سر عمره آلاف السنين.. خبير يكشف كيف رصد المصريون القدماء كسوف الشمس وخسوف القمر بدقة مذهلة
خبير آثاري يؤكد أن المصريين القدماء امتلكوا معرفة فلكية متقدمة، حيث تمكنوا من فهم دورة ساروس للتنبؤ بالكسوفات والخسوفات بدقة بالغة. وشهدت جدران معابد مثل دندرة وإسنا تسجيلًا مفصلاً لظواهر سماوية كالقمر الدموي وكسوف الشمس، مما يبرز ريادتهم في علم الفلك قبل آلاف السنين.
الفلكيون المصريون القدماء ودورة ساروس القمرية
كشف الدكتور أحمد عامر، الخبير الآثاري والمتخصص في علم المصريات، أن الفلكيين في مصر القديمة أدركوا تماماً دورة ساروس الفلكية، وهي الدورة القمرية الكبرى التي تمكنهم من معرفة أن جميع الكسوفات الشمسية والخسوفات القمرية تتكرر في فترة زمنية مدتها ثمانية عشر عاماً. وتؤكد هذه المعرفة العميقة مدى تقدمهم في رصد حركة الأجرام السماوية والتنبؤ بظواهرها الفلكية.
تسجيل الظواهر الفلكية في المعابد الأثرية
أشار الدكتور عامر إلى أن الحضارة المصرية القديمة تركت شواهد ملموسة على إدراكها للظواهر الفلكية وتسجيلها بدقة على جدران المعابد. وتتضمن هذه الشواهد:
- تسجيل ظاهرة “القمر الدموي” على جدران معبد الآلهة حتحور في قرية دندرة غرب قنا، حيث تم تصويره في الخامس والعشرين من سبتمبر عام 52 قبل الميلاد، واستمر لساعات طويلة.
- تصوير كسوف شمسي حلقي حدث في السابع من يوليو عام 51 قبل الميلاد ببرج الحوت، وهو موثق أيضاً في معبد دندرة.
- رسم أوجه القمر على سقف معبد إسنا بمحافظة الأقصر، بالإضافة إلى تصوير آلهة أيام القمر من المحاق إلى البدر في معبد دندرة بمحافظة قنا، مما يعكس الدقة المتناهية للفلكيين القدماء في تتبع الدورة القمرية.
براعة المصريين في تفسير الكسوف الشمسي
أوضح الخبير الآثاري أن الفلكيين القدماء كانوا يمتلكون قدرة فائقة على التنبؤ بالكسوفات بدقة متناهية. فقد اكتشفوا أن خسوف القمر وكسوف الشمس يحدثان فقط عندما يكون القمر قريباً من المسار الظاهري للشمس في السماء، وهو ما يدل على ريادتهم العلمية في فهم هذه الظواهر المعقدة منذ آلاف السنين. كما عرف المصريون القدماء كسوف الشمس وفسروا هذه الظاهرة الفريدة قبل آلاف السنوات، معبرين عنها رمزياً وكأنها “عين رع” المظلمة والمغطاة. وقد أبدع المصريون في رصد الأجرام السماوية بما يشمل الشمس والقمر والنجوم والكواكب بدقة فائقة، مما يبرز تقدمهم العلمي والفلكي الهائل في تلك الحقبة التاريخية.
وثائق تاريخية تؤكد المعرفة الفلكية المصرية
أكمل الدكتور أحمد عامر حديثه بالإشارة إلى وجود نصوص أثرية تؤكد معرفة المصري القديم بظاهرة الكسوف الكلي للشمس. فقد تم العثور على نص في بردية الكاهن نفرتي يثبت هذه المعرفة، حيث يذكر النص: “الشمس مبهمة ولا تعطى ضوءاً يمكن أن يراه الرجال، ولا يستطيع الإنسان أن يعيش عندما تحوم السحب العاصفة، ومن أنواعها الغيوم المحملة بالمطر، ويتعجب الجميع من غيابها”. ويظهر هذا النص بوضوح مدى إدراك المصريين القدماء للظواهر السماوية وقدرتهم على تفسيرها وتوثيقها بدقة علمية.