بصراحة غير مسبوقة.. الرئيس السيسي من قمة بريكس: “ازدواجية معايير فاضحة” تسيطر على المشهد الدولي
شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمة الاستثنائية لتجمع “بريكس” عبر الفيديو كونفرانس، التي استضافتها البرازيل لمناقشة التطورات العالمية وتبادل الرؤى حول التحديات الدولية. خلال كلمته، انتقد الرئيس السيسي بشدة ازدواجية المعايير الدولية وتدهور الوضع الاقتصادي العالمي، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة، مؤكداً رفض مصر القاطع لتهجير الفلسطينيين ومطالباً بإصلاح شامل لمجلس الأمن الدولي.
الرئيس السيسي يدعو لإصلاح دولي شامل وتغيير موازين القوى العالمية
وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي شكره للرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا على قيادته الحكيمة ورئاسته لتجمع بريكس هذا العام، مشيداً بنجاح قمة ريو الماضية. وأكد السيسي أن التوقيت الحالي بالغ الدقة، حيث يشهد العالم صراعات تهدد العمل الدولي متعدد الأطراف وتقوض منظومة القواعد والمبادئ التي تأسس عليها النظام الدولي منذ عام 1945. شدد الرئيس على أن المشهد الدولي يعاني من ازدواجية فاضحة في المعايير وانتهاكات صارخة للقانون الدولي، مع إفلات ممنهج من العقاب وتصاعد مقلق للنزعات الأحادية والتدابير الحمائية. يرى السيسي أن هذا التدهور يقوض أسس السلم والأمن الدوليين، ويعيد البشرية إلى أجواء الفوضى ويكرس استخدام القوة على حساب الشرعية والعدالة.
مطالبة بإلغاء “الفيتو” وإصلاح مجلس الأمن الدولي
في سياق حديثه عن تراجع فاعلية العمل الدولي المشترك، اعتبر الرئيس السيسي أن وضع مجلس الأمن الدولي يمثل مثالاً صارخاً على عجز المجتمع الدولي. وأشار إلى أن هذا الوضع انعكس سلباً على ثقة الدول في منظومة الأمم المتحدة، لا سيما أداء مجلس الأمن نفسه. دعا الرئيس السيسي إلى إصلاح شامل لآليات عمل المجلس، بما في ذلك المطالبة الصريحة بإلغاء حق النقض “الفيتو”، الذي تحول مع مرور الزمن إلى أداة تعزل المجلس عن الواقع الميداني وتعيقه عن أداء دوره المحوري في تسوية النزاعات وحفظ السلم والأمن الدوليين.
تدهور الاقتصاد العالمي وتفاقم الأزمات التنموية
لم تقتصر تداعيات الوضع الدولي المتدهور على الجانب السياسي، بل امتدت لتطال مكتسبات النمو الاقتصادي العالمي، حسبما أوضح الرئيس السيسي. فالرئيس أكد أن العالم يشهد تباطؤاً ملحوظاً في معدلات النمو الاقتصادي، وتراجعاً في حركة التجارة الدولية، وتآكلاً في الاهتمام بقضايا التنمية والتمويل الإنمائي. يأتي ذلك في وقت تتسع فيه الفجوات التنموية والتمويلية والرقمية في الدول النامية، وتتفاقم أعباء ديونها، وتضعف قدرتها على الوصول إلى مصادر التمويل الميسر، إلى جانب محدودية تأثير هذه الدول في منظومة عمل المؤسسات المالية الدولية. ولفت الرئيس إلى أن التحديات الاقتصادية الحالية ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتوترات الجيوسياسية المتفاقمة.
مصر تدين العدوان الإسرائيلي على غزة وتدعو لوقف فوري لإطلاق النار
تناول الرئيس السيسي الأزمات المتلاحقة في منطقة الشرق الأوسط، التي ألقت بظلالها على السلم والاستقرار الدوليين وعرقلت مسارات التنمية المستدامة. وأشار إلى أن قلب هذه الأزمات هو الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بالتوازي مع الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها الاحتلال في الضفة الغربية، بما فيها القدس. وصف الرئيس السيسي هذا الصراع بأنه من أخطر الصراعات وأكثرها دلالة على ازدواجية المعايير وانتهاك قواعد القانون الدولي. وأدان الرئيس بشدة ممارسات إسرائيل التي تستخدم فيها التجويع والحرمان من الخدمات الصحية كسلاح ضد المدنيين، ما أدى إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة، بلغت حد إعلان الأمم المتحدة حالة المجاعة في القطاع. كما استنكر الرئيس سعي إسرائيل لتوسيع عملياتها العسكرية بهدف تدمير مقومات الحياة وإجبار الفلسطينيين على مغادرة أراضيهم لتنفيذ مخطط التهجير القسري وتصفية قضيتهم العادلة.
موقف مصري حاسم ضد التهجير وتصفية القضية الفلسطينية
جدد الرئيس السيسي تأكيد موقف مصر الثابت والرافض بشكل قاطع لأي سيناريو يستهدف تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم تحت أي ذريعة. واعتبر ذلك محاولة لتصفية القضية الفلسطينية والقضاء على حل الدولتين، مما يوسع رقعة الصراع ويهدد منظومة السلام في الشرق الأوسط. كما جدد الرئيس إدانة مصر ورفضها التام لمحاولات فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية، وللمخططات الرامية إلى بناء مستوطنات جديدة بهدف تغيير الوضع القانوني والديموغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة، وفرض أمر واقع يقوض حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.
جهود مصرية مكثفة لإعمار غزة ودعم حل الدولتين
أكد الرئيس السيسي أن مصر بذلت وتبذل جهوداً مضنية للتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح الرهائن والأسرى. تهدف هذه الجهود لتمهيد الطريق أمام ترتيبات اليوم التالي لإدارة القطاع وإعادة إعماره. وقد أعدت مصر خطة شاملة للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، حظيت باعتماد عربي وإسلامي وتأييد واسع من الشركاء الدوليين. وقد أثبتت هذه الخطة أن إعادة إعمار القطاع ممكنة مع بقاء الفلسطينيين على أرضهم.
لتحقيق ذلك، تعتزم مصر:
- استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة فور التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
- التعاون مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة لحشد الدعم والتمويل اللازمين لتنفيذ الخطة الطموحة.
- دعوة المجتمع الدولي لدعم الجهود الجارية لإحياء مسار حل الدولتين.
- المطالبة بالاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.