بشرى لملايين مرضى القلب: “كلية إمبريال كوليدج” تكشف عن ابتكار تاريخي.. هل تنقذ هذه الأداة ملايين الأرواح من أخطر 3 أمراض قلبية؟

طور باحثون في كلية إمبريال كوليدج لندن بالتعاون مع صندوق إمبريال كوليدج للرعاية الصحية، أول سماعة طبية تعمل بالذكاء الاصطناعي، قادرة على تشخيص ثلاث حالات قلبية خطيرة، هي قصور القلب والرجفان الأذيني وأمراض صمامات القلب، في غضون ثوانٍ معدودة. تعد هذه التقنية الجديدة نقلة نوعية في الرعاية الصحية، حيث توفر تشخيصًا مبكرًا قد ينقذ آلاف الأرواح حول العالم ويقلل من المضاعفات الخطيرة لأمراض القلب.

كشفت دراسة حديثة أن هذه السماعة الطبية الذكية يمكنها خلال خمس عشرة ثانية فقط مساعدة الأطباء على اكتشاف حالات قصور القلب في مراحلها المبكرة، إلى جانب رصد اضطراب الرجفان الأذيني ومشكلات صمامات القلب. تُعد هذه الأمراض غالبًا ما تُكتشف متأخرة بعد تفاقم حالة المريض، مما يقلل من فرص العلاج الفعال.

كفاءة السماعة الذكية في تشخيص أمراض القلب بثوانٍ معدودة

ساهمت مؤسسة القلب البريطانية جزئيًا في تمويل هذه الدراسة، حيث أشارت إلى أن الفريق البحثي اعتمد على تحليل بيانات ضخمة لأكثر من مليون ونصف المليون مريض. كان هؤلاء المرضى يعانون من أعراض شائعة مرتبطة بقصور القلب مثل ضيق التنفس والتورم والإرهاق المستمر، مما وفّر قاعدة بيانات واسعة لتقييم التقنية الجديدة. هذه السماعة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أثبتت كفاءة استثنائية في التشخيص السريع والدقيق لأمراض القلب.

دراسة سريرية تؤكد فعالية التشخيص المبكر

شملت التجارب السريرية المباشرة لهذه السماعة الذكية أكثر من 12 ألفًا و700 مريض، وأظهرت النتائج تفوقًا واضحًا في قدرة السماعة على اكتشاف حالات القلب الخطيرة مبكرًا. لخصت الدراسة معدلات زيادة فرص التشخيص كما يلي:

يُبرز هذا التشخيص المبكر أهميته القصوى، خاصة في حالة الرجفان الأذيني، وهو اضطراب خطير في نظم القلب يزيد من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية. الكشف المبكر لهذه الحالات يتيح التدخل العلاجي الأسرع، مما يقلل من تطور الأعراض والمضاعفات الخطيرة.

تأثير الذكاء الاصطناعي على الكشف عن قصور القلب والرجفان الأذيني

أكدت مؤسسة القلب البريطانية في بيان لها أن الكشف المبكر عن هذه الحالات القلبية الثلاث يُمثل خط الدفاع الأول لإنقاذ حياة عدد كبير من المرضى. فهذا التشخيص السريع يمنح الأطباء وقتًا كافيًا لوضع خطط علاجية فعالة، مما يجنب المرضى تفاقم المضاعفات القلبية التي قد تكون وخيمة.

السماعة الطبية: تطور تاريخي من عام 1816 إلى الذكاء الاصطناعي

علق الدكتور باتريك باشتغر، المحاضر السريري في كلية إمبريال كوليدج لندن، على هذا الابتكار مشيرًا إلى أن تصميم سماعة الطبيب لم يتغير فعليًا منذ عام 1816. ووصف إدخال الذكاء الاصطناعي لهذه الأداة التاريخية بأنه تحول مذهل في الممارسة الطبية اليومية. وأوضح باشتغر أن السماعة الذكية تُمكّن الأطباء من إجراء فحص يستغرق خمس عشرة ثانية فقط، حيث يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل النتائج بسرعة فائقة ليقدم مؤشرات دقيقة وواضحة حول احتمال إصابة المريض بقصور القلب، أو الرجفان الأذيني، أو اعتلال في صمامات القلب.

من جانبها، أكدت الدكتورة سونيا بابو نارايان، المديرة السريرية في مؤسسة القلب البريطانية واستشارية أمراض القلب، أن الحالات القلبية الخطيرة غالبًا ما تُكتشف في مراحل متقدمة. يصل المرضى إلى المستشفى بعد تدهور وضعهم الصحي، مما يحد من فرص التدخل العلاجي المبكر. وأشارت الدكتورة نارايان إلى أن توفير وسيلة تشخيصية سريعة وبسيطة مثل السماعة الذكية يمكن أن يغير هذا الواقع بشكل جذري، إذ يتيح للمرضى الحصول على العلاج المناسب في وقت مبكر، مما يحسن جودة حياتهم ويساهم في إطالة أعمارهم بشكل ملحوظ.

آفاق مستقبلية للرعاية الصحية بفضل الابتكارات التشخيصية

يرى الخبراء أن هذه الابتكارات تشكل خطوة عملية ومهمة نحو دمج الذكاء الاصطناعي في أدوات التشخيص الطبية التي يستخدمها الأطباء بشكل يومي حول العالم. هذا الدمج سيُسهل توسيع نطاق الاستفادة من التقنيات المتقدمة لتشمل العيادات الصغيرة وحتى المناطق النائية. ويرجح المحللون أن تطوير مثل هذه التقنيات المبتكرة قد يُسهم في خفض تكاليف الرعاية الصحية على المدى الطويل. يحدث ذلك بتقليل أعداد الحالات التي تتطور إلى مراحل متقدمة تستلزم تدخلات جراحية أو علاجات معقدة وباهظة التكلفة. وهكذا، تفتح السماعة الطبية الذكية آفاقًا جديدة لمستقبل الرعاية الصحية، معتمدة على التشخيص السريع والدقيق. إنها تمنح الأطباء أداة فعالة للحد من أخطر أمراض القلب، التي لا تزال تُعد السبب الرئيسي للوفيات عالميًا.