مشكلة صامتة يغفلها الكثيرون.. رهاب الدخول المدرسي: كيف يحول الآباء طموحاتهم إلى عبء نفسي على الأبناء؟

مع كل بداية عام دراسي جديد، تتجدد حالة من القلق والتوتر النفسي داخل الأسر المغربية، لا تقتصر فقط على الجانب المادي لشراء المستلزمات، بل تمتد لتشمل ضغوطًا نفسية كبيرة تؤرق الآباء والأبناء على حد سواء. فبين هاجس المستقبل الذي يقلق الوالدين، ورهاب المدرسة الذي قد يصيب الأطفال، يصبح الدخول المدرسي تحديًا نفسيًا يتطلب وعيًا خاصًا وتدبيرًا دقيقًا. خبراء علم النفس يقدمون خارطة طريق لمواجهة هذه الضغوط وضمان عودة هادئة ومتوازنة لمقاعد الدراسة.

الضغط النفسي للآباء: هاجس المستقبل وتأثيره على الأبناء

يوضح عادل حساني، الخبير في علم النفس الاجتماعي، أن الضغط الحقيقي على الأطفال لا ينبع من المدرسة نفسها بقدر ما هو نابع من توقعات الآباء. ويشير حساني إلى أن آباء اليوم، الذين تربوا في أجيال سابقة، يعيشون هاجسًا كبيرًا بخصوص مستقبل أبنائهم، ويسعون لتحقيق ما لم يتمكنوا هم من تحقيقه في حياتهم من خلال أبنائهم. هذا الهوس يدفعهم إلى إثقال كاهل الأطفال بساعات دراسية إضافية باهظة التكاليف والالتحاق بمدارس خاصة مكلفة، في سباق استهلاكي محموم لا ينتهي. ويصف حساني هذا السلوك بـ”إفراط الآباء في “تغذية” أطفالهم تعليميًا لضمان مستقبل أفضل”. يؤكد الخبير أن السعي لضمان مستقبل مريح للأبناء يجب ألا يكون على حساب راحتهم النفسية في الوقت الحاضر، ناصحًا الآباء بتجنب الضغط المبالغ فيه والحرص على أن يعيش أطفالهم مرحلتهم الدراسية بسلام وطمأنينة.

اقرأ أيضًا:

خلال أيام قليلة.. موعد إيداع معاش الضمان الاجتماعي المطور في حسابات المستفيدين

رهاب المدرسة: أعراضه وأسبابه لدى الأطفال

من جانبها، تشرح بشرى المرابطي، الأخصائية النفسية والباحثة في علم النفس الاجتماعي، أن بعض الأطفال قد يعانون من مستوى قلق حاد يعرف بـ”رهاب المدرسة”. تتجلى هذه الحالة في أعراض جسدية واضحة مثل آلام المعدة والتقيؤ وآلام الرأس، بالإضافة إلى تغيرات في أنماط الأكل والنوم ونوبات غضب أو بكاء. وترجع المرابطي أسباب هذا الرهاب إلى عدة عوامل؛ منها قلق الانفصال عن الوالدين، أو مواجهة صعوبات أكاديمية أو اجتماعية داخل المدرسة، خاصة إذا تعرض الطفل للتنمر أو للعنف من قبل زملائه أو حتى بعض المعلمين. فهم هذه الأعراض والأسباب هو الخطوة الأولى نحو مساعدة الأطفال على تجاوز مخاوف العودة إلى الدراسة.

نصائح عملية للأسرة: تهيئة نفسية هادئة للعودة إلى الدراسة

للتخفيف من مخاوف الدخول المدرسي، تقدم الأخصائية النفسية بشرى المرابطي مجموعة من التوصيات العملية للآباء:

اقرأ أيضًا: رسميًا.. غرامات مُخالفات تقسيم الوحدات السكنية بدون ترخيص | وزارة الإسكان تُعلن التفاصيل

  • التهيئة المبكرة: يجب البدء قبل أسبوعين على الأقل في تهيئة جو إيجابي للعودة إلى المدرسة، والتحدث عن الجوانب الممتعة فيها.
  • تبني خطاب إيجابي: تجنب العبارات السلبية مثل “ها قد جاءت المدرسة وسنرتاح منكم”، لأن الطفل يفسرها بشكل سلبي. وبدلًا من ذلك، اربط المدرسة بالفرح ولقاء الأصدقاء والتعلم الممتع.
  • المشاركة والتحفيز: إشراك الطفل في شراء الأدوات المدرسية وتنظيم وقته، وربط الدخول المدرسي بأنشطة محببة وممتعة كعشاء عائلي خاص أو هدية صغيرة، وهو ما يعرف في علم النفس بـ”الارتباط الشرطي” الإيجابي.
  • التعامل مع الأعراض الجسدية: عدم الاستسلام لضغط الأبناء للغياب بسبب أعراض جسدية قد تكون نفسية المنشأ (سيكوسوماتية)، بل يجب أخذ مخاوفهم على محمل الجد والحوار معهم بهدوء لفهم مصدر القلق.

دور المدرسة في دعم الطلاب ومواجهة التحديات

بالنسبة لدور المدرسة في تخفيف ضغوط الدخول المدرسي، توصي المرابطي بما يلي:

  • التواصل المستمر: يجب أن يكون هناك تواصل دائم وفعال بين الأسرة والمدرسة طوال العام الدراسي لمتابعة حالة الطفل الأكاديمية والنفسية.
  • محاربة التنمر والعنف المدرسي: تفعيل المذكرات الوزارية الخاصة بمحاربة التنمر وتوفير بيئة آمنة وداعمة للأطفال داخل الفصول والساحات المدرسية.
  • رصد ودعم الطلاب ذوي الصعوبات: ضرورة رصد التلاميذ الذين يعانون من صعوبات دراسية أو نفسية وتقديم الدعم اللازم لهم، لتعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على التعلم والتكيف.

يتفق الخبيران على أن نجاح الدخول المدرسي لا يمكن قياسه فقط بالنتائج الأكاديمية المرتفعة، بل يتجلى بشكل أساسي في قدرة الأسرة والمدرسة معًا على توفير بيئة داعمة تضمن السلام النفسي للطفل، وتسمح له بعيش حاضره الدراسي بتوازن وطمأنينة.

اقرأ أيضًا: قبولك الجامعي بين يديك.. رابط مباشر للاستعلام عن نتيجة الجامعات السودانية 2025