تاريخ لم يعد كما كان.. في ذكرى الثورة العرابية: هكذا غير أحمد عرابي مسار مصر

اندلعت الثورة العرابية عام 1881 بقيادة أحمد عرابي، الفلاح الذي تحول إلى رمز للمقاومة الوطنية ضد استبداد الخديو توفيق والتدخل الأجنبي في شؤون مصر. أعلن عرابي موقفًا جريئًا بأن المصريين خلقوا أحرارًا لا مجرد ممتلكات، مطالبًا بالعدل والكرامة لشعبه. ورغم هزيمتها ونفي عرابي، تركت الثورة بصمة عميقة في تاريخ مصر الحديث، ممهدة الطريق لنضالات قادمة.

أحمد عرابي: صوت الأمة ضد الظلم والتدخل الأجنبي

لم يكن أحمد عرابي مجرد ضابط مصري، بل كان تجسيدًا لإرادة أمة بأكملها تتوق للحرية والعدالة. خرج من محافظة الشرقية ليصبح قائدًا شعبيًا يواجه هيمنة الخديو والتدخل الأوروبي المتزايد في البلاد. من رحم صفوف الجيش المصري، انطلقت شرارة الثورة العرابية عام 1881، لتفتح فصلاً جديدًا في كتاب النضال الوطني المصري وتؤكد على أن مصر لأهلها. مقولته الشهيرة “لقد خلقنا الله أحرارًا ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا” أصبحت صرخة مدوية في وجه الطغيان.

اقرأ أيضًا: خلال ساعات.. مصير آلاف الطلاب | موعد نتيجة تنسيق الدبلومات الفنية 2025 وطريقة الحصول عليها

شرارة الثورة العرابية: البداية ومطالب الجيش

تسمت الثورة العرابية بهذا الاسم نسبةً إلى قائدها أحمد عرابي، وقد بدأت بوادرها في فبراير عام 1881. كانت تلك الشرارة الأولى إثر احتجاز كل من أحمد عرابي وعبد العال حلمي وعلي فهمي. لم يمر هذا الحدث مرور الكرام، بل هب الجيش المصري مطالبًا بعزل وزير الحربية آنذاك عثمان رفقي. انتهت هذه المواجهة الأولى بإجبار الخديو توفيق على إقالة رفقي وتعيين محمود سامي البارودي بدلاً منه، مما عزز مكانة عرابي كزعيم شعبي يعبر عن صوت الأمة المصرية. وفي التاسع من سبتمبر عام 1881، تبلورت الثورة رسميًا بقيادة الجيش ودعم لا محدود من الجماهير.

تصاعد الأحداث: مطالب الشعب وتشكيل الوزارات الوطنية

جاءت الثورة العرابية مدفوعة بعدة دوافع رئيسية تعكس معاناة الشعب وتطلعاته. أبرز هذه الدوافع كانت سوء الأوضاع الاقتصادية المتدهورة وهيمنة رأس المال الأجنبي، بالإضافة إلى تزايد النفوذ الأوروبي في مفاصل الدولة المصرية. هذا الوضع تزامن مع تنامي الوعي الوطني لدى المصريين بضرورة استعادة كرامتهم وحقوقهم. تبلورت هذه المطالب الشعبية في عدة نقاط أساسية عرضها عرابي على الخديو توفيق:

اقرأ أيضًا: مستقبل الذكاء الاصطناعي الأكاديمي يتحدد: جامعة الإسكندرية تناقش تحديثات مهمة لمقرر الذكاء الاصطناعي ومفهوم النشر العلمي

  • رفع عدد أفراد الجيش المصري إلى 18 ألف جندي.
  • تشكيل مجلس شورى على النمط الأوروبي لضمان مشاركة أوسع في الحكم.
  • عزل وزارة رياض باشا التي كانت تعتبر رمزًا للفساد والتبعية.

عندما عرض أحمد عرابي هذه المطالب على الخديو توفيق، واجهه الأخير بالرفض مدعيًا أنه وارث البلاد. حينها، أطلق عرابي جملته الخالدة التي أصبحت شعارًا للثورة: “لقد خلقنا الله أحرارًا ولم يخلقنا تراثًا أو عقارًا”. أمام إصرار الشعب والجيش، خضع الخديو لرغبة الأمة وأقال رياض باشا، مكلفًا شريف باشا بتشكيل وزارة وطنية جديدة في الرابع عشر من سبتمبر عام 1881. تولى محمود سامي البارودي وزارة الحربية، وبدأ سعيًا حثيثًا لصياغة دستور جديد للبلاد.

التدخل الأجنبي ونهاية الثورة العرابية

رغم خطوات الثورة العرابية نحو الإصلاح، فإن التدخل الإنجليزي والفرنسي السافر أفسد مسارها الوطني. بعد استقالة شريف باشا في فبراير عام 1882، تولى البارودي رئاسة الوزراء وعُين أحمد عرابي وزيرًا للحربية، وهو ما أطلق عليه حينها “وزارة الثورة”، التي بعثت الأمل في نفوس المصريين. صدر الدستور المصري في السابع من فبراير عام 1882، إلا أن الأوضاع تدهورت سريعًا مع تصاعد المواجهات بين عرابي والقوات الإنجليزية. شهدت هذه الفترة تحالف الخديو توفيق مع الاحتلال الأجنبي ضد ثورة بلاده. انتهت المواجهة الأكبر بهزيمة عرابي وجيشه في معركة التل الكبير، مما أدى إلى نفيه ورفاقه إلى جزيرة سرنديب، سريلانكا حاليًا، في ديسمبر عام 1882. بهذه الهزيمة، بدأت حقبة مظلمة في تاريخ مصر، تمثلت في الاحتلال البريطاني الذي استمر لأربعة وسبعين عامًا.

اقرأ أيضًا: بتكلفة 1.25 مليون جنيه.. تطوير جديد يخدم شباب بسيون بافتتاح الملعب الخماسي بنادي الاتحاد