رسميًا بعد 14 عامًا.. إثيوبيا تفتتح سد النهضة وتصعد من ملف الجدل الإقليمي

أعلنت إثيوبيا رسمياً عن بدء التشغيل الكامل لسد النهضة، وذلك بعد حوالي 14 عاماً من أعمال البناء، ليصبح هذا المشروع العملاق، الذي تكلّف خمسة مليارات دولار، حقيقة واقعة على مجرى النيل الأزرق. هذا التدشين يأتي وسط جدل مستمر مع مصر والسودان حول قواعد تشغيل السد وتقاسم المياه، في حين أكد رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أن المشروع يهدف لتلبية احتياجات التنمية والطاقة في إثيوبيا دون تهديد دول المصب.

سد النهضة: مشروع استراتيجي للطاقة والتنمية في إثيوبيا

يعد سد النهضة الإثيوبي مشروعاً محورياً وحيوياً لإثيوبيا، التي يبلغ عدد سكانها نحو 120 مليون نسمة، حيث يهدف لتعزيز قدرتها على توليد الطاقة الكهربائية بشكل كبير. من خلال هذا المشروع، تطمح إثيوبيا إلى تحقيق نهضة اقتصادية وتوفير الكهرباء لمواطنيها وتصدير الفائض إلى الدول المجاورة. الأهداف الرئيسية لإثيوبيا من سد النهضة تشمل:

• رفع قدرة توليد الطاقة الكهربائية من 750 ميغاوات إلى 5150 ميغاوات.
• تحسين وصول الكهرباء للمواطنين الإثيوبيين في المدن والريف.
• تصدير الطاقة الكهربائية الفائضة إلى الدول المجاورة لدعم التنمية الإقليمية.
• تعزيز البنية التحتية الكهربائية للبلاد وتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا القطاع.

وقد اعتمدت إثيوبيا في تمويل هذا المشروع الضخم على مواردها الذاتية بشكل كبير، دون الاعتماد على دعم خارجي، مما يؤكد إصرارها على تحقيق الاكتفاء الذاتي في تنفيذ مشاريعها التنموية.

مخاوف دولتي المصب: تأثير سد النهضة على حصص المياه

على الرغم من احتفال إثيوبيا بتدشين سد النهضة، لا يزال الخلاف مستمراً مع كل من مصر والسودان، وهما دولتان تعتمدان بشكل كبير على مياه النيل. تعتمد مصر على النيل لتلبية نحو 90% من احتياجاتها المائية السنوية، بينما تحصل السودان على حوالي 18.5 مليار متر مكعب من مياه النيل الأزرق. تصر إثيوبيا على أن سد النهضة حق سيادي لها ولن يتسبب في ضرر كبير لدولتي المصب، مؤكدة أن استخدام المياه سيكون محدوداً. بالمقابل، تعرب مصر والسودان عن مخاوفهما من التأثيرات المحتملة للسد على حصصهما المائية المستقبلية، مما يجعل التوصل إلى اتفاقية نهائية بشأن تشغيل السد وتقاسم المياه أمراً حاسماً لتجنب أي أزمات مائية أو توترات سياسية بين الدول الثلاث.

فرص التنمية المشتركة وتعزيز التعاون الإقليمي

يرى رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، أن سد النهضة يمكن أن يمثل فرصة للتعاون والتنمية المشتركة، وليس مصدراً للخلاف. فمن خلال تصدير الطاقة الكهربائية الفائضة، يمكن للسد أن يعود بالنفع على دول الجوار أيضاً، مما يعزز التعاون الاقتصادي الإقليمي ويساهم في استقرار المنطقة. هذا المشروع يعكس طموح إثيوبيا في استثمار مواردها الطبيعية لتحقيق النمو الاقتصادي، مع التركيز على تلبية احتياجات مواطنيها وتعزيز الاستقرار الإقليمي عبر الفوائد المشتركة من الطاقة والمياه. يبقى التحدي الأكبر في التوفيق بين هذه الطموحات الإثيوبية ومخاوف دولتي المصب، لضمان استغلال موارد النيل بشكل عادل ومنصف للجميع.