2.2% قفزة جديدة.. الجنيه المصري يواصل الصعود أمام الدولار منذ نهاية يونيو | تطور اقتصادي
توقعت مذكرة بحثية حديثة صادرة عن “بلومبرج إنتليجنس” أن يواصل الجنيه المصري الحفاظ على قوته، بالرغم من خفض أسعار الفائدة الذي تجاوز توقعات السوق. ويُعزى هذا الصمود إلى عدة عوامل رئيسية، أبرزها ارتفاع العائد الحقيقي على الجنيه، وتدفقات المحافظ الاستثمارية الكبيرة، إضافة إلى استقرار الإيرادات الجارية من تحويلات المصريين العاملين بالخارج وقطاع السياحة. وقد ارتفع الجنيه بنسبة 2.2% أمام الدولار منذ نهاية يونيو، ليصبح الأفضل أداءً في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا هذا الربع.
الجنيه المصري يقاوم تخفيضات الفائدة الكبيرة
يعكس قرار البنك المركزي المصري في 28 أغسطس الماضي، بخفض أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس – وهو ضعف ما توقعه السوق – قوة الجنيه وتراجع معدلات التضخم في البلاد بشكل ملحوظ. فقد انخفض التضخم إلى 13.9% في يوليو، مقارنة بـ 16.8% في مايو. وأشار البنك المركزي إلى أن ضغوط الطلب لا تزال محدودة، مع تراجع في توقعات التضخم المستقبلية. وحتى بعد هذا الخفض الكبير، تظل معدلات العائد الحقيقية في مصر من بين الأعلى على مستوى الأسواق الناشئة، مما يضمن استمرار جاذبية الأصول المقومة بالعملة المحلية.
التضخم وتأثيره على مرونة السياسة النقدية
أوضح سيرجي فولوبويف، المتخصص في أسواق العملات والفائدة بالأسواق الناشئة، أن استمرار التيسير النقدي يبقى احتمالًا قائمًا إذا ظلت ضغوط التضخم، الناتجة عن إصلاحات الدعم، تحت السيطرة. ورغم توقع حدوث المزيد من التعديلات على أسعار السلع المدعومة، فإن العائد الحقيقي المرتفع يمنح البنك المركزي مساحة إضافية لإجراء تخفيضات مستقبلية في أسعار الفائدة دون التأثير سلبًا على صرامة سياسته النقدية. وفي سياق متصل، أدى التزام الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي بإلغاء دعم الوقود للأفراد بحلول نهاية عام 2025، إلى رفع أسعار البنزين بنسبة 15% في أبريل الماضي، وقد تشهد الأسابيع القادمة زيادة مماثلة.
عوامل تعزيز قوة العملة المصرية
تستند توقعات صمود الجنيه المصري إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية الأساسية التي تدعم العملة المحلية. هذه العوامل تشكل ركائز قوية لمواجهة أي ضغوط محتملة:
- ارتفاع العائد الحقيقي على الجنيه المصري، مما يجعل الاستثمار فيه جذابًا للمستثمرين الأجانب.
- تدفقات المحافظ الاستثمارية القوية التي تستمر في الدخول إلى السوق المصري، مدعومة بالسيولة العالمية والبحث عن عوائد مرتفعة.
- استقرار الإيرادات الجارية من التحويلات المالية للمصريين العاملين بالخارج وقطاع السياحة، وهما مصدران أساسيان للنقد الأجنبي.
تحسن الحسابات الخارجية ودعم الاحتياطيات
تعززت الحسابات الخارجية لمصر بشكل ملحوظ، حتى مع الانخفاض الحاد في إيرادات قناة السويس بنحو 0.5 مليار دولار شهريًا منذ أواخر عام 2023. وقد تقلص عجز الحساب الجاري، وارتفعت تحويلات المصريين بالخارج بشكل كبير، مما يعكس مرونة الاقتصاد المصري.
البند | الربع الأول من 2025 | الربع الثالث من 2024 / العام السابق |
عجز الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي | 5% | 6.5% |
تحويلات المصريين العاملين في الخارج كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي | 10.1% | 4.9% |
الإيرادات السياحية كمساهمة إضافية في الناتج المحلي الإجمالي | 1.2 نقطة مئوية | — |
لا يزال فائض الحساب المالي والرأسمالي في مصر كبيرًا، حيث تنجح التدفقات الرسمية وتدفقات المحافظ الاستثمارية في تعويض أي تراجع في الاستثمار الأجنبي المباشر. هذا الوضع أتاح للبنك المركزي إعادة بناء احتياطياته بمقدار 14 مليار دولار منذ نهاية عام 2023. ويعمل هذا الاحتياطي القوي على جعل الموازين الخارجية لمصر أقل عرضة لتقلبات تدفقات المحافظ الاستثمارية، مما يحد من مخاطر تأثير تخفيضات الفائدة السريعة على قيمة الجنيه.
التوقعات المستقبلية لسعر الفائدة والجنيه المصري
لا تزال هناك احتمالية قوية لحدوث تخفيضات إضافية كبيرة في أسعار الفائدة خلال الربع الرابع من العام الجاري. ومع ذلك، قد تؤثر بعض العوامل المحتملة مثل مفاجآت صعود التضخم، أو أي تأخيرات في صرف الدفعات من صندوق النقد الدولي، أو حتى تقلبات أسواق العملات العالمية، على وتيرة هذه التخفيضات. ولكن، حتى لو تم خفض أسعار الفائدة بمقدار 300 نقطة أساس إضافية في الربع الأخير، فسيظل العائد على الجنيه المصري مرتفعًا ومزدوج الرقم، وهو مستوى يعتبر كافيًا للحفاظ على جاذبية تدفقات المحافظ الاستثمارية، حتى مع تباطؤ زخم الاستثمار الأجنبي المباشر.