لا تخلط بينها وبين المزاجية.. طبيب نفسي يوضح علامات اضطراب الشخصية الحدي وتأثيره على سلوكك وهويتك
يُشكل اضطراب الشخصية الحدي، المعروف بـ “البوردر لاين”، تحديًا كبيرًا ومتزايدًا في المجتمعات العربية، حيث يؤدي إلى تقلبات شديدة في الأفكار والمشاعر والعلاقات، مؤثرًا بعمق على حياة المصابين وأسرهم. فقد أكد الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، أن هذه الحالة تتسبب في اضطراب الهوية والسلوكيات، وتستدعي وعيًا أكبر ودعمًا نفسيًا مبكرًا لمواجهة تداعياتها الخطيرة.
اضطراب الشخصية الحدي: تقلبات الحياة اليومية
يتميز اضطراب الشخصية الحدي بتقلبات دراماتيكية لا تقتصر على المشاعر فحسب، بل تمتد لتشمل جوانب متعددة من حياة الفرد. يوضح الدكتور المهدي أن المصابين بهذا الاضطراب قد يجدون أنفسهم يغيرون مساراتهم التعليمية بشكل متكرر، أو حتى يتركون الدراسة تمامًا دون سبب واضح. كما تتسم حياتهم المهنية بعدم الاستقرار، حيث يتنقلون بسرعة بين وظائف مختلفة، مما يعكس صعوبتهم في الحفاظ على التزامات طويلة الأمد. هذه التقلبات لا تؤثر فقط على الجانب الأكاديمي والمهني، بل تنسحب أيضًا على العلاقات الشخصية والاجتماعية.
تأثير بوردر لاين على العلاقات والهوية
العلاقات العاطفية للمصابين باضطراب الشخصية الحدي غالبًا ما تكون مضطربة وغير مستقرة. يوضح الدكتور المهدي أن الشخص قد يدخل في علاقات متعددة، ويرتبط ثم ينفصل ويكرر الأمر مرارًا دون وجود أسباب منطقية ظاهرة. كما تتجلى التقلبات في الهوية والانتماء، حيث قد يتأرجح الفرد بين:
- التدين والتطرف في الأفكار والمعتقدات.
- الليبرالية والعلمانية في الانتماءات الفكرية.
- التمسك بالقيم الدينية الأصيلة والثقافات الغربية المعاصرة.
تظهر هذه التقلبات أيضًا في المظهر الخارجي والاختيارات اليومية للملابس والتصرفات، مما يعكس حالة من عدم الثبات في تحديد الذات.
تحديات اجتماعية ونفسية تواجه المصابين بالاضطراب
يشكل اضطراب الشخصية الحدي تحديًا أكبر للأسر، خاصة في المجتمعات المحافظة. فبالنسبة للفتيات، قد يؤدي الاضطراب إلى الدخول في علاقات متعددة، وإرسال صور شخصية، مما يجعلهن عرضة للابتزاز الرقمي. وقد تصل الأمور أحيانًا إلى محاولات انتحار، نتيجة للضغوط الاجتماعية أو الأسرية الشديدة التي تواجهها الفتاة. أما بالنسبة للذكور المصابين، فقد تظهر سلوكيات اندفاعية خطيرة مثل تعاطي المخدرات، والدخول في علاقات غير آمنة، وممارسة العنف، وكسر القواعد الأسرية والاجتماعية. يفقد هؤلاء الأفراد السيطرة على التزاماتهم اليومية والوعود التي يقدمونها، مما يزيد من تعقيد الوضع.
زيادة انتشار اضطراب الشخصية الحدي ودعوات للتوعية
أكد الدكتور محمد المهدي أن حالات اضطراب الشخصية الحدي آخذة في الازدياد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة مقارنة بالماضي. وتدل هذه الزيادة على ضرورة إيلاء اهتمام أكبر لهذا الاضطراب النفسي. وشدد المهدي على الأهمية القصوى للتوعية المجتمعية بأعراض هذا الاضطراب وكيفية التعامل معه، بالإضافة إلى توفير الدعم النفسي المبكر للأفراد المصابين وأسرهم، وذلك للحد من التأثيرات السلبية المدمرة التي يمكن أن يتركها على حياة الأفراد واستقرار الأسر.