حضور استثنائي.. التنمية الثقافية تحتفل بالمولد النبوي وسط أجواء روحانية مع التهامي
شهد سور القاهرة الشمالي بمنطقة الجمالية مساء أمس الخميس، احتفالية جماهيرية كبرى بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف، نظّمها صندوق التنمية الثقافية برئاسة المعماري حمدي السطوحي، وبحضور تجاوز الألفي شخص. وقد جاءت هذه الفعالية الثقافية الروحانية برعاية وزير الثقافة وبالتعاون مع وزارتي السياحة والآثار، لتؤكد على أهمية إحياء المناسبات الدينية في المواقع التاريخية الأثرية.
احتفالية المولد النبوي: جذور تاريخية وروحانية مصرية
أكد المعماري حمدي السطوحي، مساعد وزير الثقافة والمشرف على صندوق التنمية الثقافية، أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يُعد من المناسبات الشعبية العريقة والمتجذرة في وجدان المصريين. وأوضح أن المولد يتجاوز كونه مجرد احتفال ديني ليصبح جزءًا أصيلًا من الهوية المصرية تتناقله الأجيال. وأشار السطوحي إلى أن اختيار سور القاهرة الشمالي، كأحد المواقع الأثرية العالمية، يعكس استراتيجية وزارة الثقافة في توظيف الأماكن التاريخية لتكون مساحات حية للنشاط الثقافي والفني، مؤكداً أن “المكان هو الجسد، والإنشاد هو الروح، وما نشهده الليلة هو تلاقي الجسد بالروح في صورة واحدة متكاملة”.
تكامل جهود مؤسسات الدولة لإثراء المشهد الثقافي
وأضاف السطوحي أن هذه الاحتفالية ليست فقط احتفالًا دينيًا، بل تمثل نموذجًا عمليًا للتكامل بين مختلف قطاعات وزارة الثقافة، حيث تتناغم جهود المسرح والموسيقى والأنشطة التراثية والندوات لتحقيق رؤية موحدة تهدف إلى ترسيخ الهوية المصرية. وشدد على أن هذا التعاون يمتد ليشمل مؤسسات الدولة الأخرى، مستشهدًا بالشراكة المستمرة مع وزارة السياحة والآثار في استثمار المواقع التاريخية، ومع وزارة الداخلية التي تقوم بدور حيوي في تأمين الفعاليات وضمان نجاحها. ولفت إلى أن نجاح الاحتفالية يعود بشكل كبير إلى هذا التعاون الوثيق، مشيرًا إلى أن “الثقافة أبدعت، الآثار فتحت كنوزها التراثية، والداخلية أمنت الفعالية، هذه الصورة تعكس روح الدولة المصرية الحديثة، التي تعمل مؤسساتها بانسجام لخدمة رسالتها الوطنية”.
استراتيجية وزارة الثقافة لتعزيز التراث وتوسيع قاعدة الجمهور
كما أوضح مساعد وزير الثقافة أن الاحتفالية تجسد استراتيجية الوزارة في دعم القيم الروحية وإحياء المناسبات الكبرى التي تعزز الهوية المصرية الأصيلة. وشدد على أن المرحلة الحالية تشهد بناءً جديدًا داخل الصندوق والوزارة، بهدف تطوير الأداء، وتوسيع دائرة الجمهور المستفيد من الأنشطة الثقافية، وربط الأجيال الشابة بالتراث والفنون. وفي هذا السياق، نوه السطوحي إلى مبادرة “كارت أهلاً بالطلبة” التي أطلقها الصندوق مؤخرًا لتشجيع الطلاب على المشاركة في الفعاليات الثقافية بأسعار رمزية أو مخفضة، مؤكدًا أن الثقافة حق للجميع وليست حكرًا على فئة معينة.
دمج الإنشاد الديني بالتراث الأثري: رسالة مصر للعالم
وأشار السطوحي إلى أن دمج الإنشاد الديني في موقع أثري عريق مثل سور القاهرة الشمالي، الذي يزيد عمره عن 900 عام، يحمل رسالة عميقة. وأوضح أن هذا الدمج بين التراث المادي للمكان والتراث اللامادي للإنشاد يمثل رسالة قوية للعالم تؤكد قدرة مصر على صون تراثها الغني وتقديمه بروح معاصرة قريبة من الناس. واختتم تصريحاته بالتأكيد على أن صندوق التنمية الثقافية سيستمر في استراتيجيته الهادفة إلى تفعيل المواقع الأثرية واستثمارها ثقافيًا، ضمن رؤية الدولة التي تعتبر الثقافة ركيزة أساسية في بناء الإنسان المصري.
الشيخ التهامي: الإنشاد رسالة روحية في زمن الاستقرار المصري
وفي السياق ذاته، أضفى المنشد الشيخ محمود التهامي أجواءً من الخشوع والبهجة بتقديمه مجموعة من الأناشيد والابتهالات النبوية التي تفاعل معها الجمهور بحماس. وعبر التهامي عن شكره لوزارة الثقافة وصندوق التنمية الثقافية على التنظيم الاحترافي للفعالية. وأوضح أن أي مكان يُذكر فيه اسم النبي الكريم يكتسب طابعًا روحيًا فريدًا، لكن سور القاهرة الشمالي يضيف للمناسبة بعدًا تاريخيًا خاصًا. وأكد أن هذا الاحتفال الشعبي والروحي يعكس الثقافة المصرية الأصيلة، ويبرهن على تجذر ذكر النبي الكريم في قلوب المصريين. كما أشار الشيخ التهامي إلى أن الإنشاد بالنسبة له ليس مجرد فن، بل هو رسالة روحية وتوعوية، مثمنًا احتفال مصر بهذه المناسبة في ظل الأمن والاستقرار، بينما تعاني العديد من دول المنطقة من غياب الاستقرار، مما يؤكد على فرادة التجربة المصرية.
تعاون الثقافة والآثار: استثمار المواقع الأثرية في خدمة الفنون
من جانبه، أكد الدكتور جمال مصطفى، مستشار وزير السياحة والآثار والمشرف على مركز إبداع قصر الأمير طاز، أن إقامة احتفالية المولد النبوي في سور القاهرة الشمالي أضاف للمناسبة بعدًا حضاريًا وروحانيًا عميقًا. وأشار إلى التلاقي الفريد بين ذكرى المولد النبوي التي تعود لأكثر من 1500 عام، وسور أثري يتجاوز عمره 900 عام، مما يخلق تجربة استثنائية للجمهور. وشدد على أن هذا الدمج يبرز المكانة التاريخية للقاهرة كمدينة مسجلة على قائمة التراث العالمي. كما أوضح أن التعاون بين وزارتي الثقافة والسياحة والآثار يمثل نموذجًا ناجحًا لاستثمار المواقع الأثرية في دعم الثقافة والفنون، مما يمنح الفعاليات الثقافية بعدًا محليًا ودوليًا، ويضعها في صدارة اهتمام المؤسسات العالمية المعنية بحماية التراث.
اختتمت الاحتفالية بتأكيد أن ذكرى المولد النبوي الشريف تظل جزءًا لا يتجزأ من الوجدان الشعبي والهوية المصرية الأصيلة. كما أن تنظيم مثل هذه الفعاليات في مواقع تاريخية كـ”سور القاهرة الشمالي” يرسخ استراتيجية الدولة في الحفاظ على التراث المادي واللامادي، ويبرز دور مصر كجسر يربط الماضي بالحاضر، ويبني مستقبلًا يستند إلى القيم الروحية والثقافية الأصيلة.








