بعد عقد من جمع البيانات سرًا.. محكمة أمريكية تدين “غوغل” بانتهاك خصوصية المستخدمين.

قضت هيئة محلفين اتحادية في سان فرانسيسكو بتغريم شركة جوجل مبلغ 425.7 مليون دولار أمريكي، وذلك بعد إدانتها بالتجسس غير القانوني على هواتف العملاء الذكية لمدة عقد تقريبًا. جاء الحكم عقب محاكمة استمرت أكثر من أسبوعين، وخلصت إلى انتهاك الشركة العملاقة لقوانين الخصوصية في ولاية كاليفورنيا.

تفاصيل الحكم القضائي ضد جوجل

تعود جذور القضية إلى دعوى جماعية رفعت قبل خمس سنوات، وشملت ما يقرب من 98 مليون هاتف ذكي عملت في الولايات المتحدة بين يوليو 2016 وسبتمبر 2024. وقد أكدت المحكمة أن جوجل قامت بجمع بيانات المستخدمين بطرق غير مشروعة، بالرغم من اعتقاد هؤلاء المستخدمين بأن أدوات الخصوصية كانت توفر لهم الحماية من المراقبة والتتبع المستمر.

اقرأ أيضًا: الحالة شديدة.. تركي آل الشيخ يكشف تفاصيل مرضه لأول مرة

قيمة التعويضات وأثرها على المستخدمين

بناءً على الحكم الصادر، لن يتجاوز نصيب كل هاتف من التعويضات حوالي أربعة دولارات أمريكية. وقد رأى بعض المراقبين أن هذا المبلغ متواضع للغاية مقارنةً بحجم الأرباح الهائلة التي جنتها الشركة من استغلال هذه البيانات. ومع ذلك، يحمل القرار رسالة قوية وواضحة بشأن خطورة التعدي على خصوصية الأفراد الرقمية.

موقف جوجل وتفنيدها للاتهامات

من جانبها، نفت شركة جوجل جميع الاتهامات الموجهة إليها، وأكدت أنها لم تتعقب أنشطة المستخدمين بطريقة غير قانونية. وشددت الشركة على أن أدوات الخصوصية المتوفرة في منتجاتها تمنح المستخدمين تحكمًا كاملًا في بياناتهم، وأنها تحترم خياراتهم عند تعطيل خدمات التتبع. ومع ذلك، أعلنت جوجل نيتها استئناف هذا الحكم القضائي. أوضح المتحدث باسم جوجل، خوسيه كاستانيدا، أن القرار يعكس سوء فهم لآلية عمل منتجات الشركة، مشيرًا إلى أن التقنيات التي تقدمها تعتمد على خيارات المستخدمين وليس على ممارسات قسرية أو خفية، وهو ما ستسعى الشركة لإثباته في مراحل التقاضي المقبلة.

اقرأ أيضًا: خطوة حاسمة من الإمارات.. حملة ترحيل جديدة تستهدف جنسيات بعينها وتكشف عن الأسباب

رؤية المدعين: استغلال البيانات لأرباح إعلانية

أكد المحامون الذين قادوا الدعوى الجماعية أن جوجل استغلت بيانات الهواتف الذكية دون الحصول على إذن أصحابها، بهدف تطوير استراتيجيات إعلانية أكثر دقة وفعالية. وأشاروا إلى أن الشركة اعتمدت على تتبع اهتمامات الأفراد بشكل سري لبيع إعلانات موجهة، مما أدى إلى تحقيق أرباح بمليارات الدولارات. وصف هؤلاء المحامون ممارسات جوجل بأنها “ربح غير مشروع” يستدعي تعويضات أكبر بكثير مما أقرته هيئة المحلفين، لافتين إلى أن المبيعات الإعلانية التي حققتها الشركة خلال هذه الفترة تجاوزت الثلاثين مليار دولار.

العنصرالقيمةملاحظات
الغرامة المالية المحكوم بها425.7 مليون دولار أمريكيبسبب انتهاك خصوصية المستخدمين
تعويض تقديري لكل جهازحوالي 4 دولارات أمريكيةلأصحاب 98 مليون هاتف ذكي متأثر
تقدير المدعين لأرباح الإعلاناتأكثر من 30 مليار دولار أمريكيخلال فترة التتبع غير المشروع للبيانات

الأبعاد القانونية والأخلاقية للقضية

أثارت هذه القضية جدلًا واسعًا في الأوساط القانونية والتقنية، خاصة وأن جوجل تُعد من أبرز الشركات تأثيرًا في الحياة الرقمية اليومية لملايين الأفراد. يُتوقع أن يشكل هذا الحكم سابقة قانونية قد تدفع باتجاه تشديد التشريعات المتعلقة بحماية الخصوصية الرقمية، سواء داخل الولايات المتحدة أو في بلدان أخرى حول العالم. يرى المتابعون أن هذا الحكم لا يقتصر على كونه تعويضًا ماليًا فقط، بل يمثل رسالة قانونية وأخلاقية صارمة موجهة إلى عمالقة التكنولوجيا، تؤكد أن تجاوز الحدود في التعامل مع بيانات المستخدمين لن يمر دون عقاب، بغض النظر عن حجم الشركة أو قوتها السوقية.

اقرأ أيضًا: جيل جديد ينافس بقوة.. سعر هيونداي النترا 2025 في السعودية وتفاصيل التصميم الذي خطف الأنظار.

تحديات حماية البيانات في عصر التكنولوجيا

يأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه صناعة التكنولوجيا العالمية ضغوطًا متزايدة لتبني معايير أكثر صرامة في حماية البيانات الشخصية. وقد جاءت هذه الضغوط بعد سلسلة من الفضائح التي طالت شركات كبرى، اتُّهمت بجمع بيانات المستخدمين واستغلالها بطرق تفتقر إلى الشفافية والموافقة الصريحة. ورغم أن الغرامة البالغة 425 مليون دولار لا تمثل نسبة كبيرة من أرباح جوجل السنوية، إلا أن أثرها الرمزي والقانوني قد يكون أكبر بكثير. فهي تسلط الضوء على هشاشة ثقة المستخدمين بالشركات التكنولوجية، وتؤكد على ضرورة تعزيز ضوابط الرقابة والمساءلة لضمان حماية أفضل لخصوصية البيانات.

مستقبل الصراع بين شركات التكنولوجيا وخصوصية المستخدمين

يتوقع الخبراء أن تستمر المعركة القانونية بين جوجل وأصحاب الدعوى في المحاكم خلال السنوات القادمة، خاصة في ظل إصرار الشركة على الدفاع عن سياساتها، وتصميم المدعين على المطالبة بتعويضات تتناسب مع حجم الأضرار التي لحقت بالمستخدمين. يعكس هذا الجدل التحديات الكبرى التي تواجهها الحكومات والمجتمعات في إيجاد توازن بين الابتكار التكنولوجي وحقوق الأفراد في الخصوصية، وهي معركة مرشحة للتصاعد كلما ازداد الاعتماد على الخدمات الرقمية في حياتنا اليومية. وفي نهاية المطاف، تبقى هذه القضية واحدة من أبرز المحطات في تاريخ الصراع بين شركات التكنولوجيا العملاقة وحقوق المستهلكين، وقد تكون بداية لمرحلة جديدة من التدقيق الصارم الذي يحد من توسع الشركات على حساب بيانات المستخدمين وخصوصيتهم.

اقرأ أيضًا: الآن من منزلك.. خطوات فتح حساب بنك الخرطوم عبر الإنترنت بالرقم الوطني للسودانيين والمغتربين