سر بحيرة الموت بالمنيا: عباس شراقي يكشف لأول مرة عن دور الصرف الزراعي الخطير
أكد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، على استمرار تزايد حجم وملوحة بحيرة البهنسا، المعروفة باسم “بحيرة الموت” في محافظة المنيا. أوضح شراقي أن هذه البحيرات، الناتجة عن الصرف الزراعي غير المخطط، تشكل تحديًا بيئيًا واقتصاديًا، مؤكدًا على ضرورة التدخل لتنظيم النشاط الزراعي وتحقيق التنمية المستدامة في المناطق الصحراوية.
بحيرة البهنسا: منشأ وتوسع
كشف الدكتور عباس شراقي في منشور له عبر صفحته الرسمية على فيسبوك عن تفاصيل جديدة حول بحيرة البهنسا غرب مدينة البهنسا بمركز بني مزار في محافظة المنيا. تقع هذه البحيرة على بعد مئات الأمتار غرب النيل، على جانبي الطريق الصحراوي المؤدي من الجيزة إلى الأقصر. وأشار شراقي إلى وجود بحيرة أخرى مماثلة شرق وادي النيل، على طريق الشيخ فضل-رأس غارب، ويبلغ قطرها حوالي 600 متر. بدأت هذه البحيرات في التشكل نتيجة للنشاط الزراعي الأهلي غير المخطط له، والذي انطلق في المنطقة منذ عام 2016 وحتى الآن، وتتكون في الواقع من مجموعة بحيرات وليست بحيرة واحدة.
الصرف الزراعي وتكوين البحيرات
أوضح أستاذ الجيولوجيا أن المصدر الرئيسي لتغذية هذه البحيرات هو مياه الصرف الزراعي الناتجة عن الري بالغمر. تعتمد هذه المزارع على استخدام المياه الجوفية المستخرجة من خزان الحجر الجيري الموجود غرب النيل، وهو ما يفسر تكون بحيرة البهنسا في هذا الموقع. تظهر صور الأقمار الصناعية بوضوح تزايد مساحات المياه يومًا بعد يوم مع التوسع في الأراضي الزراعية، وذلك في الفترة الممتدة من عام 2016 وحتى عام 2025. هذه المناطق التي تشكلت فيها البحيرات كانت في الأصل محاجر رملية عميقة تم تجريفها، مما سمح لمياه الصرف الزراعي بالتسرب إليها وتكوين تجمعات مائية.
تحديات ملوحة بحيرة الموت
مع مرور الوقت، تزداد بحيرات البهنسا عمقًا وملوحة بشكل ملحوظ، مما يجعلها غير صالحة للاستخدام في الشرب أو الزراعة. تعود هذه الزيادة في الملوحة إلى عدة عوامل، منها غسيل التربة الزراعية المستمر، بالإضافة إلى معدلات التبخر العالية الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة الصحراوية. هذه الظروف البيئية تفرض تحديات كبيرة على إمكانية الاستفادة من هذه البحيرات وتجعلها مصدرا محتملا للتلوث البيئي.
نحو تنمية زراعية مستدامة في الصحاري المصرية
اختتم الدكتور عباس شراقي حديثه بالتأكيد على أهمية التنمية الزراعية في المناطق الصحراوية، مشيرًا إلى أن النشاط الزراعي الجديد في هذه المناطق يحمل جوانب إيجابية ومفرحة. ومع ذلك، شدد على أن هذه الجهود تحتاج إلى تخطيط دقيق ورعاية مستمرة ومساندة من الجهات المختصة للمزارعين. دعا شراقي إلى ضرورة تنظيم عمليات حفر الآبار وتحديد طرق الري الحديثة والفعالة لضمان استدامة هذه المشروعات. يهدف هذا التخطيط إلى تحقيق التنمية المستدامة في الصحاري المصرية، وزيادة الإنتاج الزراعي بما يخدم الاقتصاد الوطني ويلبي احتياجات السكان.