لحظة حاسمة في حياة طفلك: الدخول المدرسي الأول.. مشاعر متقلبة ورهبة، كيف يتعامل معها الأطفال؟

مع بداية كل موسم دراسي جديد، يواجه الأطفال الصغار في مرحلة التعليم الأولي، من عمر ثلاث إلى أربع سنوات، تحديًا نفسيًا وعاطفيًا كبيرًا. فالدخول إلى بيئة مدرسية جديدة يختلف جذريًا عن دفء المنزل المألوف، يثير لديهم مشاعر مختلطة تتراوح بين الدهشة والقلق والخوف، مما يجعل الأيام الأولى محطة فارقة في مسارهم الطفولي. يتطلب هذا الانتقال تفهمًا ودعمًا من الأهل والمربين لمساعدة الصغار على التأقلم بسلاسة.

قلق الدخول المدرسي الأول: تجربة طبيعية للأطفال

يؤكد جبير مجاهد، الأستاذ والباحث في الشأن التربوي، أن الأطفال الذين يلتحقون بالمدرسة لأول مرة يعيشون حالة طبيعية من القلق أو الخوف. ينبع هذا الشعور من ابتعادهم عن الأسرة للمرة الأولى ودخولهم بيئة غير مألوفة. يشير مجاهد إلى أن هذه الوضعية النفسية قد تدفع الطفل إلى البكاء ورفض الذهاب إلى الفصل، والتمسك الشديد بالأم، ومقاومة الوضع الجديد، خاصة خلال الأيام أو الأسابيع الأولى من الدراسة.

اقرأ أيضًا: توضيح رسمي.. الأسباب الكاملة لتوقف راتب الضمان الاجتماعي المطور في السعودية 1447ه‍

ويضيف الباحث التربوي أن هذه المرحلة عادةً لا تستمر طويلًا، حيث يبدأ الطفل تدريجيًا في اكتساب القدرة على الاعتماد على نفسه، مما يعزز ثقته بنفسه. ويرى أن نجاح هذه التحولات يعتمد بشكل كبير على حسن استقبال الطفل وتهيئته للانخراط في الوسط المدرسي. مشددًا على أن تعامل الأساتذة في الأيام الأولى، وتقديم الابتسامة والعبارات التشجيعية ونبرة الصوت الحنونة، يلعب دورًا حاسمًا في شعور الطفل بالأمان وحبه للمدرسة منذ البداية، خصوصًا لهذه الفئة العمرية التي تكون أكثر حساسية.

كيف يتفاعل الأطفال مع بيئة الروضة الجديدة؟

تشير ندى الفضل، الأخصائية والمعالجة النفسية الإكلينيكية، إلى أن أول اتصال للطفل بالوسط المدرسي غالبًا ما يسيطر عليه قلق الانفصال. يشعر الطفل في هذه الفترة بالخوف والارتباك نتيجة ابتعاده عن والديه للمرة الأولى، وقد تظهر هذه المشاعر في صورة بكاء مستمر أو تمسك شديد بالأم أو رفض دخول الفصل.

اقرأ أيضًا: رسميًا.. 4 أيام عمل فقط في الأسبوع! السعودية تعلن موعد تطبيق القرار الجديد

وتوضح الفضل أن بعض الأطفال يظهرون فضولًا ورغبة في الاستكشاف، فالمدرسة تثير لديهم الشوق للتعرف على المكان والألعاب والرفاق الجدد. بينما قد يعيش آخرون حالة من الارتباك وفقدان الأمان بسبب صعوبة فهم القواعد الجديدة والشعور بالتهديد من وجود أشخاص جدد وسلطة المربية. وتعتبر الأخصائية أن التذبذب العاطفي، الذي يتجلى في تقلبات بين البكاء والضحك أو الرفض والقبول، يعد من أبرز السمات النفسية الطبيعية في هذه المرحلة المبكرة من تجربة الطفل المدرسية.

متى يصبح قلق الطفل مؤشراً على مشكلة حقيقية؟

تؤكد ندى الفضل أن قلق الانفصال والبكاء عند الذهاب للمدرسة يُعد طبيعيًا إذا استمر لبضعة أيام وحتى أسبوعين كحد أقصى، وبدأ الطفل تدريجيًا في التكيف مع المكان والتعبير عن مشاعره. كما أن ظهور علامات اندماج بسيطة، مثل اللعب أو الحديث مع الأطفال الآخرين أو الانخراط في الأنشطة المدرسية، يُعد مؤشرًا إيجابيًا على أن الطفل في طريقه للتأقلم.

