قرار مفاجئ.. الحكومة الأمريكية تستحوذ على حصة من إنتل | كشف سر هذه الصفقة الاستراتيجية

في خطوة استراتيجية وغير مسبوقة، استحوذت الإدارة الأمريكية على حصة ملكية بنسبة 10% في شركة إنتل العملاقة لأشباه الموصلات. تأتي هذه الخطوة ضمن مساعي واشنطن الحثيثة لتعزيز هيمنتها على مجال الذكاء الاصطناعي وإعادة توطين صناعة الرقائق الإلكترونية الحيوية داخل البلاد، وذلك لتحقيق الاكتفاء الذاتي والتفوق التكنولوجي العالمي.

مساعي إدارة ترامب للهيمنة على الذكاء الاصطناعي

تهدف إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشكل صريح إلى ترسيخ مكانة الولايات المتحدة كقوة مهيمنة عالميًا في قطاع الذكاء الاصطناعي. لتحقيق هذا المسعى الطموح، ركزت الإدارة على إعادة توطين صناعة أشباه الموصلات الحيوية إلى الأراضي الأمريكية، وهي المكون الأساسي لكل التقنيات المتقدمة. في هذا الإطار، استخدم ترامب خلال الأشهر الماضية أدوات سياسية واقتصادية مثل فرض تعريفات جمركية مقترحة لزيادة جاذبية التصنيع المحلي للرقائق الإلكترونية وتدعيم قاعدة التصنيع في الولايات المتحدة.

اقرأ أيضًا: مفاجأة غير متوقعة.. العثور على بسمة يقلب أحداث مسلسل أمي في الحلقة 78

لماذا تراهن واشنطن على إنتل؟

في تحول لافت أواخر أغسطس الماضي، أقرت الإدارة الأمريكية تحويل منحة حكومية مخصصة لدعم التصنيع المحلي لأشباه الموصلات إلى حصة ملكية بلغت 10% في شركة إنتل. وينص الاتفاق على أن الحكومة ستحصل على حصة إضافية في حال تراجعت ملكية إنتل في ذراعها التصنيعية المخصصة لإنتاج الرقائق للعملاء الدوليين إلى أقل من 50% خلال السنوات الخمس القادمة. على الرغم من وجود شركات أمريكية أخرى بارزة في قطاع الرقائق وتحديات إنتل المستمرة، يبرز التساؤل حول الأسباب التي جعلت إنتل تحديدًا محور هذه الخطة الطموحة للهيمنة على الذكاء الاصطناعي العالمي.

مسار إنتل وتحديات صناعة الرقائق

لم تكن رحلة إنتل في قطاع صناعة الرقائق سهلة، ففي مارس 2021، أطلقت الشركة وحدة مصانع إنتل (Intel Foundry) وتعهدت باستثمار 20 مليار دولار لإنشاء مصنعين جديدين في ولاية أريزونا الأمريكية. وفي محاولة لتعزيز قدراتها التصنيعية، أعلنت إنتل بعد عام نيتها الاستحواذ على شركة تاور سيميكونداكتور (Tower Semiconductor) بقيمة 5.4 مليار دولار، إلا أن هذه الصفقة تعثرت لأسباب تنظيمية وأُلغيت في أغسطس 2023. منذ ذلك الحين، واجهت وحدة المصانع تحديات كبيرة في جذب العملاء الكبار، وتناثرت تقارير تشير إلى ضعف أدائها التشغيلي. وفي عام 2024، كشف الرئيس التنفيذي آنذاك بات جيلسنجر عن خطة لتحويل وحدة المصانع إلى شركة فرعية مستقلة، بالتزامن مع ضغوط من مجلس الإدارة لفصلها بالكامل، وذلك في ظل تباطؤ النمو وخفض التكاليف وتسريح أعداد كبيرة من الموظفين. ورغم حصول الشركة في نوفمبر من العام ذاته على دعم حكومي بقيمة 7.86 مليار دولار من منح “قانون الرقائق والعلوم” لعام 2022 بهدف تعزيز التصنيع المحلي، جاءت المفاجأة في ديسمبر 2024 بإعلان تقاعد جيلسنجر المفاجئ.

اقرأ أيضًا: قفزة مفاجئة.. أسعار الذهب في السعودية تسجل ارتفاعًا غير متوقع اليوم

عودة ليب-بو تان وتداعيات علاقاته مع الصين

شهد مارس الماضي عودة ليب-بو تان، العضو السابق في مجلس إدارة إنتل، ليتبوأ منصب الرئيس التنفيذي للشركة. سارع تان إلى تطبيق خطة إعادة هيكلة شاملة، ارتكزت على تقليص الوحدات غير الأساسية وتسريح أعداد كبيرة من الموظفين. وفي يوليو، أعلنت إنتل عن تقليص بعض مشاريع التصنيع، من بينها مصنع ضخم بقيمة 28 مليار دولار في ولاية أوهايو كان قد تأجل إنشاؤه مسبقًا. هذه التطورات تزامنت مع تحركات إدارة ترامب نحو إنتل.

في 6 أغسطس، أرسل السيناتور الجمهوري توم كوتون رسالة إلى مجلس إدارة إنتل يستفسر فيها عن علاقات تان المحتملة بالصين، مشيرًا إلى ارتباطه السابق بشركة كادنس ديزاين سيستمز التي وُجهت لها اتهامات بانتهاك قيود التصدير الأمريكية وبيع تقنيات لمدرسة عسكرية صينية. وفي اليوم التالي، طالب دونالد ترامب باستقالة تان الفورية، واصفًا إياه بأنه “متضارب المصالح بشدة” دون تقديم أدلة تفصيلية. بعد أسبوع من هذه المطالبات، توجه تان إلى واشنطن للقاء ترامب، حيث ناقش الطرفان سبل التعاون بين الحكومة وإنتل لتحقيق هدف إعادة توطين صناعة أشباه الموصلات داخل الولايات المتحدة. عقب هذا اللقاء، تواترت الأنباء حول احتمالية استحواذ الحكومة على حصة في الشركة. وفي 18 أغسطس، أعلنت “سوفت بنك” عن استثمار ملياري دولار في إنتل، وبعد أربعة أيام كشفت الحكومة الأمريكية رسميًا عن صفقة الحصة الجديدة.

اقرأ أيضًا: ببالغ الأسى.. الوطنية للإعلام تنعي الإعلامي عاطف كامل | شهادة كبرى في مسيرة مهنية أخلاقية

تضمن هذه الصفقة لإنتل الحصول على المنح الحكومية المقررة مسبقًا، بينما تؤكد إدارة ترامب أن دورها سيكون “استثماريًا غير تدخلي” وستصوت في مجلس الإدارة بما يخدم مصالح الشركة. ومع ذلك، يظل التساؤل قائمًا حول مدى فعالية هذه الخطوة في دعم إنتل لترسيخ مكانتها كقائد في صناعة أشباه الموصلات، ومدى تأثيرها الحقيقي على مساعي الولايات المتحدة للهيمنة على قطاع الذكاء الاصطناعي العالمي.

اقرأ أيضًا: استقبل عام 2025 بكل جديد.. تردد قناة كرتون نتورك لمتابعة أحدث وأقوى المسلسلات والبرامج الكرتونية