قد يبدو مشهد نقل الفيلة الضخمة عبر الطائرات غريبًا للكثيرين، خاصة عند رؤيتها داخل أقفاص مجهزة خصيصًا لضمان سلامتها خلال عمليات الإنقاذ أو الترحيل. لكن الأكثر غرابة ودهشة هو ما تفعله الجهات المعنية: إذ لا تترك الفيل بمفرده، بل تضع معه مجموعة من الكتاكيت الصغيرة! بينما قد يظن البعض أن هذا مجرد عبث أو صدفة، إلا أن الحقيقة تكشف عن دلالة إنسانية عميقة وسلوك مذهل يصدر عن هذا المخلوق الهائل.
اكتشف سر التعاطف الفيل: ما الذي يكشفه دماغ الفيل؟
هذا السلوك الغريب ليس عشوائيًا على الإطلاق، بل هو نابع من التركيب الفريد لدماغ الفيل. فقد أظهرت الدراسات العلمية الحديثة أن أدمغة الفيلة تحتوي على نوع نادر من الخلايا العصبية تُعرف باسم “الخلايا المغزلية”. والمدهش أن هذه الخلايا هي نفسها الموجودة في أدمغة البشر، والتي تلعب دورًا حيويًا في الشعور بالذات، والوعي الاجتماعي، والتعاطف مع الآخرين. هذا يعني أن الفيل لا يتصرف بغريزته فقط، بل يمتلك قدرًا من الإدراك الوجداني يسمح له بالشعور بضعف الكائنات الأخرى والتصرف بناءً على هذا الإحساس.
إن هذا السلوك يؤكد على قدرة الفيل العالية على التعاطف، والحرص، والاتزان في مختلف المواقف. وهذا ما يجعله واحدًا من أكثر الكائنات إثارة للدهشة لدى العلماء في عالم الحيوان. فكثيرًا ما تم رصد حالات أظهرت فيها الفيلة مشاعر عميقة كالحزن، أو تقديم العزاء، أو حتى مساعدة أفراد من جنسها أو كائنات أخرى في ظروف متنوعة.
لحظة الوداع: هكذا تظهر الفيلة عظمتها وحياءها حتى في الموت
الفيل ليس مجرد كائن قوي وذكي فحسب، بل يتميز أيضًا بقدر كبير من الحياء والكرامة. فقد سُجلت مشاهد مؤثرة لفيلة تتوارى عن الأنظار عندما تستشعر اقتراب أجلها. تنسحب هذه الكائنات العملاقة بهدوء من القطيع، وتبتعد في صمت لتجنب إيذاء مشاعر من حولها، خاصة الصغار. هذا السلوك الفريد لا يُظهر فقط وعيًا ذاتيًا عميقًا، بل يعكس أيضًا إدراكًا لمشاعر الجماعة وحرصًا على صورة الفيل المهيبة حتى في لحظاته الأخيرة.
لم يقتصر احترام الفيل على العصر الحديث؛ فحتى كبار العلماء والفنانين في العصور القديمة، مثل ليوناردو دافنشي، تحدثوا عنه بتقدير بالغ، واعتبروه رمزًا للرشد والاستقامة والحياء. لقد وصفه دافنشي بأنه يغتسل في النهر وكأنه يتطهر، ويمشي ضمن جماعاته بنظام محكم، ويلتزم بالأخلاق حتى في لحظات التزاوج، ما يؤكد على عظمة هذا المخلوق وخصاله النبيلة.