دعوة جريئة.. ساويرس يدعو مصر للتخلي عن نموذج «نصف اشتراكي ونصف رأسمالي» الاقتصادي
أكد رجل الأعمال نجيب ساويرس أن اختفاء السوق السوداء للعملات في مصر ساهم بشكل كبير في زيادة تحويلات المصريين بالخارج، معربًا عن قلقه البالغ من مستويات أسعار الفائدة المرتفعة وتأثيرها السلبي على مناخ الاستثمار. كما سلط ساويرس الضوء على التحديات الراهنة التي تواجه قطاع العقارات، مشيدًا في الوقت ذاته بأهمية الاستثمارات الكبرى مثل صفقة البحر الأحمر في دفع عجلة النمو الاقتصادي للبلاد.
نجيب ساويرس يوضح تأثير أسعار الفائدة المرتفعة على الاقتصاد المصري
صرح نجيب ساويرس بأن اختفاء السوق السوداء للعملات في مصر أدى إلى زيادة ملحوظة في تحويلات المصريين العاملين بالخارج، وهو ما يعد مؤشرًا إيجابيًا. لكنه في المقابل، أعرب عن صعوبة العمل في ظل أسعار الفائدة الحالية التي وصفها بالمرتفعة جدًا، مشيرًا إلى أن سعر الفائدة المعقول والمناسب على الجنيه المصري يجب أن يتراوح بين 8 إلى 10%.
وفي سياق متصل، كانت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري قد قررت في اجتماعها الأخير خفض أسعار العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة، وكذلك سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 200 نقطة أساس. وقد أصبحت الأسعار الجديدة كالتالي:
البيان | السعر الجديد |
سعر عائد الإيداع لليلة واحدة | 22.00% |
سعر عائد الإقراض لليلة واحدة | 23.00% |
سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي | 22.50% |
سعر الائتمان والخصم | 22.50% |
تحديات قطاع العقارات في مصر: رؤية نجيب ساويرس للمشهد
أشار ساويرس إلى أن التسعير الحكومي للطروحات يمثل خطأ استراتيجيًا، مؤكدًا على ضرورة البيع بسعر السوق الحقيقي لضمان العدالة والكفاءة. وأوضح أن عدم استقرار أسعار مواد البناء يشكل مشكلة رئيسية وكبيرة تواجه قطاع العقارات في مصر، مما يزيد من تكلفة المشروعات ويؤثر على ربحية المطورين.
وانتقد رجل الأعمال أنظمة السداد الطويلة في قطاع العقارات والتي قد تصل إلى 12 أو 15 عامًا، معتبرًا أنها تخلق صعوبات بالغة للمطورين الآخرين. وذكر ساويرس أن المطورين في مصر يقدمون فترات سداد طويلة بفوائد قد تصل إلى 25%، مما يعني أن 70% من سعر الوحدة يصبح عبارة عن فوائد للأقساط، وهو وضع يجعل استمرارية عمل المطورين أمرًا صعبًا للغاية. على النقيض، يرى ساويرس أن النظام العالمي يعتمد على التمويل العقاري الذي يتناسب مع دخل العميل الحقيقي، بعيدًا عن الفترات الطويلة والفوائد المبالغ فيها.
وأعرب ساويرس عن رفضه التام لفرض رسوم بأثر رجعي على مشروعات الساحل الشمالي، مشددًا على أن تقييم الشركات يجب أن يستند إلى حجم الأرباح الفعلية المحققة وليس فقط أرقام المبيعات. وأوضح أن بعض الشركات لا تحقق سوى 1 أو 2% أرباحًا، بينما تتعرض أخرى للخسارة، مما يستدعي تقصير فترات السداد التي يطرحها المطورون حاليًا لتصبح أكثر واقعية وملاءمة. ولفت ساويرس إلى أن نسبة أرباح المطورين قد تراجعت بشكل كبير خلال العشر سنوات الأخيرة نتيجة لتقلبات سعر صرف الدولار وارتفاع أسعار الفائدة.
