قفزة جديدة.. أسعار الذهب تسجل مستويات قياسية | خبراء يكشفون من يقف وراء هذا الصعود المتواصل

سجلت أسعار الذهب مستوى قياسيًا بلغ 3,587 دولارًا للأونصة يوم الجمعة، لتواصل بذلك صعودًا لافتًا تجاوز 90% منذ أواخر عام 2022. يأتي هذا الارتفاع مدفوعًا بتوقعات استمرار الطلب القوي في الأسواق العالمية، نتيجة عوامل اقتصادية وسياسية متداخلة تدفع المستثمرين والبنوك المركزية نحو الملاذ الآمن التقليدي.

تُعد مشتريات البنوك المركزية العالمية والطلب الاستثماري المتزايد من أبرز العوامل الدافعة لأسعار الذهب. يتجلى هذا الطلب الاستثماري القوي في التدفقات الكبيرة إلى صناديق الذهب المتداولة في البورصة والمدعومة ماديًا. وتساهم عدة عوامل في تعزيز هذا الإقبال الاستثماري:

• مشتريات البنوك المركزية المتزايدة.
• التقلبات في السياسة الأمنية الغربية.
• الحروب التجارية التي يشنها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مع دول أخرى.
• المخاوف بشأن استقلالية مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.

البنوك المركزية تعزز احتياطاتها من الذهب

تجاوز صافي مشتريات البنوك المركزية السنوية من الذهب 1000 طن متري كل عام منذ عام 2022، وفقًا لشركة “ميتالز فوكس” الاستشارية. وتتوقع الشركة أن تبلغ مشتريات البنوك المركزية 900 طن هذا العام، وهو ما يمثل ضعف المتوسط السنوي البالغ 457 طنًا المسجل في الفترة من 2016 إلى 2021. تسعى الدول النامية بشكل خاص إلى تنويع اقتصاداتها بعيدًا عن الدولار الأمريكي، وذلك بعد أن قامت العقوبات الغربية بتجميد ما يقرب من نصف احتياطيات روسيا الرسمية من العملات الأجنبية في عام 2022. يذكر مجلس الذهب العالمي، وهو هيئة صناعية، أن الأرقام الرسمية المُبلغ عنها لصندوق النقد الدولي لا تعكس سوى 34% فقط من إجمالي تقديرات طلب البنوك المركزية على الذهب لعام 2024. وقد ساهمت هذه الدول بنسبة 23% من إجمالي الطلب السنوي على الذهب في الفترة من 2022 إلى 2025، وهو ضعف متوسط حصتها خلال العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين.

تأثير ارتفاع أسعار الذهب على سوق المجوهرات

شهد الطلب على الذهب لأغراض المجوهرات، وهو المصدر الرئيسي للطلب المادي، انخفاضًا بنسبة 14% ليصل إلى 341 طنًا في الربع الثاني من عام 2025. ويُعد هذا أدنى مستوى له منذ الربع الثالث من عام 2020 الذي اجتاحته الجائحة، حيث أدى ارتفاع أسعار الذهب بشكل كبير إلى عزوف المشترين، وفقًا لمجلس الذهب العالمي. جاء هذا الانخفاض بشكل رئيسي من أكبر الأسواق الاستهلاكية في العالم، وهما الصين والهند، حيث تراجعت حصتهما السوقية مجتمعتين إلى أقل من 50% للمرة الثالثة فقط في السنوات الخمس الماضية. وتوقعت شركة “ميتالز فوكس” أن ينخفض تصنيع المجوهرات الذهبية بنسبة 9% ليصل إلى 2011 طنًا في عام 2024، ومن المتوقع أن يشهد انخفاضًا إضافيًا بنسبة 16% هذا العام.

التحولات في الاستثمار بالسبائك والعملات الذهبية

شهد سوق الاستثمار بالتجزئة تحولًا ملحوظًا في الإقبال على المنتجات الذهبية المختلفة، ومع ذلك، لا يزال إجمالي المشتريات في هذا القطاع يحافظ على قوته. فقد ارتفع الطلب الاستثماري على سبائك الذهب بنسبة 10% في عام 2024، بينما انخفض شراء العملات الذهبية بنسبة 31%، وفقًا لتقرير مجلس الذهب العالمي الذي أشار إلى استمرار هذا الاتجاه حتى هذا العام. تتوقع شركة “ميتالز فوكس” ارتفاع صافي الاستثمار المادي بنسبة 2% هذا العام ليصل إلى 1218 طنًا، مدعومًا باستمرار ارتفاع الطلب في آسيا وسط توقعات إيجابية لأسعار الذهب.

صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب تجذب تدفقات قياسية

أصبحت صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب (ETFs) مصدرًا متزايد الأهمية للطلب على المعدن النفيس هذا العام. وقد سجلت هذه الصناديق تدفقات بلغت 397 طنًا في الفترة من يناير إلى يونيو، لتُعد أكبر تدفق لها في النصف الأول من العام منذ عام 2020، بحسب مجلس الذهب العالمي. بلغ إجمالي حيازات صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب 3,615.9 طنًا بنهاية شهر يونيو، وهو الأكبر منذ أغسطس 2022، رغم أن الرقم القياسي كان 3,915 طنًا قبل خمس سنوات. وتتوقع شركة “ميتالز فوكس” أن يبلغ صافي الاستثمار في صناديق الذهب المتداولة 500 طن في عام 2025، وذلك بعد خروج سبعة أطنان من الاستثمارات في عام 2024.