اقرأ أيضًا: إدارة السمعة السياحية أصبحت حتمية.. الذكاء الاصطناعي يُغيّر قواعد اللعبة

لكنها تحذر من أن الوضع قد يتحول إلى مؤشر لمعاناة نفسية إذا استمرت الأعراض التالية لأسابيع دون أي تحسن، أو تفاقمت بشكل ملحوظ:

  • الرفض القوي والهلع عند الذهاب للمدرسة.
  • ظهور أعراض جسدية متكررة مثل التقيؤ وآلام البطن أو التبول اللاإرادي المرتبط فقط بالذهاب إلى المدرسة.
  • الانعزال التام وعدم التواصل مع المربية أو الأطفال.
  • السلوكيات العدوانية المبالغ فيها أو الانطواء الشديد.
  • الرفض المطلق للأكل أو اللعب داخل القسم.

وتشدد على أن هذه الحالات قد ترتبط باضطراب قلق الانفصال أو صعوبة في النمو العاطفي والاجتماعي. لذا، يُنصح بشدة باستشارة مختص إذا استمرت هذه الأعراض أو تفاقمت بشكل ملحوظ لتقديم الدعم اللازم للطفل.

اقرأ أيضًا: قفزة جديدة.. أسعار الذهب في السعودية اليوم 24 أغسطس 2025 تخالف التوقعات | عيار 21 يحقق تغييرًا مفاجئًا

إرشادات عملية لتهيئة الطفل نفسياً للمدرسة

للتخفيف من قلق الدخول المدرسي الأول وتعزيز تأقلم الأطفال الصغار، تقدم الأخصائية ندى الفضل مجموعة من الإرشادات العملية للوالدين والمعلمين:

  • **التهيئة المسبقة:** شرح فكرة المدرسة للطفل قبل بدء الدراسة باستخدام القصص المشوقة، أو إجراء زيارات قصيرة للمؤسسة التعليمية ليتعرف الطفل على المكان والمربيات.
  • **الانفصال التدريجي:** البدء بتقليل مدة بقاء الطفل في المدرسة خلال الأيام الأولى، ثم زيادتها تدريجيًا ليعتاد الطفل على فترات الغياب عن الوالدين.
  • **توفير الاطمئنان العاطفي:** إظهار التعاطف مع مشاعر الطفل وتأكيد أن الوالدين سيعودان لرؤيته بعد قليل، مما يمنحه شعورًا بالأمان.
  • **التعاون بين المربية والوالدين:** يجب أن تكون هناك رسائل مطمئنة ومتسقة من الطرفين، لتعزيز ثقة الطفل في البيئة الجديدة.
  • **جعل اليوم الأول ممتعًا:** الحرص على أن يكون اليوم الأول مليئًا بالأنشطة المرحة والألعاب التي تجذب الطفل وتجعله يحب المدرسة.
  • **تشجيع الإنجازات الصغيرة:** دعم الطفل والثناء على أي إنجاز بسيط يقوم به داخل الفصل، مهما كان صغيرًا، لتعزيز ثقته بنفسه.
  • **الحفاظ على الروتين اليومي:** المحافظة على روتين ثابت للطفل في الأكل والنوم خلال هذه الفترة الانتقالية لمساعدته على الشعور بالاستقرار.

دور المعلمين والوالدين في دعم تأقلم الأطفال

إن تكيف أطفال رياض الأطفال مع البيئة المدرسية يعتمد بشكل كبير على تضافر جهود المعلمين والوالدين. فالمعلمة التي تستقبل الأطفال بابتسامة دافئة وعبارات تشجيعية، وتتحدث بنبرة صوت حنونة، تساهم بشكل فعال في زرع بذور الأمان في قلوب الصغار. هذه السلوكات البسيطة تترك أثرًا إيجابيًا لديهم وتجعلهم يحبون المدرسة منذ البداية.

اقرأ أيضًا: شعار اليوم الوطني السعودي 95 .. هوية اليوم الوطني 95 وشعار الاحتفالات الجديد وفعاليات اليوم الوطني في المملكة

وفي المقابل، يلعب دور الوالدين في تهيئة الطفل نفسيًا قبل الدخول المدرسي دورًا محوريًا. فمن خلال شرح فكرة المدرسة وتوفير الدعم العاطفي، يمكن للأهل مساعدة أبنائهم على عبور هذه المرحلة الانتقالية بنجاح. التعاون المشترك بين المنزل والمدرسة هو مفتاح تخفيف قلق الانفصال لدى الأطفال الصغار وضمان تجربة تعليمية إيجابية وممتعة تساهم في نموهم العاطفي والاجتماعي السليم.