فيها الألعاب إلى حد نسيان الأطفال للطعام والنوم.
توصيات للأسرة والمؤسسات التعليمية: نحو تعايش آمن مع الألعاب
يجمع الخبراء على أن مسؤولية الحد من إدمان الألعاب الإلكترونية تقع بالدرجة الأولى على عاتق الأسرة، من خلال ضبط سلوك الأبناء ووضع حدود واضحة لاستخدام الأجهزة الإلكترونية. ويقدم المختصون الاجتماعيون والنفسيون مجموعة من التوصيات العملية:
- تقليص ساعات اللعب إلى ساعة واحدة يوميًا على الأكثر للحفاظ على التوازن النفسي والدراسي.
- تهيئة الطفل للروتين المدرسي قبل أسابيع من العودة للمدرسة، عبر ضبط ساعة النوم تدريجيًا.
- خلال أيام الدراسة، ينبغي ألا تتجاوز مدة اللعب نصف ساعة بعد العودة من المدرسة.
- في عطلة نهاية الأسبوع، لا تتعدى مدة اللعب ساعة واحدة كحد أقصى.
- مراقبة دقيقة لمحتوى الألعاب الإلكترونية، والابتعاد عن الألعاب العنيفة أو التي تروج لسلوكيات سلبية.
- تعزيز التربية الرقمية لدى الأطفال وأوليائهم لزيادة الوعي بالمخاطر وكيفية التعامل معها بمسؤولية.
ويؤكد المختصون على أهمية تواصل الأسر مع المؤسسات التعليمية لمواجهة هذه الظاهرة المشتركة، وتنظيم جلسات توعية للتلاميذ وأولياء الأمور للتعايش مع التكنولوجيا بأقل الأضرار.