صفقة البحر الأحمر الكبرى: رؤية ساويرس لتنشيط الاقتصاد وجذب الاستثمارات
أكد نجيب ساويرس أن صفقة البحر الأحمر المرتقبة سيكون لها دور محوري في تعزيز النمو الاقتصادي في مصر، خاصة وأن الأرض محل الصفقة لم يتم استغلالها أو تطويرها منذ أكثر من 20 عامًا. واعتبر أن هذه الخطوة من شأنها أن تدعم استقرار سعر صرف الجنيه المصري، مشيرًا إلى الأهمية القصوى للاستثمارات الكبرى في تحفيز الاقتصاد الوطني وجذب المزيد من التدفقات المالية.
وفيما يخص تطوير المدن الجديدة، أوضح ساويرس أنه لا يستطيع منافسة مدينة الجونة، مؤكدًا أنه لا يوجد أحد يمكنه ذلك نظرًا لتميزها. لكنه شدد على ضرورة إنشاء مدن شبيهة بالجونة، تُبنى على أسس صحيحة وتستخدم أحدث التقنيات والتكنولوجيا لضمان النجاح والاستدامة. وتابع أن مصر نجحت في فترات سابقة في تخطيط مدن جديدة بشكل فعال وسليم، مما أدى إلى خلق فرص عمل عديدة. وفي هذا الصدد، أشار ساويرس إلى أن العاطل عن العمل في الوقت الحالي يتحمل جزءًا من المسؤولية، حيث أن العديد من القطاعات الاقتصادية المختلفة تعاني من نقص كبير في الأيدي العاملة.
مطالبات ساويرس للحكومة المصرية: سداد الديون ودعم القطاع الخاص
شدد نجيب ساويرس على أن أولويات الحكومة المصرية في المرحلة القادمة يجب أن تركز بشكل أساسي على سداد الدين العام للدولة، وذلك لتخفيف الأعباء المالية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، أكد ساويرس على أهمية مواصلة دعم القطاعات الحيوية التي تعتمد على القطاع الخاص بشكل كبير، مثل قطاع السياحة الذي ينمو 90% منه بجهود القطاع الخاص. وأوصى أيضًا بالاستفادة القصوى من زيادة تحويلات المصريين بالخارج بعد استقرار سعر العملة، لتعزيز الاحتياطيات وتوفير العملة الصعبة.
وبحسب ساويرس، تحتاج مصر إلى تعزيز دور القطاع الخاص بشكل جذري، والتخلي عن النظم الاقتصادية المختلطة التي لا تحقق النتائج المرجوة. وعلق قائلًا إن النظام الاقتصادي الذي هو نصف اشتراكي ونصف رأسمالي لا يصلح أبدًا، مستشهدًا بتحول دول كبرى مثل الصين وروسيا إلى النظام الرأسمالي. ودعا إلى التوقف عن رفع الشعارات القديمة وتبني التحول الاقتصادي الحقيقي.
وعبر ساويرس عن قلقه من محدودية الخيارات المتاحة أمام الحكومة المصرية فيما يتعلق بالاستمرار في التعاون أو التوقف عن تلقي قرض صندوق النقد الدولي. ونصح بأن أبناء مصر لديهم خبرات كبيرة يجب على الحكومة الاستفادة من آرائهم ووجهات نظرهم، وذلك بسؤالهم والاستفادة منهم في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة ببرنامج صندوق النقد.
ساويرس يتوقع ارتفاع سعر الذهب وينتقد سياسات التعدين في مصر
فيما يخص قطاع التعدين، أشار نجيب ساويرس إلى أن تجربة استخراج الذهب من ساحل العاج تمثل فرصة كبيرة ومهمة. وأوضح أن قرار تفضيل التنقيب عن الذهب في مصر على حساب الدول الأخرى كان بمثابة خطأ، مما يشير إلى أن هناك فرصًا تعدينية أفضل في مناطق أخرى لم يتم استغلالها بشكل كافٍ.
وتوقع ساويرس أن يصل سعر الذهب إلى 5000 دولار للأوقية الواحدة خلال الفترة المقبلة، مشيرًا إلى أن البنوك المركزية حول العالم تواصل شراء الذهب سنويًا. لكنه لفت إلى أن كميات الذهب التي تشتريها هذه البنوك لا تزال أقل من الاحتياجات الحقيقية للسوق العالمي.