ما لا تعرفه عن “الأستاذ”.. في ذكرى ميلاد فؤاد المهندس: رحلة من الطفولة إلى “عمو فؤاد” وحب شويكار الأبدي

يُصادف السادس من سبتمبر ذكرى ميلاد فؤاد المهندس، الأستاذ الذي أثرى الفن العربي لأكثر من نصف قرن. لم يكن مجرد فنان كوميدي، بل مدرسة فنية متكاملة جمعت بين الضحك الراقي والرسالة الهادفة، ليصبح رمزًا خالدًا في ذاكرة الملايين بمصر والعالم العربي. هذه الذكرى تستدعي مسيرة حافلة بالإبداع والتألق، تاركًا خلفه إرثًا فنيًا لا يزال يبهج الأجيال.

فؤاد المهندس: بدايات وتشكيل عبقري الكوميديا

وُلد فؤاد زكي المهندس في حي العباسية بالقاهرة عام 1924، ونشأ في كنف عائلة مثقفة، فوالده هو العالم اللغوي الشهير زكي المهندس، وشقيقته الإعلامية الكبيرة صفية المهندس. هذا الجو الأسري الثقافي عزز لديه تقدير اللغة والفن منذ صغره. بدأت خطواته الأولى نحو المسرح خلال سنوات دراسته بكلية التجارة، متأثرًا بفن نجيب الريحاني الذي اعتبره قدوته. ورغم أن الريحاني لم يمنحه أدوارًا كبيرة، جاءت انطلاقته الحقيقية وشهرته الأولى في خمسينيات القرن الماضي عبر فرقة “ساعة لقلبك” الإذاعية الشهيرة.

اقرأ أيضًا: وصية فنية خالدة.. ميدو عادل يكشف نصائح محمود الجندي التي غيرت مسيرته في الوسط الفني

مسيرة فؤاد المهندس نحو النجومية الفنية

شكل عام 1954 نقطة تحول كبرى في مسيرة فؤاد المهندس، عندما خاض أولى بطولاته السينمائية في فيلم “بنت الجيران” أمام الفنانة شادية، من إخراج محمود ذو الفقار. فتح هذا الفيلم أمامه أبواب السينما واسعًا، فشارك بعدها في أعمال سينمائية بارزة مثل “عيون سهرانة”، “بين الأطلال”، “نهر الحب”، و”الشموع السوداء”. ومع ذلك، ظل المسرح بوابته الأكبر نحو الخلود الفني، حيث قدم أعمالًا أصبحت علامات مضيئة في تاريخ المسرح العربي.

أعمال فؤاد المهندس المسرحية: إرث من الضحك الراقي

ارتبط اسم فؤاد المهندس بمسرحيات ما زالت تحظى بمشاهدة واسعة وإعجاب كبير حتى اليوم، وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من التراث الكوميدي العربي.

اقرأ أيضًا: نسخة نادرة من “الهوبيت” تُباع بسعر مذهل.. 57 ألف دولار تُدفع مقابل رواية تولكين

* “سيدتي الجميلة” (1969)
* “إنها حقًا عائلة محترمة” (1979)
* “سك على بناتك” (1980)
* “هالة حبيبتي” (1985)

كما نجح في تشكيل ثنائي فني لا يُنسى مع الفنانة الكبيرة شويكار، حيث مزجا الكوميديا بالرومانسية في أعمالهما السينمائية والمسرحية، ليصنعا حالة فنية متفردة. وفي السينما أيضًا، تألق في أفلام مثل “أرض النفاق”، “العتبة جزاز”، و”عائلة زيزي”. وعلى الصعيد الإذاعي، أصبح برنامجه “كلمتين وبس” الذي بدأ عام 1968، مرآة ساخرة للمجتمع المصري، مقدمًا شخصية “سيد أفندي” التي تناقش القضايا اليومية بأسلوب خفيف وواعٍ.

اقرأ أيضًا: رحيل علم من أعلام مصر.. وفاة سليم حسن عميد الأثريين المصريين مؤلف موسوعة مصر القديمة

عمو فؤاد: أيقونة طفولة لا تُنسى وفوازير رمضان

في الثمانينيات والتسعينيات، أصبح فؤاد المهندس جزءًا لا يتجزأ من ذاكرة الطفولة العربية من خلال فوازير “عمو فؤاد” الشهيرة التي كانت تُعرض في شهر رمضان المبارك. كانت فوازيره حدثًا سنويًا يترقبه الملايين من الأطفال والعائلات. كما غنى للأطفال أغنيات ما زالت حاضرة في وجدانهم:

* “عيد ميلاد أبو الفصاد”
* “رايح أجيب الديب من ديله”

اقرأ أيضًا: الوصول المباشر.. تردد قناة أون تايم سبورت 2 بث مباشر دون تقطيع بجودة عالية

هذا الارتباط القوي بالأطفال جعله قريبًا من كل بيت عربي، وزاد من شعبيته الواسعة بين جميع الأعمار.

الجانب الإنساني وقصة حب فؤاد المهندس وشويكار

بعيدًا عن الأضواء، عُرف فؤاد المهندس بشخصيته البسيطة والمنظمة. تزوج أولًا من السيدة عفت سرور وأنجب منها أبناءه، ثم تزوج من الفنانة شويكار في قصة حب أصبحت حديث الجمهور. رغم انفصالهما لاحقًا، ظلت علاقتهما الإنسانية قائمة على الاحترام والود حتى وفاته، حيث كانت شويكار تتحدث عنه دائمًا بحب وتقدير كبيرين. كان معروفًا بحبه الشديد للأطفال وحرصه على أن يكون أبًا حنونًا وصارمًا في آن واحد، متأثرًا بتربية والده. كما تميز بحياته المتواضعة وابتعاده عن مظاهر البذخ رغم شهرته الطاغية.

اقرأ أيضًا: مباراة مرتقبة.. الأهلي يواجه مودرن سبورت في الدوري المصري

من أجمل محطات حياته، طلبه الزواج من شويكار على خشبة المسرح أثناء عرض مسرحية “أنا وهو وهي”، ليكتبا معًا واحدة من أشهر قصص الحب الفني في مصر. هذا الثنائي الفني قدّم أعمالًا خالدة مثل “أنا وهو وهي”، “السكرتير الفني”، و”إنها حقًا عائلة محترمة”. وحتى بعد انفصالهما، ظل الجمهور يربط اسميهما بالحب والكوميديا الراقية.

فؤاد المهندس: إرث فني يتجاوز الزمان والأجيال

رحل الأستاذ فؤاد المهندس في السادس عشر من سبتمبر عام 2006، عن عمر ناهز الثانية والثمانين عامًا. ترك خلفه إرثًا فنيًا ضخمًا يزيد عن مئتي عمل فني تنوعت بين المسرح والسينما والتلفزيون والإذاعة. هذه الأعمال لا تزال تُعرض حتى اليوم، وتحظى بنفس الضحك والشغف من الأجيال الجديدة، وكأنها صنعت لتبقى خالدة عبر كل الأزمان.